صنوف القيم وطبيعتها وعلاقتها ببعضها
[۱] – صنوف القيـم :
تقوم الأشياء وتعد باعتبارها غايات في ذاتها، وقد تقوم باعتبارها وسائل لتحقيق غايات، والمبحث الأول هو الذي يدخل في نطاق البحث الاكسيولوجي الفلسفي. باعتبارها غايات فيذاتها . وقد صنفها الباحثون إلى ثلاثة صنوف الحق، والخير، الجمال وأضاف البعض التقديس الديني Holiness قيمة رابعة، وقد اختلف الباحثون بصدد القيمة الرابعة، فمنهم من رآها نمطاً فريداً من القيم منهم شيلر وأوتو، ومنهم من رآها مجرد اتجاه نحو القيم الأخرى، كانط وهفونج، ومنهم من رآها مزاجاً منهما معاً هوكنج، ويرى آخرون أن وظيفة الدين هي المحافظة على القيم الثلاثة الحق، والخير، والجمال ونحن مع الرأي الأخير ونرى أن الدين أو الاعتقاد سمة إنسانية لتوجيه الإنسان نحو هذه القيم الثلاث، إذ تتبلور القيم من خلال التصور الاعتقادي لهذه القيم . إذ إننا نرى أن الإنسان يسير عبر ثلاثة طرق ومحاور ليترقى من خلال اعتقاد، واختيار، وإبداع. والإنسان هو الكائن الوحيد المعتقد والمختار والمبدع عليه أن يسلك الطريق من خلال :
۱ – خشية في الاعتقاد بتقوى ورعة من خلال الحق،
۲ ـ وحرية في الاختيار بإرادة خيرة من خلال الخير ،
۳ – وروعة في الإبداع برهبة جلالية من خلال الجمال .
[۲] – طبيعة القيـم :
القيم صنفان: صنف يتلمس لذاته ويطلب كغاية ويكون مطلقاً لا يحده زمان ولا مكان، وصنف نسبي ينشده الناس كوسيلة لتحقيق غاية ولهذا يختلف باختلاف حاجات الناس ومطالبهم .
فجمال الزهرة يقوم لذاته، وقيمة العربة مرهونة بما تؤديه من خدمات. الصنف الأول جمال الزهرة يطلق عليه اسم القيم الباطنية الذاتية، ويسمى الثاني خدمات العربة بالقيم الخارجية .
وعن الصنف الأول نشأت مشاكل فلسفية في دنيا القيم وهو وحده المعني في بحثنا، لأن ثاني الصنفين يستبعد من الدراسات الفلسفية لأننا نتحدث عن الحق والخير والجمال باعتبارها غايات في ذاتها لا وسائل لتحقيق غايات .
وقد اختلف الباحثون بصدد هذه القيم :أهي صفات عينية للأشياء بمعنى أن لها وجوداً مستقلاً عن العقل ، لأننا نتحدث عن الحق والخير والجمال باعتبارها غايات في ذاتها لا وسائل لتحقيق غايات .
وقد اختلف الباحثون بصدد هذه القيم :ىاهي صفات عينية للأشياء بمعنى أن لها وجوداً مستقلاً عن العقل الذي يدركها؟ ، أم هي وضع العقل واختراعه؟
ویری ولف ان هذه القيم عينية أكثر منها معاني عقلية. وقال آخرون أنها نسبية خالصة مردها إلى الفرد، ومن ثم كان اختلافها باختلاف الزمان والمكان والظروف والأحوال، وبهذا الاعتبار الثاني النسبي يمتنع وجود حق بالذات لأن الحق إنما يكون بالقياس إلى تفكيرنا أو شعورنا، ومثل هذا يقال في الخير والجمال يقول بذلك آير . ونحن نرى أن القيم ليست ذاتية خالصة ولا موضوعية صرفاً، إن فيها عنصراً ذاتياً، ولكن مردها إلى صفة في الموضوع توجب الحكم عليه بأنه حق أو خير أو جميل .
[۳] – علاقة القيم ببعضها :
۱ – التوحيد بين الحق والخير :
وحده بعض الباحثين بين الحق والخير، فوصفوا علم الأخلاق بأنه منطق السلوك Logic Of Conduct لأنه يدرس شروط تناسق السلوك مع المثل العليا، كما يدرس علم المنطق تناسق الفكر مع مستوياته .
ولم يرق التوحيد بين الخير والحق عند بعض الباحثين ودعوا إلى الاستغناء بأحد اللفظين عن الآخر، فلا يجوز أن نقول: أن من الخير أن يقال إن الكل أكبر من جزئه أو إن ٢ + ٢ = ٤، أو غيرهامن الحقائق التي يستغني فيها عن لفظ الخير حيال هذه الحقائق .
[۲] ـ التوحيد بين الحق والجمال :
اتجه بعض الباحثين إلى التوحيد بين الحق والجمال على أن وظيفة الفنون أن تحاكي الطبيعة ، أكد ذلك افلاطون بأن الذين تقليد لأشياء طبيعية نفسها تحافي مثلها، كما وأن الشعر منه أرسطو مرجعه إلى أمور منها غريزية التقليد في الإنسان ، وأنكر هذا الاتجاه بعض الباحثين مؤكدين أن هايد الفن الجمال وأن وظيفة الفنان لا تقوم على تقليد الطلبيعة ومحاكاتها بل مهمته أن يضيف عليها جمالاً من خياله وتصوراته، وهنا يفترق الفن من العلم، فغاية العلم اكتشاف الحقيقة ، ونهاية الفن التعبير منالجمال .
وأن جمال القطعة الفنية لا يقاس بمدى مطابقته للواقع ـ فإن هذا هو معيار الصدق في العلم لا في الفن – وإذا كنا ننشد الصدق في الفن فإن هذا الصدق معنى يختلف عن معناه في العلم أو الفلسفة، يراد به في الفن صدق التعبير عن شعور فردي سليم،وفن أصيل صادر عن فنان أصيل.
[3] – التوحيد بين الجمال والخير:
وحد بعض الباحثين بين الخير والجمال وهو اتجاه قديم، فقد استخدم اليونانيون لفظاً واحداً للتعبير عن الجمال والنبل الأخلاقي كما أنهم يوحدون بين الكمال والجمال .
وقد امتزجت عند اليونان فلسفة الجمال بفلسفة الأخلاق، فاعتبر الرواقية الجميل هو وحده الكامل في عرف الأخلاق . وقد عالج هاربت علم الأخلاق باعتباره فرع من علم الجمال.
م.م علي سلمان عواد قسم العلوم التربوية والنفسية