سياسية التوسع الامريكية، غرب فلوريدا انموذجا.
اعداد طالبة الدكتوراه/ قسم التاريخ 
اسماء حسن حسين السعدي 
 يرجع التشكل الجيوسياسي للولايات المتحدة الأمريكية الى ما قبل القرن الثامن عشر كإفراز لكل ما حواه من تحولات استراتيجية في تركيبة تلك الرقعة الجغرافية سياسيا، وفي عام 1776 وبعد حرب الاستقلال تكونت الولايات المتحدة الأمريكية معلنة حق الشعوب في  الثورة ضد الطغيان الداخلي والعدوان الخارجي منادية بحقوق الإنسان وحق تقرير المصير، ولكن سريعا ما تحولت هذه الدولة الى دولة صاحبة نهج توسعي نتيجة استيلاء ملاك العبيد وأصحاب المزارع والبرجوازيين الكبار على مقاليد السلطة.
شهدت الفترة  منذ عام 1776 حتى عام 1900ضم اراضي  للولايات المتحدة و أصبحت عشرة أضعاف أرضها السابقة وفي أواخر القرن التاسع عشر وجه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو رسالة الى الكونغرس قال فيها: “إن زيادة عظمة أمريكا وجبروتها يتوقف على ضم الأراضي الجديدة” وهو ما استغل فعلا فيما بعد لتبرير التوسع الأمريكي في أمريكا اللاتينية و كان هذا في زمن تقاسم العالم بين الدول الاستعمارية الكبرى آنذاك انجلترا وفرنسا ، فنهجت أمريكا سياسة التوسع نفسها.
كانت بريطانيا قد حصلت على منطقة غرب فلوريدا من إسبانيا وفرنسا في 1763 في معاهدة باريس التي وَضعت حدًّا لحرب السنوات السبع،  في نفس المعاهدة حصلت من إسبانيا على فلوريدا كلها، ومن فرنسا على أغلب لويزيانا الفرنسية شرق نهر المسيسيبي. لكنها وَجدت المنطقة أكبر من أن تُحكم كلها من عاصمة واحدة، فقسمتها إلى مستعمرتين جديدتين: غرب فلوريدا عاصمتها بينساكولا، وشرق فلوريدا عاصمتها سانت أوغسطين، وبعد 20 عامًا تخلى البريطانيون لإسبانيا عن المستعمرتين، عقب حرب الاستقلال الأمريكية، لكنهم لم يعيّنوا حدود غرب فلوريدا، التي كانت قد تغيرت في عهدهم في العهد البريطاني كانت الثورات من أجل الاستقلال في المستعمرات الإسبانية المتاخمة للحدود الأمريكية ،والتي بدأت عام 1808و عجلت الاحداث فيما بعد بقرار نابليون الاستيلاء على اسبانيا والاطاحة بملك بوربون فرديناند السابع Ferdinand VII فأدى هذا العمل في ايار1808، إلى اندلاع التمرد الشعبي في إسبانيا و في البداية اخذت المعارضة تنتشر في المقاطعات، ومع تقدم الجيوش الفرنسية في جميع أنحاء إسبانيا في صيف عام 1809، ضعفت الحركات المعارضة ،واصبحت اقل من تعارض الادارة الفرنسية، فشكلت هذه الأحداث ذات الأهمية القصوى سياسات الرئيس جيمس  ماديسون  اللاحقة تجاه الإمبراطورية الإسبانية في عام 1808 ادى الى اندلاع ثورة في هيدالغوhidalgo في ايلول 1810،وبالقرب من الولايات المتحدة، وبدا من المرجح أيضا أن تتبع الأحداث في فلوريدا الأنماط التي كانت تظهر في مستعمرات إسبانيا الأكبر حجما والأكثر اكتظاظا بالسكان ، وبينما كان الرئيس ماديسون ينتظر نتائج الأحداث في أوروبا، أجبرته الوتيرة الأسرع  للأحداث في الأيام الأولى من تموز1810على تغير سياسته، اذ وصلت أخبار الى الولايات المتحدة حول الانتفاضات في فنزويلا في 19 نيسان، وبدأت الصحف في نشر ترجمات للبيانات الصادرة عن المجلس العسكري في كاراكاس ، ثم قدمت صحيفة الإدارة هناك لقرائها “إعلان استقلال” لأمريكا الإسبانية، وقد احتوى على عدم الاذعان لأي سلطة في إسبانيا، وخلص البيان إلى أن شعب أميركا الإسبانية يجب أن يعلن أنه حر ومستقل ودعا حكوماته إلى ضمان سعادتها ومنحها مكانا للشرف والاحترام بين الدول المستقلة.
        ونتية لتوتر الاحداث وقعت إسبانيا والولايات المتحدة على معاهدة آدامز-أونيس( Adams-Onnis) ،في عهد الرئيس جيمس مونرو  وفي هذه المعاهدة تنازلت إسبانيا عن غرب وشرق فلوريدا للولايات المتحدة مقابل تعويضها من جانب المطالبات الأمريكية عن تكساس ،فصدقت إسبانيا على المعاهدة في 24 تشرين الاول 1820، والولايات المتحدة في 19 شباط 1821 ، دخلت المعاهدة حيز التنفيذ ، وبذلك حددت الحدود الحالية . 
من هنا فإن أمريكا هي إمبراطورية سلاحها الثروة إمبراطورية بنيت على النجاح الإقتصادي والفكر والتطبيق اللذين عززا ذلك النجاح ، كمثل العديد من تجارب النجاح في المجالات الأخرى ، يعتبر النجاح الاقتصادي الأمريكي بمعايير اليوم أمرا محتوما بل مقدرا إذا أن البلد يتمتع على الدوام بأراضي شاسعة تميزت بتنوعها وخصوبتها إلى جانب مخزونه الكبير من الموارد الطبيعية الوفيرة والموارد البشرية. 
 

شارك هذا الموضوع: