علم اللغة الإدراكي (Cognitive Linguistics)
 
يُعد علم اللغة الإدراكي فرعًا حديثًا من علم اللسانيات وهو يهتم بدراسة العلاقة بين اللغة والعقل. يفترض هذا العلم أن اللغة لا تُفهم بشكل معزول وانما هي مرتبطة بالإدراك البشري والتجربة الحياتية. يركز علم اللغة الإدراكي على المعنى والسياق على عكس النظريات التشكيلية. يتعامل هذا الفرع مع اللغة على انها كجزء من الإدراك العام وليست نظامًا مستقلًا.
أحد المبادئ الأساسية في هذا المجال هو أن المعاني اللغوية تُبنى من خلال الخبرة والتفاعل مع العالم. لذلك يعتمد المتحدث على مفاهيم عقلية تُعرف باسم “الإطارات” أو “النماذج المعرفية”. فعلى سبيل المثال، عند سماع كلمة “حرب”، قد تتبادر إلى الذهن صور ومشاعر تعتمد على خبرات سابقة وليس فقط تعريفًا قاموسيًا.
من المفاهيم المهمة أيضًا “الاستعارة المفهومية” (conceptual metaphor). يرى جورج لاكوف ومارك جونسون أن التفكير نفسه استعاري. فعندما نقول “الوقت مال”، نحن لا نصف الوقت فعليًا، بل نستخدم استعارة لفهمه بشكل ملموس (Lakoff & Johnson, 1980). هذه الاستعارات تكشف عن كيفية تنظيم العقل للمعاني. علم اللغة الإدراكي يهتم كذلك بالتركيب النحوي بوصفه امتدادًا للمعنى، وليس كقواعد منفصلة. في هذا السياق، ترى لانغايكر (Langacker, 1987) أن البنية النحوية تمثل طرقًا لتشكيل المعنى داخل الذهن.
خلاصة القول، علم اللغة الإدراكي يقدّم رؤية شاملة للغة بوصفها أداة عقلية واجتماعية مرتبطة بالتجربة الإنسانية. وهو يفتح آفاقًا لفهم اللغة ليس فقط كنظام، بل كمرآة للعقل البشري.
 
المراجع
Lakoff, G., & Johnson, M. (1980). Metaphors we live by. University of Chicago Press.
Langacker, R. W. (1987). Foundations of cognitive grammar: Theoretical prerequisites. Stanford University Press.
 
م. د. علي حسين عبد الامير المنكوشي

شارك هذا الموضوع: