علاقات الصين الاستراتيجية مع دول البحر الكاريبي
  م.د. نور حسين الرشدي                                                  Noor.hussain@uokerbala.edu.iq
‏        تعود علاقات الصين مع دول البحر الكاريبي إلى ما يقارب 54 عام أي منذ العام ١٩٧١، وكانت في البداية عبارة عن علاقات وروابط ثقافية أكثر منها علاقات اقتصادية لكنها تطورات في الآونة الأخيرة لتشمل العلاقات الاقتصادية، فيرى بعض الباحثين بأن الصين تروم من خلال هذا التوجه الى خلق فرص عمل لسكانها الذين فاق عددهم المليار و300 مليون نسمة، إضافة الى تصريف الفائض من المنتجات فبالتالي فتح أسواق جديدة، وارباح مقابل الاستثمارات في تلك الدول إضافة الى خلق أصدقاء في المجتمع الدولي ، فيما يرى البعض الى ان هنالك دوافع سياسية ودبلوماسية تتعلق بتايوان وسعي الصين المستمر حتى تكون قوى عظمى سياسياً واقتصاديا، ويأتي اهتمام دول البحر الكاريبي بالصين من عدة جوانب ومن أهمها :
  1. ترى دول منطقة البحر الكاريبي ان الصين دولة وسيطة بين منطقة البحر الكاريبي والدول المتقدمة في المحافل الدولية وهي قادرة على سد الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية إضافة الى إمكانيات الصين الاقتصادية التي تستطيع من خلالها مساعدة هذه المنطقة .
  2. ترى دول الكاريبي في الصين بديل مهم لتقديم المساعدات الانمائية عن تلك التي تقدمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي قل اهتمامهم بهاعلى الرغم من موقعها الجغرافي البالغ الاهمية مقارنة بأفريقيا التي حظيت باهتمام كبير من قبل تلك الدول، وقد شهدت منطقة البحر الكاريبي تراجعاً في الاهتمام والمساعدات الأميركية منذ بداية التسعينيات، وتنجذب دول الكاريبي إلى سياسة الحياد الصينية وسياسة عدم التدخل ، إضافة الى القروض الصينية وما تقدمه من تسهيلات لتلك الدول وبالتالي تمثل الصين إلى جانب اللاعبين الآخرين في منطقة البحر الكاريبي، ثقلًا موازنًا للنفوذ الاقتصادي والسياسي للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية في منطقة البحر الكاريبي . 
اما بالنسبة للمصالح الصينية في دول البحر الكاريبي  فتتمثل في الابعاد التالية :
 1.الأبعاد الاقتصادية وتتمثل في ثلاث أنواع من الاستثمارات الصينية في منطقة البحر الكاريبي 
أ -الشركات الصينية التي لها تأثير كبير في اقتصاد المنطقة وتستثمر هذه الشركات في قطاعات مثل السياحة في جزر البهاما وبربادوس، وفي قطاع صناعة النفط في غيانا .
ب-الشركات الصينية التي تستثمر في بعض الصناعات، وقد تمكنت هذه الشركات من خفض التكاليف التي تتعلق بالإنتاج كما هو الحال في جامايكا، وقد ساعدت الاستثمارات الصينية التي تجاوزت 260 مليون دولار أمريكي في الحفاظ على قطاع السكر في الدولة قائمًا لعدة سنوات، وقد تضمن استراتيجية هذه الشركة الصينية خفض التكاليف واستخدام العمالة الصينية بمستويات مختلفة من التأهيل، مع الطلب على العمالة المحلية. 
ج-النوع الثالث من الاستثمار الصيني ينطوي على مزيج من شركات التمويل والبناء الحكومية الصينية وقد حققت شركات البناء الصينية أولى خطواتها في المنطقة في العام 2007  ، وكما يشارك المقاولون الصينيون في توسيع الموانئ والمطارات (مثل أنتيغوا وبربودا ، وغيانا) ، وبناء الطرق (في جزر الباهاما ، وجامايكا) ، وبناء وإعادة تأهيل الفنادق والمنتجعات (مثل جزر البهاما ، باربادوس ، غيانا)، تطوير المباني الحكومية والمستشفيات (مثل أنتيغوا وبربودا وترينيداد وتوباغو) .
  1. الأبعاد العسكرية : لقد اولت الصين اهتماماً كبيراُ بالمشاركة الأمنية الإقليمية ، وقد أدى هذا إلى إثارة القلق بين صناع السياسات والمسؤولين العسكريين في الولايات المتحدة، وقد صرح قائد القيادة الجنوبية الأمريكية، الجنرال لورا ريتشاردسون، بأن “الصين تتواجد اقتصاديًا وتجهز جيران الولايات المتحدة في نصف الكرة الأرضية عسكريًا”، وقد تم تسليط الضوء على المشاركة الأمنية للصين مع منطقة البحر الكاريبي في كتابها الأبيض للسياسة لعام 2008، والكتاب الأبيض لاستراتيجية الدفاع لعام 2015، والكتاب الأبيض لاستراتيجية الدفاع لعام 2019، وذكر كتابها الأبيض للسياسة لعام 2016 أن الصين “ستقوم بنشاط بالتبادلات العسكرية والتعاون مع دول منطقة البحر الكاريبي … وأصبح تبادل المعدات العسكرية والتدريب العسكري أمرًا شائعًا بعد توقيع اتفاقية المساعدات العسكرية، وقد تلقت ترينيداد وتوباغو سفينة دورية بحرية، و1.1 مليون دولار من الإمدادات و200 دراجة نارية للشرطة في عام 2019، وبالمثل، قدمت الصين لغويانا طائرتين صينيتين من طراز هاربين واي-12 وسيارات شرطة ومعدات بناء عسكرية بقيمة 1.2 مليار دولار في عام 2017، وقد احتفظت الصين بقوات بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في هايتي، لكن لم يتم إنشاء قاعدة عسكرية صينية رسمية في منطقة البحر الكاريبي بعد، وتعد كوبا حاليًا مركز الوجود العسكري الصيني وزيارات الموانئ والتدريبات المشتركة في منطقة البحر الكاريبي.
خلاصة ذلك فان منطقة البحر الكاريبي هي ساحة جديدة للتنافس الأمريكي الصيني في العالم ، بعيدا عن الساحات التقليدية في المحيط الهادي والاطلسي والهندي ، نظرا لكون هذه المنطقة تمثل الفناء الخلفي للولايات المتحدة ومن الممكن ان تشهد تطورات سياسية في المستقبل خاصة بعد إعادة انتخاب الرئيس ترامب .
















ان التوجه الصيني نحو الكاريبي ينطلق من عدة محاور استراتيجية مهمة 


شارك هذا الموضوع: