كاتب المقال طالب الدكتوراه اسعد باسم محمد العارضي جامعة كربلاء
كلية التربية للعلوم الانسانية / الدراسات العليا /قسم التاريخ
(كيف يصف المفكرون الاجانب ثورة الإمام الحسين علية السلام في التاريخ الحديث والمعاصر)
ربما وصفهم عن ثورة الامام الحسين علية السلام التي دارت احدثها في التاريخ الاسلامي بات من الضروري ان نتخذها انطلاقة نموذجية في التاريخ الحديث والمعاصر في الدفاع عن المذهب والعقيدة اليوم, دعونا نتعرف على ذلك…..
لاشك أن هناك مليارات البشر في جميع أنحاء العالم يبحثون عن القيم الإنسانية مثل الحقيقة والحرية والعدالة والسلام واللطف والصدق والولاء والحب, وإذا نظرت إلى تاريخ الإسلام، ستجد أن أسلوب حياة الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وعلى اله سلم) وأهل بيته الكرام هو النموذج الأمثل لجميع البشر لتحقيق القيم والمفاهيم الأخلاقية العالية وإن مثل هذه القيم السامية تتجلى في مأساة كربلاء واستشهاد الإمام الحسين علية السلام حفيد النبي محمد صل الله علية وعلى اله وسلام واصحابه الأوفياء في معركة كربلاء يوم عاشوراء الموافق10 محرم سنة 61 هـ, فقد قدم لنا هذا الإمام العظيم نموذجاً يحتذى به للبشرية جمعاء ولن ننساه أبداً، وسيبقى محاربة الظلم مبدأً في تاريخ الإسلام والإنسانية.
الإمام الحسين، نموذج الثورة في التاريخ الحديث والمعاصر:
مع تسارع وتيرة التغيرات السياسية والمناخية في العالم، أصبح من الضروري مواكبة هذا التغير، وإلا هلكنا جهلاً , وبالرغم من ان استشهاد الإمام الحسين يعتبر أكبر مأساة في التاريخ الإسلامي، ولكن لا يزال يخفيها معظم المسلمين حول العالم, وكما اننا نعرف إن مأساة لم تؤثر على المسلمين فحسب، بل أثرت على جميع المجتمعات البشرية ,واثر بهم معتبرين ان نضال الحسين كان من اجل خلاص البشرية جمعاء.
قدّم الإمام الحسين عروضًا متنوعة كخطوة نحو التغيير الإيجابي لصالح الأجيال في التاريخ الحديث والمعاصر, ومن هذا المنطلق اشار المهاتما غاندي: “ما لم يحدث التغيير الفردي، يستحيل التطور الاجتماعي”, ولذلك، أولى غاندي أهمية قصوى لبناء الشخصية وإعادة تشكيل المواقف والقيم ولذلك، يُروى أن الحسين، عند مغادرته مكة، روى الحديث التالي عن النبي محمد (صلى الله عليه وعلى اله وسلم): “أيها الناس، قال رسول الله (صلى الله عليه وعلى اله و سلم):
((من رأى ظالماً مستحلاً لحرمات الله، منتهكاً للشرع، مخالفاً للسنة، ظالماً لعباد الله، فلم يخالفه بقول ولا فعل، كان الله معه بمثل ما كان عليه)).
تشير السنة النبوية الشريفة المذكورة أعلاه بوضوح إلى أن الإسلام يحرم الحكم الجائر رفضًا قاطعًا إن التصدي للظلم بجميع أنواعه جزء لا يتجزأ من الإسلام ولذلك، يُشيد القرآن الكريم بفضائل النضال ضد أي ظلم، بما في ذلك الحكم الاستبدادي لذا، فإن ثورة الإمام الحسين ليست أولوية في غير محلها.
يذكّرنا الإمام الحسين أيضًا بمسؤولياتنا تجاه الظلم وقد تجلّى ذلك في خطبة أخرى ألقاها في ذي حسام، إحدى محطات الانطلاق نحو العراق، حيث قال:
ألا ترى أن الحق لا يُعمل به والباطل لا يُنهى عنه؟ فليتمنَّ المؤمنون لقاء الله وهم على حق، فإني لا أرى الموت نعيمًا إلا هو، ومصاحبة الظالمين قبحًا..
نرى اليوم أن المثقفين عندما يتعرفون على تاريخ الإسلام وقصة الإمام الحسين (ع) يشعرون بالتواضع, ويدفعنا الفضول ان نتعرف عن وجهة نظر العلماء والمفكرين الاجانب عن ثورة الامام الحسين علية السلام التي يعتبرونها نموذجا لمحاربة الظلم في العالم , وهل نحن قادرون اليوم بالدفاع عن مذهبا كما فعل الامام الحسين في واقعة الطف ..
كتب المستشرق البريطاني الشهير إدوارد ج. براون في كتابه “تاريخ الأدب الفارسي”: “رافق الإمام الحسين 72 من رفاقه، وقد استُشهدوا جميعًا في أرض كربلاء في سبيل الحق لم يكتفِ الحسين بالتضحية بنفسه، بل بذل كل ما في وسعه في سبيل الله، بما في ذلك رضيعه علي الأصغر ذي الستة أشهر، بثبات لا يلين”.
بينما كتب المؤرخ وفيلسوف اسكتلندي مقالا تاريخيا ، قائلا : ” ان أفضل درس نتعلمه من مأساة كربلاء هو أن الحسين وأصحابه كانوا مؤمنين بالله لقد أوضحوا أن التفوق العددي لا يُحسب عندما يتعلق الأمر بالحق والباطل إن انتصار الحسين، على الرغم من قلة عدده، يُذهلني!”
بينما تحدث الشاعر البنغالي رابندراناث طاغور قائلا: “إن تضحية الحسين تُشير إلى التحرر الروحي ومن أجل الحفاظ على العدالة والحقيقة، بدلاً من الجيش أو الأسلحة، يمكن تحقيق النجاح بالتضحية بالأرواح، تمامًا كما فعل الإمام الحسين عليه السلام.”
وفي الصدد ذاته تحدث سارفيبالي رادها كريشنان ، الفيلسوف والسياسي الهندي الذي شغل منصب الرئيس الثاني للهند قائلا: “على الرغم من أن الإمام الحسين ضحى بحياته منذ سنوات، فإن روحه غير القابلة للتدمير تحكم قلوب الناس حتى اليوم”.
بينما افصح الزعيم السياسي الهندي المهاتما غاندي عن الامام الحسين بكلماته قائلا : “لقد تعلمت من الحسين كيفية تحقيق النصر أثناء الظلم, وإيماني هو أن تقدم الإسلام لا يعتمد على استخدام السيف من قبل المؤمنين، بل نتيجة التضحية العظمى للحسين، القديس العظيم”.
بينما كتب إدوارد جيبون, الذي يعتبر أعظم مؤرخ بريطاني في عصره، في كتابه “انحدار وسقوط الإمبراطورية الرومانية”، “في عصر ومناخ بعيد، فإن المشهد المأساوي لموت الحسين سوف يوقظ تعاطف القارئ الأكثر برودة”.
ويشيد الشاعر والفيلسوف الباكستاني محمد إقبال بالأمام الحسين علية السلام قائلا، “لقد اقتلع الإمام الحسين الاستبداد من جذوره إلى يوم القيامة، وسقى حديقة الحرية اليابسة بفيض دمه، بل وأيقظ الأمة الإسلامية النائمة”.
كتب خالد شيلدريك ، وهو صانع بريطاني اعتنق الإسلام، قائلاً: “من بين تلك المجموعة الشجاعة، رجالاً ونساءً، عرفوا أن قوات العدو المحيطة بهم لا هوادة فيها، وأنهم لم يكونوا مستعدين للقتال فحسب، بل للقتل أيضاً, حُرموا حتى من الماء للأطفال، وبقوا عطشى تحت أشعة الشمس الحارقة والرمال الحارقة، ومع ذلك لم يتردد أحد منهم للحظة, سار الحسين مع رفاقه الصغار، لا إلى المجد، ولا إلى سلطان الثروة، بل إلى تضحية عظيمة، وواجه كل فرد منهم أعظم الصعاب بشجاعة ودون تردد” .
يقول البانديت جواهر لال نهرو ، رئيس الوزراء الهندي الأسبق: “إن تضحية الإمام الحسين (عليه السلام) لجميع الجماعات والمجتمعات، هي مثال على طريق الصلاح” .
وكتب راجندرا براساد ، الرئيس السابق للهند أيضًا: “إن تضحية الإمام الحسين (عليه السلام) لا تقتصر على بلد واحد أو أمة واحدة، بل هي حالة وراثية لأخوة البشرية جمعاء”.
اشارة ساروجيني نايدو ، الناشطة السياسية والشاعرة الهندية: “أهنئ المسلمين على أن من بينهم ولد الحسين (عليه السلام)، وهو إنسان عظيم يحظى بالاحترام والتكريم الكامل من قبل جميع المجتمعات , ولم تحظى أي معركة في تاريخ البشرية الحديث والماضي بقدر أكبر من التعاطف والإعجاب، فضلاً عن تقديم المزيد من الدروس من استشهاد الحسين في معركة كربلاء”.
بينما نرى ان ثورة كربلاء، واستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، من الأحداث بالغة الأهمية, فدروسها لا تقتصر على فئة من البشر وعلاقتهم بالدنيا، بل تشمل البشرية جمعاء, إنها نموذج أخلاقي يُعلّم التضحية ومقاومة الظلم, من أهم دروس عاشوراء الحذر من سوء الخاتمة, فقد شارك كثير من الذين ادعوا الاسلام في قتل الإمام الحسين (عليه السلام). ومثلهم في التاريخ الحديث والمعاصر كثيرون , علينا جميعًا الحذر من بذور الفساد الكبرى الخفية، لا سيما في عقائدنا، فمن علامات آخر الزمان الفساد الفكري, ومن أسباب ذلك الكبائر، ورفقة المفسدين، والانتفاع بالحرام، وتفضيل الدنيا على الدين، والتلذذ بالألفاظ الرنانة التي ينشرها الشيطان بين أوليائه، كما قال تعالى وإن الشياطين يوحون إلى أتباعهم ليجادلوكم..