لمحة سريعة عن موقف الحكومات من زيارة الحسين عليه السلام
مرت مراسيم احياء ذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام من بعد الزيارة الاولى التي زارها الامام السجاد عليه السلام بأدوار مختلفة تراوحت ما بين الحرية في ادائها حينا والتضييق عليها او منعها وقمع مقيميها وانزال اقصى العقوبات بهم من غرامات وسجن وحتى القتل تارة اخرى ، وقد جاء هذا الاختلاف في التعامل مع اقامة المراسيم تبعاً لنوعية الحكومات التي كانت تمسك بزمام السلطة آنذاك من ناحية موالاتها او اعدائها لأهل بيت النبوة عليهم السلام ، وتبعا للظروف الاجتماعية والسياسية التي كانت سائدة في وقتها ، وعلى وفق هذا التعليل ظل التعامل مع الزيارة خصوصا والشعائر الحسينية عموما بين مد وجزر . اذ مارس الامويون مختلف انواع التنكيل لمنع زيارة قبر ابي عبد الله الحسين عليه السلام ، وعلى الرغم من كل تلك المحاولات غير ان ائمة اهل البيت عليهم السلام كانوا يحثون شيعتهم على احياء ذكرى استشهاد الامام الحسين عليه السلام وزيارته .
ولم يكن العباسيون باقل عداء لزيارة الامام الحسين عليه السلام ، على الرغم من ان شعارهم قبل استلامهم السلطة هو : (( الرضا من ال محمد)) ، لكنهم ما ان استلموا السلطة حتى نكصوا عنه ، لأنهم وجدوا ان ثورة الامام الحسين عليه السلام لم تكن ضد الامويين وحسب ، بل انها ضد كل الظالمين ، لذا رأوا في اسم الامام الحسين( ع) وثورته تهديداً مباشراً لمصالحهم ، لهذا نجد ان المتوكل العباسي ( 205 _ 247 هجرية ) قد أمر بهدم قبر الامام الحسين عليه السلام وقطع ايدي زواره وارجلهم ، بل وحتى رؤوسهم ، فضلاً عن الضرائب الباهظة التي كانت قبل ذلك تفرض على الزوار ، بيد ان ذلك كله لم يمنع الموالين من زيارة الامام الحسين عليه السلام ، وعلى الرغم من كل هذه المصاعب كان ائمة اهل البيت عليهم السلام يحثون على الاستمرار في زيارة الامام الحسين عليه السلام .
اما بشأن الحكومات الموالية لأهل البيت عليهم السلام ، فمع قصر اعمارها قياسا بالحكومات المعادية غير انها رسخت اقامه الشعار الحسينية ، وتنفس مريدو اهل البيت عليهم السلام في ظلها الصعداء ومارسوا شعائرهم بحرية كما حصل ذلك في ظل حركة التوابين 65 هجرية وحكومة المختار ( 66 _ 67 هجرية )وايام حكم الدولتين البويهية ( 334 – 447 هجرية ) ، والصفوية للعراق ، وكانت الدولة الصفوية قد مدت نفوذها على العراق لمرتين كانت الاولى ما بين عامي 1508 و 1534 والثانية ما بين عامي 1623 و 1638 ميلادية ، غير ان تلك الحكومات لم تدم سيطرتها على العراق طويلا وسرعان ما سقطت او انحسر نفوذها عن العراق وجاءت بعدها حكومات مارست التضييق على الشعائر الحسينية كلما سنحت الفرصة لذلك ، غير ان تلك الحكومات جميعاً لم تتمكن من القضاء على الشعار الحسينية ، الى ان آل الأمر الى حكومة حزب البعث ( المحضور) الثانية التي استولت على الحكم بعد انقلاب 17 تموز ١٩68 والتي ورثت ظلم بن امية ومن جاء بعدهم من حكام الجور ، وتفنن البعثيون في محاربة الشعار الحسينية وبشكل ممنهج ، الى ان وصل الامر الى الصدام المباشر مع الجماهير وكان ذلك في انتفاضه صفر عام 1977 .
أ . د . رحيم عبد الحسين عباس
كلية التربية للعلوم الإنسانية/ جامعة كربلاء