ظاهرة المد الأحمر في البحار والمحيطات( الأسباب والتأثيرات وسبل التخفيف)
م.م أنفال خضير عباس خلف الحداد 
anfaal.k@uokerbala.edu.iq
       قسم الجغرافية التطبيقية -كلية التربية للعلوم الإنسانية -جامعة كربلاء
       المد الأحمر هو ظاهرة طبيعية تحدث في البيئات البحرية، حيث تتكاثر الطحالب الضارة (HABs) بشكل مفرط، مما يؤدي إلى عواقب بيئية واقتصادية وصحية خطيرة. يستكشف هذا المقال أسباب حدوث المد الأحمر، وتأثيراته البيئية والاجتماعية والاقتصادية، واستراتيجيات التخفيف الممكنة للحد من أضراره.
     و يُستخدم مصطلح المد الأحمر لوصف تغير لون مياه البحر بسبب النمو المفرط لبعض أنواع العوالق النباتية، وخاصة الدينوفلاجيلات (dinoflagellates). يمكن أن تنتج هذه الطحالب سمومًا تؤثر سلبًا على الحياة البحرية وصحة الإنسان والاقتصادات الساحلية. وعلى الرغم من توثيق المد الأحمر لعدة قرون، إلا أن تكراره وشدته يبدوان في ازدياد، ربما بسبب التغيرات المناخية والأنشطة البشرية.
      و تتأثر حدوث ظاهرة المد الأحمر بمجموعة من العوامل الطبيعية وأخرى من صنع الإنسان، منها:
 1- زيادة المغذيات (الإثراء الغذائي) Eutrophication : تؤدي مياه الصرف الزراعي والصناعي والمنزلي إلى زيادة تركيز النيتروجين والفوسفور في المياه الساحلية، مما يخلق بيئة مثالية لنمو الطحالب.
2-الظروف المحيطية: و تؤثر درجة حرارة المياه، والملوحة، والتيارات البحرية على توزع واستمرار تكاثر الطحالب. وتساهم درجات الحرارة الدافئة، المرتبطة بالتغير المناخي، في تعزيز نمو المد الأحمر.
3- التيارات البحرية والتفاعلات الساحلية: تؤدي عملية الرفع الساحلي (Upwelling) إلى جلب المياه العميقة الغنية بالمغذيات إلى السطح، مما يوفر بيئة مثالية لازدهار الطحالب.
 4- التفاعلات البيولوجية: بعض أنواع العوالق النباتية طورت آليات للبقاء والتكاثر في ظروف محددة، مما يجعلها قادرة على التفوق على الكائنات الدقيقة الأخرى. وتنتج بعض أنواع الدينوفلاجيلات سمومًا كآلية دفاعية، إلى جانب قدرتها على التلألؤ الحيوي (Bioluminescence).
     كما و تؤثر ظاهرة المد الأحمر بشكل كبير على النظم البيئية البحرية وصحة الإنسان والاقتصادات التي تعتمد على الموارد الساحلية ، ومن ابرز التأثيرات لظاهرة المد الأحمر : 
1- التأثيرات على الحياة البحرية:
  • تقوم بعض أنواع الدينوفلاجيلات بإنتاج سموم مثل البريفيتوكسينات (Brevetoxins) والساكسيتوكسينات (Saxitoxins)، التي قد تكون قاتلة للأسماك والمحار والثدييات البحرية والطيور.
  • تؤدي هذه الظاهرة إلى نفوق جماعي للأسماك نتيجة نقص الأكسجين وتراكم السموم في المياه.
  • تتراكم السموم في الكائنات البحرية مثل المحار، مما يجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري.
 
2- المخاطر الصحية على الإنسان:
  • يؤدي التعرض المباشر لسموم المد الأحمر، سواء من خلال استنشاق الرذاذ السام أو تناول المأكولات البحرية الملوثة، إلى مشكلات صحية تشمل اضطرابات الجهاز التنفسي والأعصاب، مثل التسمم الصدفي المسبب للشلل (PSP) والتسمم الصدفي العصبي (NSP).
  • يمكن أن يعاني سكان المناطق الساحلية من تهيج الجهاز التنفسي، خاصة الأفراد الذين يعانون من أمراض مثل الربو.
 
  1. التأثيرات الاقتصادية والسياحية: 
  • تعاني صناعة الصيد وتربية الأحياء المائية من خسائر كبيرة بسبب تلوث المنتجات البحرية.
  • تؤثر ظاهرة المد الأحمر على السياحة، حيث تؤدي إلى إغلاق الشواطئ وتغير لون المياه، مما يثني الزوار عن القدوم إلى المناطق الساحلية.
  • تتطلب جهود التنظيف والمراقبة استثمارات مالية كبيرة من قبل الحكومات والقطاع الخاص.
 
      و تتطلب مواجهة ظاهرة المد الأحمر نهجًا يجمع بين المراقبة المبكرة، والبحث العلمي، والسياسات البيئية الفعالة ومن اهم الاستراتيجيات لتخفيف من الظاهرة وادراتها :
 
1-الاكتشاف المبكر والمراقبة ويشمل : 
  • تُستخدم صور الأقمار الصناعية وبرامج مراقبة جودة المياه لاكتشاف المد الأحمر قبل أن يصل إلى مستويات خطيرة.
  • تساعد التحذيرات الصحية والإبلاغ الفوري عن انتشار المد الأحمر في اتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة.
 
2- تقليل التلوث الغذائي ويشمل :
  • تحسين أنظمة معالجة مياه الصرف الصحي والحد من الجريان السطحي الزراعي يمكن أن يقلل من دخول المغذيات إلى البيئات الساحلية.
  • تشجيع الممارسات الزراعية المستدامة وتقليل استخدام الأسمدة الزائدة يساعد في منع الإثراء الغذائي للمياه.
 
3-  الأساليب البيولوجية والكيميائية للسيطرة على المد الأحمر ويشمل :
  • يعمل الباحثون على استخدام بكتيريا متخصصة وتقنيات نشر الطين في المياه لتفكيك الخلايا الطحلبية الضارة.
  • تحتاج هذه الطرق إلى تقييم دقيق لتجنب أي اضطرابات بيئية غير مقصودة.
 
4- التوعية العامة وتطوير السياسات ويشمل :
  • يساعد توعية المجتمعات حول أسباب وتأثيرات المد الأحمر في تعزيز الممارسات البيئية المسؤولة.
  • يتطلب التحكم في مصادر التلوث وتخصيص التمويل للأبحاث العلمية جهودًا حكومية وتعاونًا دوليًا.
 
   وفي الختام يمكننا القول ان  المد الأحمر هو ظاهرة بيئية معقدة لها تأثيرات واسعة النطاق على النظم البيئية البحرية، والصحة العامة، والاقتصادات الساحلية. وعلى الرغم من أن العوامل الطبيعية تلعب دورًا في حدوثها، إلا أن الأنشطة البشرية زادت من تكرارها وشدتها. ، لذا يتطلب الحد من أضرار المد الأحمر نهجًا متعدد التخصصات يشمل البحث العلمي، ومراقبة التلوث، ومشاركة المجتمعات المحلية. ومن خلال تنفيذ سياسات بيئية مستدامة وتحسين أنظمة الرصد، يمكن التقليل من التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة وحماية التنوع البيولوجي البحري.
 
المراجع:
  1. Anderson, D. M., Cembella, A. D., & Hallegraeff, G. M. (1998). Physiological Ecology of Harmful Algal Blooms. Springer-Verlag.
  2. Anderson, D. M. (1994). “Red tides.” Scientific American, 271(2), 62-68.
  3. Anderson, D. M., Glibert, P. M., & Burkholder, J. M. (2002). “Harmful algal blooms and eutrophication: Examining linkages from selected coastal regions of the United States.” Harmful Algae, 1(1), 21-32.
  4. Anderson, D. M., et al. (2008). “Harmful algal blooms and ocean observing systems: Needs, present status and future potential.” Harmful Algae, 7(5), 717-730.
  5. Glibert, P. M., et al. (2005). “The global, complex phenomena of harmful algal blooms.” Oceanography, 18(2), 136-147.
  6. Hallegraeff, G. M. (1993). “A review of harmful algal blooms and their apparent global increase.” Phycologia, 32(2), 79-99.
  7. Hallegraeff, G. M. (2010). “Ocean climate change, phytoplankton community responses, and harmful algal blooms: a formidable predictive challenge.” Journal of Phycology, 46(2), 220-235.
  8. Heisler, J., et al. (2008). “Eutrophication and harmful algal blooms: A scientific consensus.” Harmful Algae, 8(1), 3-13.
  9. Sellner, K. G., Doucette, G. J., & Kirkpatrick, G. J. (2003). “Harmful algal blooms: causes, impacts and detection.” Journal of Industrial Microbiology and Biotechnology, 30(7), 383-406.
  10. Smayda, T. J. (1997). “Harmful algal blooms: their ecophysiology and general relevance to phytoplankton blooms in the sea.” Limnology and Oceanography, 42(5part2), 1137-1153.

شارك هذا الموضوع: