هو محمد علي المسعود بن ابراهيم آغا القوللّي من اصول البانية تركية ولد في مدينة قولة بإقليم مقدونيا في عام 1769، ديانته مسلم كان والده يعمل رئيس خفر الطرق في قولة اما والدته فلا يعرف اسمها بسبب العادات الشرقية التي كانت تأبى على المرأة ان يعرف اسمها خارج بيتها
انظم محمد علي وهو في الثلاثين من عمره الى الكتيبة الالبانية بصفة وكيل قائد الكتيبة التي ارسلت ضمن الجيش العثماني الى مصر للتصدي للاحتلال الفرنسي (1789-1801) وقد اظهر موهبة وشجاعة وذكاء حاد ومنطق سليم مكنته بسرعة ومهاره ان يصبح قائداً للكتيبة الالبانية بعد وفاة قائدها طاهر باشا
وصول محمد علي باشا للحكم في مصر:
لقد كان للعلماء بزعامة عمر مكرم الدور الرئيسي في تولية محمد علي حتى لم يجد السلطان العثماني بداً من الموافقة على تعيينه والياً على مصر عام 1805،واثناء حملة الإنجليزية المعروفة بحملة فريزر (1807) خطا محمد علي خطوة كبرى نحو تثبیت قدمه كحاکم مطلق على مصر وبلورة توجهه السياسي وارتباطه العضوي بالسياسة البريطانية. فعلى الرغم من أنه لم يشترك بشكل فعلي في مقاومة الإنجليز عند إنزالهم العسكري، وكان أثناء معركة الحماد في 21 ابريل 1807 التي هزم فيها الإنجليز موجودة في الصعيد يحارب المماليك فقد استثمر هذا النصر إلى أبعد الحدود وشرع في مفاوضة الإنجليز مبدية لهم استعداده للتعاون معهم ضد أعدائهم – الفرنسيين والعثمانيون- مقابل انسحابهم من الإسكندرية من ناحية ، وحمايته من هؤلاء الأعداء الخارجيين أعداء الجميع في تلك الفترة من ناحية أخرى، وكان تخوف محمد علي من عزله من قبل السلطان أشد من خوفه من الإنجليز على مصر
شرع محمد علي فوار منذ اللحظة التي تسلم فیها الحكم بانشاء جیش نظامي . ولكن قلت الكوادر والاسلحة جعلت الامور تسیر ببطء . وكان العساكر الالبانیون نواة الجیش الجدید ، ولم یجندوا المصریون فیه وذلك بتحیز العثمانيون والممالیك كان لا يزال قویا جدا ومع ذلك فقد قرر محمد علي تجنید الفلاحین المصریین في الجیش بعد الحملة على الجزیرة العربية (1811- 1819م) وخاصة الحملة على مورة ( 1824 – 1828 وكان فیها كثیر من الجنود الافریقیون
اصلاحــــــــاته :
1ــ الإصلاحات الإدارية: التنظيمات الإدارية التي قام بها محمد علي في مصر كانت غامضة ومعقد ة في كثير من النواحي، فلقد استحوذ محمد علي على السلطة بعد الفوضى التي كانت سائدة في مصر عقب خروج الفرنسيين عام 1801، و ما يلفت النظر في الجانب الإداري هو حدوث تغيير في الإصلاحات، فلقد اختفت أسماء الإدارات والألقاب القديمة لتحل مح لها أسماء جديدة اتخذت مكانتها في اللغة وأصبح لقب “بك” مجرد لقب فخري، فقد قيمته بسبب كثرة منحه و تمثلت التطورات التي أدخلت في إدارة الأقاليم في ظهور لقبين جديدين هما:
لقب مدير( أي رئيس المديرية) وكان مسؤولاً عن تنفيذ أوامر الباشا على المصانع في المديرية، واصدار توجيهات فيما يتعلق ببذر المحاصيل وريها، ولقب ثاني تمثل في (رئيس المركز)، وكان يضطلع بالمسؤولية الكاملة عن كل الأعمال في القرى الواقعة تحت إشرافه، وكذلك استخدمت كلمة أخرى جديدة، هي كلمة (مديرية) وحلت محل ( إقليم)، كما أ دى استيلاء مصر على بعض المناطق خارج حدودها إلى استخدام لقب جديد هو، لقب “حكمدار،” و أطلق هذا اللقب على حاكم سورية المدني عام 1832م، وعلى الحاكم العام للسودان عام 1835وكان حكمدار السودان يجمع في يده السلطة العسكرية والمدنية كما تطورت الإدارة في مصر في عهد محمد علي باشا، وواكبت تحولات شهدتها البلاد، فعمل على تقسيم البلاد إلى سبعة مديريات، لكل منها مدير، أربعة في الوجه البحري وثلاثة في الوجه القبلي، والمديريات قسمت إلى مراكز وأقسام وقرى، ويرأس المأمور المركز والناظر القسم والشيخ القرية ، ويقوم المدير بتنفيذ أوامر الباشا ويشرف على الري وأعماله، والمأمور يراقب الزارعة وجميع الأموال والمحاسبة، وارسال الجنود للخدمة العسكرية
كما تطلب تكوين الجيش الجديد إقامة نظام للإدارة العسكرية لم تعهده مصر من قبل، ومن ناحية الأخرى تطلب بناء الأسطول وتطوير مدارس الحكومة وتنمية التجارة والصناعة تأسيس جهاز حكومي يقوم بالإشراف على كل هذه المسائل و لذلك فكر محمد علي في تكوين بعض المجالس أو الدواوين وهي
الديوان العالي: وهو مجلس الحكومة، مقره في القلعة.
المجلس العالي: تأسس في عام 1824يتألف من رؤساء الدواوين ورؤساء المصالح واثنين من العلماء يختارهما شيخ الأزهر، واثنين من التجار، واثنين من الأعيان عن كل مديرية من مديريات مصر السبع ويعتبر بمثابة مجلس وزراء أنشئ نتيجة التوسع في أعمال الحكومة.
مجلس المشاورة الملكي: وينتخب هو أعضاءه بنفسه، وكان عددهم يترواح ما بين 30 و40 عضوا، وكانوا ينظرون في شؤون البلاد العامة، ويعرض عليهم القوانين قبل سنها، ومع أن هذا المجلس كان استشاريا محضا، تمكن من خلاه محمد علي من تخفيف عبئ المسؤولية الملقاة على عاتقه أمام شعبه وأمام الدول الأجنبية وكون محمد علي مجالساً خاصة لكل إدارة في الحكومة، فكان هناك مجالس للحربية والبحرية والزارعة والتجارة والأمور الإفرنكية والمدارس والصحة
الدواوين التي أنشأها محمد علي:
ديوان الخديوي- وزارة الداخلية
ديوان الإيرادات – وزارة المالية
ديوان الجهادية – وزارة الحرب
ديوان البحر – وزارة البحرية
ديوان المدارس – وزارة التعليم والأشغال العمومية
ديوان التجارة المصرية والأمور الإفرنجية – وزارة التجارة والشؤون الخارجية.
ديوان الفابريقات – وزارة الصناعة
الصناعة:
إهتم محمد علي باشا بالصناعات الحرفية ففرض عليها الضرائب وقام أيضا بإحتكار الصناعات القائمة على النسيج، وفي الجهة المقابلة قام بإنشاء المنشآت الحديثة وإدخال الصناعات الثقيلة المرتبطة بالجيش والأسطول وما تحتاج إليه من سلاح وذخيرة، وكان يسعى من وراء ذلك إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، وقد أهتم بإدخال الصناعات الكبرى إلى مصر، فأنشأ 15 معملا لغزل القطن تنسج نحو مليوني قطعة قماش في السنة، وكانت فاوريقة مالطة في بولاق أكبر معمل للغزل والنسيج في القطر المصري، كما أن مصانع الأقمشة الكتانية منتشرة في أرجاء مصر
التجارة:
لما زادت محصولات البلاد إلتفت محمد علي باشا إلى التجارة، وقد وجد في مركز مصر الجغرافي ما يشجع على التجارة، فهي تطل على البحرين الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ويشكل موقعها نقطة إلتقاء بين القارات الثلاث إفريقيا وأسيا وأوروبا، ولهذا كانت دائما سوقا كبيرا للسلع، وقد لعبت مصر دورا كبيرا كوسيط تجاري على مستوى التجارة الدولية بين بلاد الشرق وأوروبا حتى أواخر القرن الثامن عشر، وكانت هذه الوضعية الجغرافية لمصر أحد أهم عوامل استمرار التبادل التجاري مع الخارج ،وقد وضعت الحكومة المصرية يدها على العديد من المحاصيل الزراعية فألزمت الفلاحين على بيع محاصيلهم بالسعر الذي تحدده، وهي وبذلك احتكرت التجارة الداخلية والخارجية، والجدول التالي يبين حجم ما تجنيه الدولة من عملية الاحتكار، والناتج الذي يعود عليها من خلال إعادة بيعها في السوق الخارجية
الانجازات العسكرية:
فكان محمد علي باشا يدرك تماما مدى حاجة الحلم الذي يراوده بتكوين الإمبراطورية بالجيش، ولذا اهتم بتطوير وانشاء جيش على النمط الأوربي الذي اعتبره دعامة أساسية في ترشيح التكوين السياسي المصر ي وبناء دولته الحديثة كوسيلة ف ع الة في التوسع والامتداد على أطراف عديدة فنجح في تطوير جيشه العربي وتقوية أسطوله البحري إذ أدخل الأسلحة الحديثة ،وطبق النظم الأوروبية مستفيدا من خبرة فرنسا في هذا المجال، فاستقبل بعثة عسكرية رسمية بقيادة الفرنسي (بوابيه) لتدريب جيشه، واستعان بضابط فرنسي برتبة كلونيل اسمه (اوكتاف جوزيف أنتلر سيف) في 1819لتنظيم جيشه على نمط الجيش الفرنسي، وفي عام1820 وجهه محمد علي مع خمسمائة من مماليكه إلى أسوان ليدربهم هناك على الطريقة الحديثة في استعمال الأسلحة والنظام العسكري ، فاضطر عظماء مصر أن يرسلوا مماليكهم إليه ليدربهم، فبلغ عدد الموفدين للتدريب على يديه في أسوان ألفا متدرب
اما عن الاسطول البحري لم يكن بمصر أواخر 1809 منشآت بحرية حربية مطلقا، وأول ما جعل محمد علي يفكر في إنشاء هذا السلاح هو حرب الوهابية التي كلفته بها الدولة العثمانية، فشرع عام1810 في إنشاء المركب، وجعل بساحل بولاق ترسخانة ودار صناعة و ورشات وجمعوا الصناع ،فأنشئوا أربعة سفن، إحداها تسمى الإبريق، وسفن أخر ى لحمل المسافرين والبضائع .