لمحة تاريخية عن إدارة بغداد منذ العهد العثماني حتى نهاية الحكم الملكي ( 1869 – 1958 )
لمحة تاريخية عن إدارة بغداد منذ العهد العثماني حتى نهاية الحكم الملكي ( 1869 – 1958 )
أدخلت التنظيمات الإدارية إلى العراق في عهد السلطان سليمان القانوني ( 1520 – 1566 ) بعد إحتلاله بغداد عام 1534 , لكنها كانت أقرب إلى عرف العشيرة الموروثة منها إلى تنظيمات حديثة قائمة على أسس و قواعد قانونية حديثة إلى أن جاءت الحركة الإصلاحية المعروفة بالـ ( تنظيمات ) 1839 – 1876 التي طورت النظام الإداري إلى مثيلاتها من النظم الأوربية المعاصرة لها كفرنسا التي شكل نظامها الإداري النموذج الذي وضع على غراره نظام إدارة الولايات العثماني عام 1864 , إذ يعود اختيار النموذج الفرنسي إلى العلاقات الودية التي تربط بين الدولتين.
على هذا الأساس قسمت ولاية بغداد عام ١٨٧٥ على سنجقين هما سنجق بغداد و سنجق الحلة فتبعت سنجق بغداد الأقضية و النواحي الآتية :
قضاء خراسان .. و تتبعه ناحيتي شهربان و الخالص .
قضاء خانقين .. و تتبعه ناحيتي بنكدرة و قزلباط.
قضاء مندلي.
قضاء الكوت .. و تتبعه ناحية بدرة.
قضاء العزيزية.
قضاء الكاظمية.
قضاء سامراء .. و تتبعه ناحيتي تكريت و الدجيل.
قضاء الدليم .. و تتبعه ناحيتي هيت و كبيسة.
قضاء عنة .. و تتبعه نواحي القائم ، حديثة , و جبة آلوس.
أما سنجق الحلة فيتألف من الأقضية و النواحي الآتية :
قضاء كربلاء .. و تتبعه نواحي المسيب ، الرحالية ، و الشفاتية ( شفاثة ) .
قضاء الهندية .. و تتبعه ناحيتي الكفل و طويريج.
قضاء السماوة .. و تتبعه ناحية أبو جوارير.
قضاء النجف .. و تتبعه ناحية الجعارة .
قضاء الشامية .. و تتبعه ناحية الشنافية.
قضاء الديوانية .. و تتبعه ناحيتي الدغارة و آل بدير .
أما في عام 1879 فتم تقسيم الولاية على ثلاثة سناجق هي ، بغداد ، و كربلاء ، و الديوانية ، و تبعها ( 20 ) قضاء و ( 41 ) ناحية ، إذ بقي معمول بهذه التقسيمات حتى بداية الحرب العالمية الأولى عام ١٩١٤.
أما فيما يخص الجانب الإداري في مركز الولاية فكان يتكون من :
الوالي : الذي يعد أكبر منصب في الجهاز الإداري لولاية بغداد فهو يجمع ما بين المنصبين السياسي و الإداري في آنٍ واحد ، إذ يمثل حكومة الدولة العثمانية بتعامله مع قناصل و رعايا الدول الأجنبية و بقية بعثاتها الأخرى .
أما واجبات الوالي فهي :
إصلاح الجهاز القضائي .
الخروج بجولات تفتيشية داخل الولاية .
إصلاح الجهاز الإداري المدني.
تنسيق قوات الجندرمة ( الأمن ) و إصلاح شؤونها .
إصلاح الطرق و تطهير الأنهار .
وفيما يتعلق بمهام الوالي فتنحصر بما يأتي :
تنفيذ جميع أوامر الدولة بتطبيق قوانينها في الولاية من خلال الإشراف على دوائر الولاية المدنية و المالية و الأمنية .
رئاسة مجلس إدارة الولاية .
الإشراف على إدارة الضابطية ( الأمن ) .
تنفيذ الأحكام التي تصدرها محاكم الولاية .
منذ عام 1869 حتى دخول البريطانيين إلى بغداد عام 1917 تولى منصب الولاية في بغداد ( 27 ) والي ، كان أطولهم حكماً تقي الدين باشا بست أعوام و ثلاثة أشهر .
و يرى المؤرخ عباس العزاوي أن مسألة عدم إبقاء الوالي لفترة طويلة بمنصبه كانت سياسة ثابتة للدولة ، إذ قال : ” و سياسة الدولة مصروفة إلى أن لا تبقي الوالي إلا بضعة أشهر بحيث لا ينسى مشاق السفر ، و لا يتمكن من معرفة الأهلين و إحتياجاتهم و درس أخلاق الشعب عامة و ميوله ، فتحوله عندما يتبصر بالأمور و يحاول المباشرة بالعمل ، و كانت الإدارة المستمرة على هذه الحالة أن يهدم الوالي الجديد ما بناه سلفه و يتحرك بعكس نهجه … ” .
معاون الوالي : تم استحداث هذا المنصب في عهد مدحت باشا لما تولى الحكم في بغداد ، فكانت واجبات المعاون هي ..
مساعدة الوالي في المهام و الواجبات التي يحددها له .
إحالة الأوراق و المكاتبات الرسمية التي ترد إلى الوالي من دوائر الولاية و غيرها من المكاتبات التي يخولها الوالي صلاحية النظر فيها إلى الدوائر التي تتعلق بها بتقديمه خلاصة بتلك المكاتبات إلى الوالي .
إتخاذ الإجراءات المناسبة بشأن المراسلات الرسمية المتعلقة بالشؤون الداخلية للولاية و رفع الذي يحتاج منها إلى رأي الوالي إليها.
الدفتردار : و هو أكبر موظف في الإدارة المالية للولاية و مسؤول عن دوائرها وأعمالها أمام نظارة المالية في العاصمة مع خضوعه لسلطة والي بغداد و إشرافه المباشر
المكتوبجي : هو الموظف المسؤول عن المكاتبات الرسمية التي تجريها ولاية بغداد مع جميع الجهات ، فهو عضو دائم بمجلس إدارة الولاية بحكم منصبه الهام ، هذا بالإضافة لوظائف أخرى منها مدراء الأمور الأجنبية ، الضبطية ( الأمن ) ، و النفوس ، و الأوقاف ، و الزراعة ، و التجارة ، و الدفتر الخاقاني ، و المعارف ، و البريد و البرق ، و الصحة و غيرها .
تبين لنا أن تلك الوظائف تمارس داخل مركز ولاية بغداد ، أما فيما يخص الجهاز الإداري خارج الولاية فتشمل :
المتصرف : يكون على رأس الجهاز الإداري في كل سنجق ، فهو مسؤول عن سنجقه أمام والي بغداد ، أما عن تعيين أو عزل متصرفي سناجق بغداد ، فكانوا غالباً ما يعينون من نظارة الداخلية ، أما عن مهام المتصرف داخل السنجق فهي تنفيذ أوامر و تعليمات و قوانين الدولة و الإشراف على أمور الإدارة المدنية و المالية و الأمنية ، تنفيذ الأحكام الجزائية و الحقوقية التي تصدرها المحاكم ترأس مجلس إدارة السنجق ، أما عن الجهاز الإداري للمتصرفية فشمل عدداً من الموظفين هم معاون المتصرف الذي ينوب عنه عند غيابه ، كذلك وظيفة المكتوبجي ( مدير التحريرات ) ، و المحاسبجي ( مدير المال ) ، و مدراء الدوائر الفرعية الأخرى ، و القوة الضبطية ، و النفوس ، و الحجر الصحي ، و البرق و البريد ، و الأوقاف ، و الزراعة ، و التجارة ، و الدفتر الخاقاني ، و النافعة و غيرها .
القائمقام : يأتي هذا المنصب في الدرجة الثانية من بعد منصب المتصرف ، فهو يتولى إدارة القضاء بحيث تكون مسؤولياته و مهامه مشابهة لمهام و مسؤوليات المتصرف ، لكن سلطاته لا تتعدى حدود التوجيه و التنسيق
مدير الناحية : و هو على رأس الجهاز الإداري في الوحدة المسماة ( الناحية ) بحيث يكون مسؤولاً أمام قائممقام القضاء ، أما تعيينه فيتم من الوالي ، فيما تكون مهامه مشابهة لمهام القائمقام لكن أهمها هي الإشراف على عملية إنتخاب المختارين و مجالس إدارة القرى .
مختار القرية : هو أصغر مسؤول في السلم الوظيفي لولاية بغداد ، لذا فواجباته و مهامه تنحصر في مساعدة السلطة على جمع الضرائب كذلك المساعدة في جلب المطلوبين للعدالة.
تبين لنا مما سبق طبيعة الجهاز الإداري الذي كان يحكم ولاية بغداد في العهد العثماني الأخير ، لكن وجدت هناك مجالس إدارية لمساعدة رؤساء الوحدات الإدارية في الولاية و السنجق و القضاء و الناحية و القرية لمساعدتهم في أعباء إدارة الحكومة ، تنقسم هذه المجالس إلى :
مجلس إدارة الولاية: الذي يترأسه الوالي أما أعضائه فهم قسمان أعضاء دائميون و منتخبون ، فالأعضاء الدائميون هم مدراء الدوائر الحكومية في الولاية ، أما الأعضاء المنتخبون فهم أربعة ، إثنان من المسلمين و إثنان من غير المسلمين .
المجلس العمومي: الذي يعد بمثابة مجلس نيابي و إستشاري لكل الولاية ، إذ يتكون من مندوبين عن سناجق ولاية بغداد بمعدل أربعة أعضاء عن كل سنجق .
مجلس إدارة السنجق : هو على غرار مجلس إدارة الولاية ، إذ يتكون من مدراء الدوائر الحكومية في السنجق و تعقد جلساته برئاسة المتصرف .
مجلس إدارة القضاء : هو أيضاً شكل على نمط مجلس إدارة السنجق يترأسه القائمقام و بعضوية دائمة لمدراء دوائر القضاء .
مجلس إدارة الناحية : الذي يتكون من أعضاء يمثلون مجالس إختيارية القرى التابعة للناحية بما لا يزيد عددها عن أربعة أعضاء عن كل ناحية ، أما رئاسته فهي لمدير الناحية يعقد كل أربعة سنوات بموعد يحدده والي بغداد.
مجالس ( أختيارية )القرى : الذي يضم وجهاء القرية و أعيانها ، إذ يتم إنتخابهم من أهالي القرية الذكور الذين لا تقل أعمارهم عن ( 18 ) عام.
إتضح لنا مما سبق ذكره طبيعة التقسيمات الإدارية لولاية بغداد في العهد العثماني الأخير ، إذ بقي معمول بها حتى نهاية الحكم العثماني بدخول البريطانيين إلى بغداد عام ١٩١٧ ، فحصل تغيير جذري في إدارة العراق بشكل عام و بغداد بشكل خاص .
و بعد إحتلال بغداد من البريطانيين و خروج العثمانيين منها دخل برسي كوكس ( Percy Cox ) رئيس الدائرة السياسية لهيئة أركان الجيش المحتل بغداد في ١١ آذار ١٩١٧ لغرض المباشرة بتنظيم الإدارة المدنية فيها ، لكن معارضة قائد الحملة الجنرال فردريك ستانلي مود( Frederick Stanley Maude ) لهذه الخطوة أخرت عمل كوكس بعض الشيء .
باشر كوكس عمله بعد إنهاء الخلاف حول شكل الحكم في العراق تنظيم الإدارة المحلية لولاية بغداد بتقسيمها على ٩ سناجق تتألف من ( ٣١ ) قضاء ألحقت بها ٤ نواحي , و بقي معمول بهذه التقسيمات حتى تشكيل أول حكومة عراقية في زمن الإحتلال البريطاني ، فشرعت تلك الحكومة المذكورة بالتقسيم الإداري الجديد الذي جعل من العراق ( ١٠ ) ألوية بإستبدال كلمة السنجق ، و أبقي على تسمية القضاء و الناحية ، و بتاريخ ١٠ كانون الأول ١٩٢٠ تم تعيين أول متصرف للواء بغداد في العهد الجديد هو رشيد الخوجة
أما عن سبب تقليص عدد الألوية العراقية إلى ( ١٠ ) ألوية ، فيرجع للظروف الإقتصادية الصعبة التي مر بها العراق على أثر سحب سلطة الإحتلال البريطاني كل ما في خزينة الحكومة العراقية الفتية بسبب نشوب ثورة العشرين لتسجلها إيراد لحكومة الهند .
بعد تتويج الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق يوم ٢٣ آب ١٩٢١شكلت أول حكومة في العهد الملكي برئاسة نقيب أشراف بغداد عبد الرحمن النقيب (سميت الوزارة النقيبية الثانية (التي لم تغير في التقسيمات الإدارية للعراق بشكل عام و لواء بغداد بشكل خاص ، حيث استمر الوضع على ما هو عليه حتى عام ١٩٢٧ الذي صدر فيه قانون إدارة الالوية رقم ٥٨ لعام ١٩٢٧ و الذي قام بتقسيم العراق على ( ١٤ ) لواء ، فكان لواء بغداد على وفق هذا التقسيم الإداري الجديد مكون من :
أولاً / قضاء بغداد المركز
و قد اشتمل على جانبي الكرخ و الرصافة فهو يمتد من الصليخ بجوار الأعظمية شمالاً إلى جسر ديالى القائم على طريق الكوت جنوباً ، و من مرقد الشيخ عمر السهروردي بالرصافة شرقاً إلى جسر الخر بالكرخ غرباً في مساحة لا تقل عن مئة كيلو متر مربع .
الرصافة : هي الأكبر من حيث المساحة و عدد المباني و الشوارع ، حيث تقطعها من الشمال إلى الجنوب أربعة شوارع رئيسة و متوازية تقريباً هي شارع النهر ، و الرشيد ، و الملك غازي ، أما الشارع الرابع ، فقد فتح عام 1955 .
الكرخ : تقل مساحته عن الرصافة و بعدد شوارعه و مبانيه ، ففيه شارعان رئيسيان هما شارع الملك فيصل و شارع الأمير عبد الآله .
تتبع قضاء المركز أربع نواحي هي ..
ناحية الأعظمية : كانت إلى أواخر عام 1930 قرية صغيرة تسكنها أفراد من عشيرة العبيد ، إلا أنها توسعت بعد ذلك للتوسع حتى الصليخ .
ناحية الكرادة الشرقية : كانت حتى الإحتلال البريطاني عبارة عن قرية صغيرة فيها بعض القصور لأثرياء بغداد ، كذلك مجموعة من دور للفلاحين مبني معظمها من الطين ، لكنها توسعت بعد ذلك لتمتد حتى منطقة جسر ديالى .
ناحية سلمان باك : تقع هذه الناحية جنوب مركز بغداد بـ ( 30 ) كيلو متر ، أما عن منشآتها العمرانية فهي لا تتعدى بعض المحلات و شوارع صغيرة ، كذلك فتح فيها سراي الحكومة و مستوصف .
ناحية الدورة : هذه الناحية إسمية ليس فيها عمران أو سكان ، إنما هي مركز لتبضع الفلاحين و المزارعين الذين يسكنون على أطراف الناحية ، أما مركزها فهو قصر قديم يقع على ضفة نهر دجلة اليمنى على مسافة خمسة كيلومترات جنوب مركز قضاء بغداد .
ثانياً / قضاء سامراء
استحدث هذا القضاء في عهد الوالي مدحت باشا أيام العثمانيين ، فهو يبعد عن مدينة بغداد بمسافة ١٢٨ شمالاً ، أما عن بيوتها فأغلبها مبني من الطابوق المنتزع من بنايات سامراء القديمة ، أما عن سكانها فأغلبهم من العشائر المحيطة بها .
أما النواحي التي تتبع القضاء فهي :
ناحية تكريت : التي تبعد عن مدينة سامراء حوالي 76 كيلو متر شمالاً ، أما عن سكانها فقسم منهم حرفيين من خلال صنع الأكلاك التي تستخدم كواسطة نقل نهرية بين الموصل و بغداد ، أما القسم الثاني من سكان تكريت فهم مزارعين .
ناحية بلد : التي تتميز بكثرة بساتينها فهي تبعد عن جنوب قضاء سامراء حوالي 39 كيلو متر ، أما عن مركز الناحية فهو صغير فيه عدد قليل من الدور القديمة و مركز للشرطة .
ناحية الدجيل : مركزها قرية سميكة على ضفة نهر دجيل الذي يبعد عن قضاء سامراء حوالي 55 كيلو متر ، و تعد أراضي الناحية الزراعية من أفضل الترب لزراعة أجود المزروعات من حمضيات و أعناب و رمان و حبوب ، فيما كانت أغلب بيوتها من الطين تسكنها أفراد من قبيلتي الخزرج و المحاويل ، فالخزرج يشغلون طرفها الغربي و المحاويل في طرفها الشرقي ، و أنه في بعض الأحيان يستبدل اسمها بـ ( الإبراهيمية ) (.
ثالثاً / قضاء الكاظمية
يسميها بعضهم الكاظم أو الكاظمين ، هي إحدى المدن المقدسة في العراق تبعد عن مركز اللواء بـ خمس كيلومترات شمالاً و عن ضفة نهر دجلة اليمنى تبعد كيلو متر واحد فقط ، كانت تربطه بالمركز سكة الترام و التي أنشأت في عهد ولاية مدحت باشا ( ١٨٦٩ – ١٨٧٢ ) ، إلا أنها رفعت عام ١٩٤٦ لإنتفاء الحاجة إليها .
تمتاز المدينة ببيوت قديمة متلاصقة بنيت في العهد العثماني ذات طرق ضيقة متعرجة ، أما حديثاً فقد بنيت فنادق أنيقة و شقت شوارع واسعة حديثة فهي تجمع بين القديم و الحديث .
تتبع لقضاء الكاظمية إدارياً ناحيتان هما :
ناحية الطارمية : مركزها القرية القائمة على ضفة نهر دجلة اليمنى مقابل قرية ( الجديدة ) و المسماة قرية الطارمية و تبعد عن مركز اللواء ( 65 ) كيلو متر تقريباً ، أما عن مركز الناحية فهو صغير لا يوجد فيه غير مستوصف و مدرسة إبتدائية و دار لسكن مدير الناحية ، هذا بالإضافة لمركز للشرطة و بناية مديرية الناحية .
ناحية أبي غريب : مركزها في مزرعة أبي غريب التي تبعد عن مركز اللواء حوالي ( 15 ) كيلو متر غرباً ، استحدثت هذه الناحية عام 1946 ، إذ كان الغرض من ذلك تسهيل المراجعات على المزارعين المقيمين فيها .
رابعاً / قضاء المحمودية
يبعد هذا القضاء عن مركز لواء بغداد مسافة ( ٣٥ ) كيلو متر جنوباً ، فيه شارعان متوازيان يشقانه من الشمال إلى الجنوب ، تقع على أحد جانبيه المحلات و المقاهي ، أما على الجانب الآخر فتقع البيوت و العمارات و بعض المخازن ، أما منشآت القضاء فهي مدارس للبنين و البنات ، و دائرة للبرق و البريد ، و نادي للموظفين ، و حمام عام ، و فندق للمسافرين ، بالإضافة إلى سراي الحكومة مع بضعة دور للموظفين .
تتبع لقضاء المحمودية ناحية واحدة هي ناحية اليوسفية التي تقع على جدول اليوسفية المتشعب من نهر الفرات ، أما مركز الناحية فهو دار للحكومة و دار لسكن مدير الناحية و بناية لدائرة الري التي تتولى الإشراف على توزيع المياه بين المزارعين .
تبين مما سبق من خلال عرضنا لأسلوب الإدارة المتبع منذ العهد العثماني الأخير حتى نهاية الحكم الملكي إن إدارة بغداد إنتقلت من كونها ولاية طيلة عهود الحكم العثماني ، شملت عدة سناجق و أقضية و نواحي حتى تغييرها اسمها من ولاية إلى لواء في زمن الإحتلال البريطاني ، و اللواء هو مدلول إداري كان يعني فيما سبق السنجق ، أما فيما يتعلق بتوابع اللواء الإدارية من نواحي و أقضية فقد تغيرت هي كذلك بحكم تغير الولاية إلى لواء ، لقد تبع اللواء أربعة أقضية تتبعها ( ١٠ ) نواحي وفق قانون إدارة الالوية رقم ٥٨ لعام ١٩٢٧ ، إلا أنه – و سنرى لاحقاً – إن هذه التقسيمات لم تبق على حالها ، فأستحدثت أقضية جديدة و ألغيت أخرى ، كذلك هو الحال على النواحي .
إن سياسة الإستحداث و الإلغاء تكون إما لدوافع سياسية أو لدوافع إجتماعية أو لدوافع إدارية بحتة ، كما أن مساحات هذه الأقضية و النواحي تتغير فبعضها يتوسع و بعضها يتقلص و هذا ما يتبين لنا عند دراستنا للواء بغداد في العهد الجمهوري الأول .