لمحه عن مستشفى الفرات الاوسط 1947 – 1948
تعود فكرة إِنشاء مستشفى الفرات الأوسط الى الملك فيصل الأول ، إلا أن وفاته قد أوقفت تحقيق الفكرة ، لكنها بقيت تناقش من قبل المسؤولين وفي عام 1944 قام وزير الشؤون الاجتماعية بزيارة الى ناحية الكوفة ، فأوعز ببناء مستشفى فيها ، واختيرت مدينة الكوفة لتكون مكاناً لتشييد هذا المستشفى ، بسبب توسط المدينة لمنطقة الفرات الأوسط ، الأمر الذي يمكن المواطنين من الوصول إِلى المستشفى من الوية كربلاء والحلة والديوانية بمسافات متقاربة فضلاً عن قربها من النجف وصلاحية مناخها ، وأطلق على المستشفى اسم (مستشفى الفرات الأوسط).
عد المستشفى من المستشفيات القليلة التي أنشأت في العراق من حيث السعة والفخامة ، إذ تبلغ مساحته (36000) متر مربع كما احتوى بناءه الضخم على (54) غرفة ، موزعة على ثمان ردهات في كل ردهة (20) سريرا ، فضلاً عن وجود (12) غرفة تحتوي كل واحد منها على سريرين ، كما إِنشأت في المستشفى عدد من صالات العمليات يتكون كل منها من مكان للتعقيم والتخدير وساحة خاصة بالعمليات وغرفة للطبيب ضم المستشفى (32) حماما و (36) مرحاضا و (34) مغسلة وقد نصبت فيه (72) مروحة سقيفة ، وبلغت تكاليف إِنشاؤه (76800) دينار (70) ، فضلاً عن تنظيم كشف لإقامة سياج قدرت كلفته بثمانية آلاف دينار، زيادة على إِقامة نصب تذكاري في وسط الساحة الأمامية للمستشفى لأحد مشاهير أطباء العرب
أكمل بناء المستشفى عام 1947، وظل مغلقاً على الرغم من التكاليف الكبيرة التي أنفقت في إِشاءه وحاجة السكان الماسة لخدماته ، ويبدو أن السبب في ذلك يعود إِلى قلة الكوادر الصحية التي كانت تعاني منها مديرية الصحة في العراق خلال هذه المرحلة إِلى أن تم افتتاحه في الثالث عشر من نيسان 1949 وعين الدكتور سليم نحاس مديراً له مع مدير إداري وعامل وحارس فقط ثم اخذ الدكتور النحاس يخاطب الجهات المسؤولة بمديرية الصحة العامة من أجل إِكمال تجهيزات المستشفى ورفده بالكوادر الطبية .
تم البدء بتوسيع مستشفى الفرات الأوسط في عام 1951 بإضافة قسم العزل الذي استمر العمل في انجازه مدة عام من قبل مجلس الأعمار ، و كان المستشفى بأمس الحاجة إِلى هذا القسم ، وفي عام 1952 استحدثت وزارة الصحة وارتبطت بها مباشرةً في العام نفسه مستشفى الفرات الأوسط بعد أن كان ارتباطها برئاسة صحة لواء كربلاء ، وبات يحتوي خلال العام المذكور على ( 300) سرير . .
تولى إدارة مستشفى الفرات الأوسط من عام 1954 حتى عام 1956 الدكتورعبد الرسول حداد وكان إدارياً ناجحاً ،أدت أعماله الإِدارية في القضاء على الإِهمال الذي كان سائداً في المستشفى ، فضلاً عن نجاحه في جلب المزيد من الأجهزة والمعدات إِلتي يحتاجها ، وهو ما أدى الى زيادة أعداد المراجعين إِلى المستشفى .
أفتتح في غضون السنوات الأولى من خمسينيات القرن العشرين قسماً للأمراض الصدرية في مستشفى الفرات الأوسط وكان يستقبل المراجعين ويقدم لهم العلاج ، إلا أن امكانياته كانت محدودة مقابل النسبة العالية من المصابين ، وبخاصة المصابين بمرض السل ، فالقسم يضم (40) سريراً فقط ، بينما بلغ عدد إِصابات المسجلة بالمرض ، وتستحق العناية داخل المستشفى (600) حالة ، لذلك كان مصير كثير من المرضى الموت ، على الرغم من حصولهم على بعض الأدوية ، غير أن المريض بحاجة إلى عناية كبيرة .
تالف كادر مستشفى الفرات الأوسط في عام 1957 من ثلاثة أطباء جراحين هم الدكتور عبد الأمير توفيق السكافي ، ماجستير في الجراحة البولية والتناسلية ، والدكتور الجراح رضا عجينة ، والدكتورالجراح رشدي المصري الجنسية ، وعلى الرغم من وجود هؤلاء الأطباء ، إلا أن المستشفى ظل يعاني كثيراً من المشاكل ومنها الافتقار إِلى باقي الاختصاصات ، وأهمها الطب الباطني ، لأن سكان اللواء كانوا بأمس الحاجة إِلى هذا الاختصاص ، وبخاصة المناطق القريبة كناحية الكوفة التي بني فيها المستشفى ، فضلاً عن ذلك أن قسم الأشعة كان صغير جدا ولا يوجد فيه مكان لجلوس المراجعين ، زد على ذلك أن الموظفين العاملين في هذا القسم كانوا يتعاملون مع المراجعين بخشونة .
أصبح الدكتور خزعل ذياب في عام 1957 مديرا لمستشفى الفرات الأوسط وعمل على سد النواقص التي تحتاجها المستشفى ، فتم إِنشاء ردهة جديدة كاملة المرافق تسع ثمانين سريراً فضلاً عن ذلك تم زيادة كادر المستشفى واستيراد آلات جراحية من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ، وكان قسما منها قد وصل إِلى المستشفى عن طريق وزارة الصحة ومن جانب آخر أوضح الدكتور النواقص التي لم تسد وبقي يعاني منها مستشفى الفرات الأوسط على الرغم من مضي تسع سنوات على افتتاحه ، ومن تلك النواقص هو عدم وجود مشروع للصرف الصحي ، ولذلك بذلت الجهود للقيام بإنشاء مشروع ضخم لتصفية وتصريف مياه الصرف الصحي لمستشفى الفرات الأوسط بلغت كلفتة التقديرية (20) ألف دينار، ولم يتم انجاز هذا المشروع خلال مدة الدراسة وبقي المستشفى بحاجة إِلى بناية لمعهد الأشعة وآخري للمختبر ودار للتمريض ، فضلاً عن حاجة المستشفى إِلى جهاز أشعة كبير، زد على ذلك بقي المستشفى بحاجة إِلى العديد من الأطباء في مختلف الاختصاصات .