علي بن منجب ؛ المعروف بابن الصيـرفيّ ، من أعلام الدولة الفاطميّة
ا.د محمد حسين عبد الله المهداوي
كلية التربية للعلوم الإنسانية – قسم اللغة العربية
ابن الصيرفي هو الشيخ ، تاج الرئاسة ، أبو القاسم ، علي ، بن منجب ، بن سليمان ، الأنصاري ، المعروف بابن الصيرفي() ، نسبة إلى مهنة أبيه الذي كان يمتهن الصيرفة ، ولد ” في يوم السبت الثاني والعشرين من شعبان سنة ثلاث وستين وأربعمائة ، … وأخذ صناعة الترسل عن ثقة الملك أبي العلاء صاعد بن مفرج ، وتنقّل حتى صار صاحب ديوان الجيش ، ثم انتقل معه إلى ديوان الإنشاء ، ومات الشريف سناء الملك أبو محمد الزيدي الحسني ، ثم تفرّد بالديوان فصار فيه بمفرده “() ، وذكر ياقوت الحموي ( ت626هـ) أنَّ الأفضل بن بدر الجمالي استخدمه في ديوان المكاتبات ، وأنَّه رفع من قدره وشهرته بين الناس وكان له الفضل في تفرّده بديوان الإنشاء الذي بقي فيه حتى بعد وفاة الأفضل() ، وذكر السيوطي ( ت911هـ) أنَّه ” لما توفي المستعلي أحضر الأفضل أبا علي ، وبايعه بالخلافة ، ونصّبه مكان أبيه ، ولقَّبه بالآمر بأحكام الله ، وكان له من العمر خمـس سنين ، وشهر ، وأيّام ، فكتب ابن الصيرفي الكاتب السجل بانتقال المستعلي وولاية الأمر “().
وقد أشاد بابن الصيرفي كلُّ من ترجم له ، وأعجبوا به ، وبفنه الأدبي ، وطريقته في الكتابة ، فقال أبو طاهر السلفي ( ت576هـ ) : ” من أجلاّء الكتّاب وأعيان أهل الأدب … “()، وقال عنه ياقوت الحموي: ” أحد فضلاء المصريين وبلغائهم، مسلّم له ذلك غير منازع، … “() ، وقال عنه الصفدي ( ت 764هـ ) : ” كان أحد كتاب المصريين وبلغائهم… واشتهى هو الكتابة، فمهر فيها، وكتب خطا مليحا، واشتهر ذكره، وخطه معروف”()، وقال عنه المقريزي ( ت845 هـ): ” وله الإنشاء البديع ، والشعر الرائع، والتصانيف المفيدة في التأريخ والأدب “() .
وتضنّ المصادر بأخبار ابن الصيرفي ، وسيرته الأولى ، فلم نكد نعرف شيئاً من نشأته ، قبل أن يصبح كاتباً مشهوراً في الدولة الفاطمية ، ولكننا ندرك أنَّه ترك بصمة في عالم التأليف في الأدب ، والتأريخ ، وذكر له مترجموه عدداً من المؤلفات التي ألّفها في أثناء عمله في الديوان ، منها : كتاب الإشارة فيمن نال رتبة الوزارة() ، وقانون ديوان الرسائل() ، وكتاب في الشكر وكتاب عمدة المحادثة ، وكتاب العفو ولعله هو نفسه كتاب استـنزال الرحمـة ، وكتاب عقـائل الفضـائل ، وكتاب منائـح القرائـح ، وكتاب رد المظـالم ، وكتاب لمح الملـح() ، وكتاب ( نتائج المذاكرة ) ، وكتاب ( أخبار وزراء مصر )() ، ورسائله في أربع مجلدات() ، وذكر ابن الدواداري ( ت 736هـ) أنَّ لابن الصيرفي كتاب في اختصار سير التأريخ الذي ألّفه أبو القاسم الطيب بن أحمد التميمي() ، فضلاً عن الاختيارات لدواوين الشعراء مثل ديوان ابن السرّاج ، وديوان أبي العلاء المعرّي() ، ومهيار الديلمي()، والمختار من شعر شعراء الأندلس() ، وروى بعض أشعار أبي الطاهر الإسكندراني()، وابن مكنسة() ،وغيرهما . وتوفي ابن الصيرفي سنة 542هـ على رواية ابن ميسّر()، والمقريزي() ، وذكر ياقوت الحموي() ، ومن بعده ابن أيبك الصفدي() أنَّ وفاته كانت سنة 550هـ ، والمرجّح عندنا أن تكون وفاته موافقة لما ذكره ابن ميسر والمقريزي .
المصادر والمراجع