شعرية التساؤل في الشعر العراقي المعاصر
تعد بنية التساؤل الفلسفي شكل من أشكال التعبير الشعري المعاصر فرغبة الشاعر في معرفة الأشياء وتطلعه للتغيير وتمرده على الواقع بكل أنواعه جعله يكثر من التساؤلات في نصوصه الشعرية ،لان في السؤال رغبة الشاعر((في كشف رؤى جديدة في عالم الشعر,عن لغة جديدة تتأبى الجاهز من أساليب القول والانفتاح على بلاغات الشعر الجديدة ، الذي يبنى فرادته لبلاغات الماضي وأطره التقليدية ))
فتتعمق الرؤية الشعرية بتأملات وانساق صوفية متنوعة .
وتتبدد أسئلة الشاعر المكثفة في مساحات المتن الشعري بشفرات شعرية متغايرة ، فهو في إشارة الحرب لايدرك مالذي يفعله لشعوره بضياع كل شيء مما يثير دهشة القارئ حول نزعات صوفية خالصة يوجه شكواه لله تعالى بأسئلته الكثيرة :
 
إشارة الحرب
 
 
 
إلهي،
توقّفَ الملكُ عن إعلان حربه الجديدة
حينَ سمعَ بمقتلِ آخر جنديّ
في جيشه المهزوم.
إلهي،
هل أشبهُ هذا الملك المجنون؟
أم أشبهُ هذا الجنديّ المقتول؟
أم أشبهُ هذه الحرب التي لم تحدثْ أبداً،
أعني هذه الحرب التي تحدثُ كلّ يوم؟
 
نجد في المقطوعة أعلاه حوار الشاعر مع نفسه الضائعة مبني على التساؤلات الغريبة والجدال الصاخب بينهما وسط تلك الصراعات التي تحدث فهو لا يعلم يشبه  من بين ملك يعشق الحروب او جندي ضحايا تلك الحروب اما ماذا ؟؟؟ فتلك أسئلة وجودية تثير فوضى الحياة ودمارها في نفسه وتحفز الرؤية الشعرية التي يبلور معناها بأسئلة كثيرة لايصل الى جواب منها سوى البحث عن الوجود المثالي بعيدا عن فوضى الحياة .
 
ونجد عمق الرؤى الصوفية عنده في تساؤلاته المشفرة عن هويته الغامضة في إشاراته الحروفيه السين  :
 
إشارة السِّين
 
 
 
إلهي،
رأيتُ السِّينَ تفّاحةَ حُبٍّ
تبسّمتْ إليَّ وأشارتْ.
لكنّي تذكّرتُ حرفَكَ الأعظم
فاحرنجمتُ
ونزلتُ من الدرجِ أجرُّ خطاي
مرتبكاً محروماً مذهولاً.
إلهي،
من بعد سنين وسنين،
أسأل: هل كنتُ محظوظاً
إذ فارقتُ التُّفَّاحة وسطَ السِّين
وأنا الجائعُ حدّ اللعنة؟
هل حفظني المشهدُ هذا
مِن مشهدِ ما لا يُقال؟
هل آواني حيّاً

شارك هذا الموضوع: