كافور والدولة القومية ” حلم الوحدة ” …!
م.م. إسراء محمدعلي عبدالكريم كسَّاب
جامعة كربلاء- كلية التربية للعلوم الإنسانية.
كانت مقومات الأمة الواحدة متوفرة في المجتمع الإيطالي من حيث اللغة الواحدة والأرض الواحدة والتاريخ المشترك والعادات والتقاليد والشعور بالمصير الواحد .
لكنها على الجانب الآخر كانت ايطاليا ممزقة سياسيًا لاسيما وانها خرجت بعد ثورات 1848وحروبها دون تحقيق أي هدف من الأهداف التي رسمها ماتزيني وغاريبالدي وآمن بها ملك بيدمونت أوسردينيا شارل البرت .،حيث إن الخارطة السياسية كانت مكونة من عدة كيانات سياسية ، لكل كيان سياسة ومنهاج بختلف عن الكيان الآخر ، هذا بالإضافة الى احتلال بعض المقاطعات فيها من قبل دول كبيرة .
حيث توجد في الشمال مملكة بيدمونت وسردينيا وعاصمتها تورين المحاذية لفرنسا من الغرب والتي كانت تضم أربعة أقسام ، والكيان السياسي الآخر يتمثل بمقاطعتي لمبارديا – الندقية والتي تحكمها النمسا بشكل مباشر .
وفي وسط ايطاليا توجد دولة البابا المقدسة وعاصمتها روما ، تحميها قوات فرنسية وتحيط بها شمالا (الإمارات الصغيرة التي أقامها مؤتمر فيّنّا أبرزها توسكانيا , بارما , مودينا) .
والجنوب الإيطالي يتمثل الكيان السياسي بشبه الجزيرة الإيطالية وجزيرة صقلية وعاصمتها نابولي وتدعى بمملكة نابولي يحكمها ملك آل بوربون حكما رجعيا .
وتبعا لهذه المعطيات السياسية , كان على فيكتور عمانؤيل ووزيره كافور أن يرسم طريق الوحدة بحذر وحرص شديد ، وأوكل ملك بيدمونت هذه المهمة على عاتق كافور ليتولى إجراء إصلاحات سياسية داخلية تقوم على تأكيد سلطة الدولة وإقصاء سلطة الكنيسة ، فتم حرمان الكنيسة من حقها في ممارسة وظائف التعليم ووظائف الأحوال المدنية ، وإجراء الرقابة التامة عليهامن قبل الدولة فصدر قانون شرطة العبادات فضلا عن قانون 1850, الذي تقلصت بموجبه سلطة الأكليروس القضائية وإقفال أكثر من 300 دير وصودرت أموالها وخُصصت لأعمال الإحسان العلمانية ,وعمل كافور على تقريب الأحرار والقوميين والمفكرين واعطائهم المناصب العليا ، فضلا عن تقوية الجيش وتحديثه في التدريب والمعدات . وتأسيس شركات صناعية وتحسين طرق الزراعة …
بينما إستندت السياسة الخارجية لمملكة بيدمونت موازنة القوى الخارجية من خلال التحالف مع دولة كبيرة تساندها في حروبها مع النمسا ، وللمصالح المشتركة بين فرنسا الطامحة لضم مقاطعتي نيس وسافوي لأراضيها وايطاليا فقد تم الإتفاق معها الذي اجري في مقاطعة بلومبير بين نابليون الثالث وكافور عام 1858، الذي وافق على مقترحات ملك فرنسا رغم عدم اقتناعه بها ، لكنه مضطرا لأجل تحقيق الحلم الإيطالي .
بدأت بوادر الحرب الايطالية –النمساوية حين وجهت النمسا انذارًلمملكة بيدمونت بضرورة نزع سلاح جيشها ولمدة أقصاها ثلاثة أيام وبعد استجابة الملك بدأت الحرب ليتحالف الجيش الفرنسي مع الايطاليس محققا انتصارات كبير على النمسا في معركتي ماجنتا وسولفرينو فأصبحت لمبارديا تحت سيطرتهم ، الا ان تحرير البندقية لم يكن ممكنا على الرغم من تقدم الجيش المنتصر نحوها ،لورود اخبار الى نابليون الثالث بتهديد بروسيا بإحتلال باريس وذلك كان بتحريض من النمسا ،فتوجه نابليون نحو بلاده تاركا البندقية من دون تحريرها .
اجري التوصيت في لمبارديا فكانت نتيجة التصويت لصالح الإنضمام لمملكة بيدمونت ، وفي أتون تلك الحرب حرض كافور سكان الامارات المحيطة بدولة البابا , فثار سكان بارما ومودينا وتوسكانيا ورومانيو وهرب امرائهم وتم انضمام هذه الولايات الى مملكة بيدمونت , كان التوجه بعد ذلك يقتضي نحو الجنوب الايطالي فقامت ثورة هناك بقيادة احد الجمهوريين الذين استغاثو بغاريبالدي وجيشه من ذوي القمصان الحمر ، يدعى كرسبي فقاموا بتطهير مملكة نابولي من من جنود ملكها وفي عام 1861اعلن فيكتور عمانؤيل الثاني ملكا على ايطاليا ، الا ان الوقت لم يسعف قائد الوحدة كافور الذ توفي في يونيو من العام ذاته قبل ان يرى وحدة ايطاليا الكاملة عام 1870 عندما ضُمت البندقية الى ايطاليا نتيجة الحرب القائمة بين بروسيا والنمسا وللإنتصارات الكبيرة التي حققتها بروسيا ذات الحلم المشترك مع ايطاليا تم اجبار النمسا على عقد الصلح والتنازل عن البندقية ، اما روما فتم انضمامها نتيجة الحرب القائمة بين فرنسا والنمسا ،ونتيجة للضغط العسكري الكبير الذي تعرضت له فرنسا من قبل النمسا سحبت حامياتها العسكرية من دولة البابا فما كان من الايطاليون الا التوجه نحو روما وضمها لإيطاليا لتصبح عاصمتها .