مؤتمر وادي الحجير ونتائجه
ا. د. عدي حاتم عبد الزهرة المفرجي
طالبة الماجستير – قسم  التاريخ الحديث 
سجى باسم عبد الحسين 
عرف جبل لبنان كمقاطعة في ضل السلطة العثمانية حتى اعلنت الحلفاء توقيع معاهدة  سيفر 10 اب 1920 بين الحلفاء و الدولة العثمانية والتي اعلنت فيها اعترافها باستقلال الولايات  العربية عن الدولة العثمانية بعد ان استمرت لأكثر من 300 قرن حتى ارسال فرنسا(France)  الجنرال هنري غورو(Henri Gouraud)1919 ليتم ترسيم حدود لبنان الكبير في نهاية شهر اب عام 1920 وفق اتفاقية سايكس- بيكو(Sykes-Picot) بعد ان ثبت الانتداب الفرنسي على لبنان في مؤتمر سان ريمو(san remo)،و يذكر ان الجنرال هنري غور اتخذ قرار بتسليح القوى المسيحية في لبنان لمساندة الفرنسيين ولتنفيذ السياسة  الجديدة القائمة على انشاء قوات ساندة للقوات الفرنسية  وفق التقسيم الطائفي بين ابناء البلد الواحد ليكون مفكك سياسياً اجتماعياً وخاضعاً لقوة اكبر وهي فرنسا اذ  زودت سكان المسيح  بالأسلحة في  عكار وجنوب لبنان والقرى المسيحية في جبل عامل  ليكونوا خط دفاع اول امام القوات الفرنسية في موقعتين 13 اذار و15حزيران عام1920 في  جبل عامل انتهت الموقعتين بتراجع المقاومة الاسلامية امام العصابات المدعومة من فرنسا والتي كانت بزعامة ابراهيم فرنسيس في القليعة ، اتخذت الموقعتين حجة لتوسع الفرنسي ولأجل بثت الفتنة بين ابناء البلد  اذ بدأت الفرق النصيرية بمهاجمة الفرق الاسماعلية كونها ضمن المنطقة الفرنسية تحول مسار المقاومة ضد الاحتلال الى فتنة طائفية  بين الطوائف كانت سبباً  في اضعاف الوجود الاسلامي بالصراعات الدينية ،اما ما يشار اليها بالعصابات من قبل الفرنسيين كانوا مجموعة من الفرق الوطنية المسلمة والمدعومة من حكومة دمشق  لمحاربة التقدم الفرنسي في البقاع وجبل عامل من خلال الهجمات على المواقع الفرنسية  بالرغم من موقف المسيح المخيب للآمال  لاسيما زعماء المارون الذين كانوا سبباً في الانقسام حول تأييد لبنان الكبير او الانضمام الى سوريا  لذا قرر زعماء الفرق الاسلامية الاجتماع واتخاذ قرار يحدد توجهاتهم القادمة ، بعد استفردت بعض الصحف منها صحيفة البشير في مهاجمة الشيعة في جبل عامل باتهامهم بسلب حقوق المسيح من ايام الدولة العثمانية وتدبير المكائد وتثبيت اتهامات القتل والتزوير لسلب املاكهم واراضيهم بواسطة شهود الزور الذين تدبرهم المحكمة  جاعلة من تلك الازمات سبباً في تمسك المسيح بقرارهم بالوقوع تحت ضل سلطة دولة مسيحية قوية تحدهم من خطر الشيعة على حقوقهم كما ادعت الصحيفة والموالين لآرائها من المسيح، يبدو ان جريدة البشير وغيرها من الصحف التي سارت على طريق البشير  لم تكن سوى جندي من الجنود الموالين لفرنسا وتنفيذا لسياستها من خلال جذب المسيح للمخطط الفرنسي لقائم على انشاء لبنان الكبير ذو اغلبية مسيحية على ان تتولى الفرق المسيحية ادارة البلاد بعد ان كانت في ايدي المسلمين لأكثر من 3 قرون، وبث الفتنه واتباعها اسلوب الانتقاص من الطائفة الاسلامية الشيعية من خلال العقائد واظهارها بلا انسانية ،ادت تلك التطورات لإعلان كامل الاسعد عن عقد مؤتمر يضم وجهاء جبل لبنان لاسيما بعد اصرار الفرنسيين على إعلان موقف جبل عامل من مؤتمر الحكومة السورية 8 في  اذار عام 1920  ،عُقد مؤتمر وادي الحجير في جبل عامل 24نيسان عام 1920  بحضور اعيان جبل عامل امثال ابا الفضل ال زيرين والشيخ احمد رضا و المؤرخ محمد جابر ال صفا و الشيخ سليمان ضاهر وقادة الثورة العربية امثال صادق الحمزة اما من رجال الدين السيد عبد الحسين شرف الدين  والسيد جواد مرتضى والعلامة الشيخ موسى قبلان  ، افتتح المؤتمر برئاسة كامل الاسعد بصفته زعيم جبل عامل بعد اطلع الحاضرين على الخطوات المقبلة وعليهم تحديد الخيار المناسب بعد النقاش اتفق المؤتمرين على ارسال وفد الى بلاد الشام  برئاسة السيد عبد الحسين شرف الدين  والسيد عبد الحسين ال نور الدين  للقاء  العلامة الاكبر للشيعة  السيد محسن الامين  للتفاوض مع حكومة دمشق وفقا لقرارات مؤتمر وادي الحجير و التي  اكدت على تجنب الوقوع في الفتنة الطائفية، ورفض اي شكل من اشكال التبعية السياسية و السيطرة العسكرية الفرنسية على جبل عامل العمل من اجل ضم جبل عامل الى سوريا ،اختيار عدد من اعضاء المؤتمر لتمثيل جبل عامل  في مقابلة الامير فيصل عبرت السلطات الفرنسية عن المؤتمر بالريبة والقلق  من نتائج الاجتماع كونه اجتماع شيعي بحت  اذ عملت على استغلال المؤتمر لتحريض الفتنة من خلال دعم  اصوت الموالين لفرنسا للاحتجاج على مقررات المؤتمر كونها تضر بمصالح المسيح في جبل عامل و بدأت الصحف الموالية بنشر الاشاعات حول المؤتمر متهمة الاعضاء بتجارة السلاح والتخطيط لأنهاء المسيح في الجبل وتحرك الشخصيات المسيحية المعروفة من بيت العازوري وبيت نور للقاء لحاكم الفرنسي الجنرال هنري غورو والوقوف على اهم تطورات الاحداث القادمة ان تلك المشاحنات التي لم تهدا واستمرت لعدت ايام بعد المؤتمر وتبادل الاتهامات بين الزعماء المسيح والشيعة في ضل تمتع الفرنسيين بنجاح خططهم الشيطانية لتفرقة بين ابناء جبل عامل اذ ان نجاح الاعضاء في تنفيذ مقررات المؤتمر سيخلق مصاعب جديدة امام فرنسا في اخضاع لبنان لذا عملت على تأجيج الاوضاع بين الاطراف قبل انطلاق الوفد الى سوريا ، انقسمت الآراء حول المؤتمر اذ يرى بعض المعاصرين في كتبهم امثال امين الريحاني كتابه (ملوك العرب) ان مؤتمر وادي الحجيرة مؤتمر طائفي بحت  وكان سببا في قيام الفتنة بين المسيح والمسلمين من اجل انهاء الوجود المسيحي في جبل عامل وقيادة البلد للتهلكة و احد الاسباب المباشرة لحادثة عين الابل التي اودت بحياة الكثير من المواطنين  فيما يرى السيد عبد الحسين شرف الدين ان اتفاق اعضاء المؤتمر بأبعاد قادة الفرق المجاهدة من حضور المؤتمر عدا صادق الحمزة لتكون كل الاطراف على دراية كاملة بان هدف المؤتمر ليس الانقضاض على المسيح في جبل عامل بل لضمان حقوق المسلمين  نتيجة لتلك الفتنه اندلعت مجزرة عين الابل وكانت  ابرز الاسباب التي ادت الى حدوث المجزرة ابتدأت بإعلان اهالي عين الابل احتفالا بقدوم الجنرال هنري غورو الى لبنان ونشر الجمعيات المؤيدة للوجود الفرنسي امثال (جمعية اتحاد الشبيبة) التي تهدف الى جذب فئة الشباب المسيحي نحو دعم فرنسا ضد الحكومة العربية من خلال  عقد مؤتمر مسيحي و رفع اللافتات الترحيبية بالجنرال هنري غورو ورئيس وزراء فرنسا جورج كليمنصو(Georges  Clemenceau)، ان الميول المسيحي الى فرنسا من الطبيعي ان يقابله نفور اسلامي من وجود لأي اجنبي على اراضيهم  استمرت فرنسا في تصعيد الازمة الطائفية و بدأت بنشر الاشاعات من خلال مواليها عن هجوم يقوده الشيعة على عين الابل لإنهاء الوجود المسيحي في جبل عامل وضمها الى سوريا، تسلل الخوف والفوضى في نفوس القرى المسيحية وطالبوا بدعم فرنسا لحمايتهم اتخذتها فرنسا فرصة لتجهيز المسيح عدد من الاسلحة بعد ان رفض القائد الفرنسي دي لاباستيير(De Labastiere) التدخل خوفا من قوات صادق الحمزة ، كانت خطة الفرنسيين زرع بذور الخوف من المسلمين لأجل اندفاع المسيحيين واخذ الاسلحة لحماية انفسهم بالرغم من اعلان ممثلين  الشيعة في مقابلتهم الامير فيصل اعتراف جبل عامل به حاكما على سوريا والدعوة الى الوحدة وتفادي الفتنه بالدعوة الى تهدئة النفوس والحفاظ على الاملاك العامة وارواح المواطنين المسيح وتوجيه الانذار للخونة المتحالفين مع الفرنسيين الذين حرضوا اتباعهم المسيح من ذوي العقول البسيطة  في الجنوب من جبل عامل على قرارات اجتماع ممثلين وادي  الحجير والامير فيصل، تطورت الاوضاع نحو الأسوأ بعد ان ارسلت المقاومة كتاب الى وجهاء عين الابل مطالبين منهم التراجع عن قرار التعرض للمسلمين والدعوة الى الوحدة ضد المحتل  اختلفت الروايات حول الرد المسيحي ومضمون الرسالة التي ارسلت الى عين الابل اشار بعض المؤرخين عن محتواها حول كانت رسالة تهديد لتسليم الاسلحة الى قوات صادق الحمزة او لعرض السلام على القرى المسيحية ومنهم من يذكر انها قد مزقت على ايدي المسيح المتشددين بعد ان كتب وجهاء عين الابل توافقهم مع كامل الاسعد، بدأت الفرق المسيحية بالاعتداء على عابري السبيل من المسلمين سببت تلك التصرفات الفردية  من الشبان المندفعين الى حدوث مجزرة عين الابل5 ايار1920  بعد اجتماع العصابات المسلحة بالقرب من قرية بنت جبيل مما ادى الى  اشعال الطائفية بعد ان  اشتبكت القوات المسيحية المسلحة بسلاح فرنسي مع  الشيعة في جبل عامل استمرت المناوشات لعدت اشهر راح ضحيتها عدد كبير من الضحايا نزحت على اثرها الاسر المسيحية الى القرى المجاورة ،وامام تهاون الجنرال هنري غورو لحل الازمة وايقاف المجزرة مكتفيا بتامين مصالحهم في مرجعيون وصور وصيدا  اذ ان الخطة تقوم على الانتظار  لحين انهيار الفرق المقاتلة  لكن بعد ان  قام المسلمين باعتراض الطريق  على العساكر الفرنسيين الذين ينقلون الاسلحة من صور وصيدا الى عين الابل  اتخذها الجنرال هنري غورو حجة الانهاء الازمة واخضاع  جبل عامل بالقوة  بعد ان خسر عدد كبير من قواته بين حصيبا ومرجعيون في هجوم المقاومة 8 كانون الثاني 1920 حتى اضطرت الاسر المسيحية بالنزوح الى النبطية ، امر الجنرال هنري غورو الكولونيل نيجر(Niger) بقيادة القوات الفرنسية البالغة اربع الاف جندي مدعمين بالمدافع والطائرات لاحتلال جبل عامل وابادة فرق المقاومة ،اذ بدأت القوات بالتقدم 18 ايار متخذة من  مدينة صور مركز لانطلاق الحملة التي اودت بحياة الكثير من الابرياء والوطنيين الذين هدمت منازلهم وشردوا من اراضيهم نتيجة البلاغات المسيحية الغير منصفة بحق الوطنيين منهم  كامل الاسعد الذي حالفه الحظ بالخروج سرا الى دمشق  انتهت المجزرة بالنصر لفرنسا وكانت تبعاتها ضرر كبير على جبل عامل بأكمله ، تمكن    الكولونيل نيجر من فرض سيطرته على جبل عامل وكل القرى المحيطة واعادة المسيح الى قراهم و في 5 حزيران من العام نفسه و جمع وجهاء جبل عامل ليعلن عن النصر الفرنسي وابلاغهم بتنفيذ اوامر السلطات الفرنسية عقاباً لهم  والتي تضمنت دفع مئة الف ليرة عثمانية ذهبية غرامة حربية على شيعة جبل عامل وتكليف حاكم صور بأمر الغرامة ، تسليم المطلوبين وجميع الاسلحة للحكومة الفرنسية وعدم التهاون في ذلك اما النتائج الاخرى اصبحت المراكز الادارية  في ايدي المسيح واستبعد الشيعة وحددت صلاحياتهم في السلطات المحلية، واصدر حكم النفي المؤبد على كامل الاسعد و السيد عبد الحسين شرف الدين وغيرهم  وحكم الاعدام بأغلب الشخصيات الوطنية .

شارك هذا الموضوع: