منتظر احمد جاسم / ماجستير تاريخ حديث
كوريا الجنوبية بين التأسيس و الحرب (1948-1953)
    تقع كوريا الجنوبية في الشمال الشرقي من قارة اسيا وتشغل النطاق الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية ، وتقدر مساحتها 99 الف كيلو مترا مربعا ، وعاصمتها سيئول ، وعدد سكانها يقدر 45 مليون نسمة ، وتمتلك كوريا الجنوبية نشاطا زراعي يعد من الحرف الرئيسة في البلاد ، كما تعد المعادن الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والكاولين من المعادن الرئيسة المستخرجة من كوريا الجنوبية.
    شهدت شبه الجزير ة الكورية سيطرت الاستعمار الياباني (1910- 1945 ) ، وواجهت خلاله كورية سيطرة شبه كاملة على مقدرات البلد ، وبعد عام 1945 دخلت كل من الولايات المتحدة الامريكية الجزء الجنوبي من البلاد و الاتحاد السوفيتي في الجزء الشمالي من شبة الجزيرة الكورية ،وما نتج عن هذا التدخل انقسام لازال قائماً الى يومنا ، وهو ما يعرف بكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية ويفصل بينهما خط العرض (38).
    أصدرت الجمعية التشريعية في يوليو 1948 أول دستور لها طبقا للنظام الجمهوري الرئاسي في العاصمة سيئول، وينتخب الرئيس من خلال التصويت المباشر لفترة رئاسة مدتها خمسة سنوات غير قابلة للتجديد ، وتتمثل اهم واجبات رئيس الدولة حماية استقلال الامه واعادة التوحيد السلمي للبلاد، وتؤدي مؤسسة الرئاسة المهام المنوطة بها من خلال عدد من المؤسسات الهامه ، والتي تتمثل اهمها في مجلس الدولة ومجلس الامن القومي ومجلس المراقبة والتحقيقات والوكالة القومية للتخطيط الامني ومجلس الاستشاري للاقتصاد القومي ، والى جانب ذلك رئيس الوزراء الذي يجب ان يكون مدنياً يعينه رئيس الجمهورية والوزراء ، وكل وزير له نائب ومساعد تحت اشرافه، ونصب سينغمان ري رئيساً  للجمهورية في اغسطس من العام1948، وفي 1949 نالت اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بها كدولة ، وأصبحت في كوريا حكومتان كل منها يدعي الى احقيته في السيطرة على جميع اراضي البلاد ، ونتج عن هذا الخلاف حرب اهلية في شبة الجزيرة الكورية (1950 -1953)، اذ خرجت كوريا الجنوبية من هذه الحرب بخسائر هائلة ، وان ثلث السكان كان مشرداً ، ودخل الفرد من الناتج القومي كان لا يتعدى(100دولار)، واستخدم سنجمان ري كافة الاساليب لتدعيم سطلته الفردية وتصفية كافة القوى السياسية المعارضة بدء من عام1949.
    وشكل سنجمان ري حزباً سياسياً في البلاد بزعامته في عام 1951 عرف (بالحزب الليبرالي)، وكان السبب الرئيسي وراء تشكيل هذا الجزب هو قدرته على فرض شخصيته على السلطة وتحقيق اغلبية كبرى في الجمعية في الجمعية لوطنية.  
    وان طبيعة النظام السياسي في كوريا الجنوبية ، نطاماً جمهورياً (رئاسياً) يقوم على السلطات الثلاثة (التشريعية والتنفيذية والقضائية ) ، وقد اجريت عدة تعديلات على الدستور منذ نشأة كوريا الجنوبية 1948 وحتى التعديل الاخير في سنة 1987 ، وكانت هذه التعديلات أما بتحديد فترة الرئاسة أو اعادة صياغة العلاقة بين السلطات الثلاث على النحو الذي يدعم قوة المؤسسة الرئاسة والسلطة التنفذية على حساب السلطتين التشريعية والقضائية ، مما ادى الى الاخلال في التوازن بين السلطات الثلاث بشكل انعكس في المرحلة النهائية على التوازن بين الدولة والمجتمع. 
اذ قام سينجمان ري بتعديلين دستوريين الاول في 1952 وهو ان يجري اختيار الرئيس بواسطة الاقتراع الشعبي العام ، وبهذا الغى القاعدة الدستورية التي تجعل انتخاب الرئيس يجري بواسطة البرلمان ، والثاني في 1954 لجعل مدة رئاسته مفتوحة ، وامكانية اعادة انتخاب الرئيس لعدد غير محدد من المرات.
      و عانت كوريا من افتقار الموارد الطبيعية وكذلك ويلات الحرب الكورية (1950- 1953) وحتى نهاية الخمسينات ، فظلت مجتمعاً زراعيا ذا أنشطة صناعية خفيفة كعمليات التجميع البسيطة وتصنيع المواد الخام  ، وبلغ اجمال الناتج الوطني حوالي 1553 مليون دولار للمدة بين (1952 -1953) ، أما نصيب الفرد من الدخل الوطني فقدر ب 60 الى 70 دولار آنذاك ، كما ان قدرت مساهمة القطاعات الاقتصادية والناتج الدخل الخام 15.7 % ، اما الزراعة فقدرت النسبة بـ 75.3% ، في حين اشتركت باقي القطاعات الاقتصادية بنسبة 9% . 
وقد تلقى الاقتصاد في  كوريا الجنوبية ضربة قاسية في الحرب الكورية (1950-1953) ، ولم يكن هناك فرصة حقيقية للنهوض بالاقتصاد الكوري الجنوبي ، بل على العكس زادت معدلات التضخم ، ويمكن ملاحظة ذلك من ميزانيتي 1951و 1952 ، اذ زاد العجر من 391,000 مليون اون عام 1951 ليصل الى 630,000 مليون اون عام 1952.   


شارك هذا الموضوع: