عتبة العنوان في رواية “الشوك والقرنفل”: دراسة سيميائية
م.م رؤى يعقوب لفتة
تُعدّ عتبة العنوان مدخلاً مهماً لفهم النص الأدبي، خاصةً في الرواية، حيث تُشكّل أولى العلامات التي تُصادف القارئ، وتُؤثّر على توقعاته وقراءاته اللاحقة. تُوظّف رواية “الشوك والقرنفل” للكاتب يحيى السنوار عتبة العنوان بشكلٍ دقيقٍ يُحيل إلى ثيمات الرواية الجوهرية ويُمهّد لفهمٍ أعماق للنص.
عتبة العنوان من منظور سيميائي:
تُشكّل عتبة العنوان علامةً لغويةً مُركّبة من كلمتين: “الشوك” و”القرنفل”.
كما ترتبط الكلمتان بدلالاتٍ مُتضادة، فالشوك يُشير إلى الألم والقسوة، بينما يُشير القرنفل إلى الجمال والرقة. وتُشير عتبة العنوان إلى ثنائيةٍ رئيسيةٍ في الرواية، وهي ثنائية الألم والجمال، أو القمع والحرية.
وتُشير الرواية إلى واقعٍ مصيريّ مُعقّد، مليءٍ بالصراعات والتناقضات، حيث يُعاني الفرد من الظلم والقمع، لكنّه يسعى في نفس الوقت إلى الحرية والجمال.
تحليل مكونات عتبة العنوان:
الشوك:
* الدال: الشوك نباتٌ شائكٌ يُسبب الألم عند لمسه.
* المدلول: يُشير الشوك إلى:
* القمع: يُرمز إلى النظام السياسيّ القمعيّ الذي يُقيّد حرية الأفراد.
* الظلم: يُشير إلى الظلم الاجتماعيّ والاقتصاديّ الذي يُعاني منه الشعب.
* الألم: يُعبّر عن معاناة الشخصيات في ظلّ الواقع الصعب.
* القرنفل:
* الدال: القرنفل زهرةٌ جميلةٌ ذات رائحةٍ عطرة.
* المدلول: يُشير القرنفل إلى:
* الحرية: يُرمز إلى رغبة الفرد في التحرر من القيود. كما يُشير إلى الجمال الروحيّ والأخلاقيّ الذي يسعى إليه الأفراد. ويُعبّر عن الأمل في مستقبلٍ أفضل، ينعم فيه الشعب بالحرية والكرامة.
ثالثاً: وظائف عتبة العنوان:
* الوظيفة الإخبارية: تُخبر عتبة العنوان القارئ عن موضوع الرواية، وهو الصراع بين الألم والجمال، أو القمع والحرية.
* الوظيفة الإغرائية: تُثير عتبة العنوان فضول القارئ لمعرفة المزيد عن الرواية، وكيف تتناول هذا الصراع.
* الوظيفة التأويلية: تُوجّه عتبة العنوان القارئ إلى قراءةٍ تأويليةٍ للرواية، حيث يُمكن فهم الأحداث والشخصيات من خلال ثنائية الشوك والقرنفل.
* الوظيفة الرمزية: تُشير عتبة العنوان إلى رمزيةٍ عميقةٍ في الرواية، حيث يُمكن اعتبار “الشوك” رمزاً للواقع القاسي، و”القرنفل” رمزاً للأمل في مستقبلٍ أفضل.
رابعاً: علاقة عتبة العنوان بباقي مكونات النص:
* الشخصيات: تُجسّد شخصيات الرواية ثنائية الشوك والقرنفل، فبعضها يُعاني من القمع والظلم (الشوك)، بينما يسعى البعض الآخر إلى الحرية والجمال (القرنفل).
* الأحداث: تُعكس أحداث الرواية الصراع بين القوى المُعادية للحرية (الشوك) والقوى المُطالبة بها (القرنفل).
* الفضاء: يُساهم الفضاء الروائيّ، بتنوعه واختلافه، في تجسيد ثنائية الشوك والقرنفل، حيث نجد أماكن تُجسّد القمع والظلم (السجون، الأحياء الفقيرة)، وأماكن تُجسّد الجمال والأمل (الحدائق، بيوت المُثقفين).
تُوظّف لغة الرواية ثنائية الشوك والقرنفل من خلال استخدام المُفردات المُتضادة، والصور الشعرية التي تُعبّر عن الألم والجمال في نفس الوقت.يُمكن مُقارنة عتبة العنوان في رواية “الشوك والقرنفل” مع عتباتٍ أخرى في الأدب العربيّ تُوظّف ثنائية الضدّين، مثل: “الخبز الحافي” لمحمد شكري: تُشير عتبة العنوان إلى ثنائية الجوع والفقر من جهة، والرغبة في الحياة من جهة أخرى.و “الحرب والسلام” لليو تولستوي: تُشير عتبة العنوان إلى ثنائية الصراع بين الحرب كرمزٍ للدمار، والسلام كرمزٍ للبناء.
تُشكّل عتبة العنوان في رواية “الشوك والقرنفل” مفتاحاً مهماً لفهم النص، حيث تُشير إلى ثنائيةٍ جوهريةٍ تُسيطر على الرواية بأكملها. تُساهم الدراسة السيميائية لعتبة العنوان في الكشف عن الدلالات العميقة للنص، وفهم وظائفه المُتعددة، وعلاقته بباقي مكونات الرواية. كما تُساعد هذه الدراسة في إبراز براعة الكاتب في توظيف اللغة والرمز لخلق نصٍ أدبيّ غنيّ بالمعاني والتأويلات.