مشروعية الذهاب الى زيارة الامام الحسين عليه السلام سيرا على الاقدام 
          اضحت الملحمة الحسينية الروح التي تبث قيم العطاء الاسلامي والانساني على مر الاجيال ، وذلك عبر احياء  شعائرها () ، ومن هذه الشعائر هي شعيرة زيارة مرقد الامام الحسين عليه السلام سيراً على الاقدام في ذكرى يوم الاربعين بعد استشهاده عليه السلام ، فما هو الدليل على مشروعية الزيارة في هذه الذكرى ، فضلاً عن مشروعية الذهاب الى الزيارة مشياً ، وهذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه في هذا المحور من البحث . 
          تكاد تجمع مختلف المذاهب الإسلامية على ان كل الاشياء مباحة ما لم يرد دليل شرعي على حرمته  ، وهذا ما ذهب اليه الشافعي ومالك واحمد بن حنبل وكثير من علماء الحنفية بالاستناد على القاعدة التي تقول : ((  الأصــل في الأشياء الإباحــــة حتى يدل  الدليل علـــى التحريم )) () . وهو عين ما ذهب اليه  فقهاء الشيعة  الامامية    بان  : (( الاصل في الاشياء الإباحة حتى يرد فيها نهي ، فهم لا يخطئون من يفعل شيئا لا يعلم المنع عنه … فمن قال : هذا حلال ، او هذا طاهر ، لا يسأل عن الدليل وانما يطلب الدليل ممن يدعي التحريم او النجاسة ، لأن الأصل في الاشياء الحل والطهارة حتى يثبت العكس )) () . وعلى وفق هذه القاعدة المتفق عليها بين العديد من المذاهب فان الذهاب مشياً على الاقدام لغرض الزيارة امر مباح ، لا بل توجد العديد من الروايات والاحاديث التي تؤكد بان الذهاب لقصد الزيارة مشياً اعظم اجراً وثواباً منها راكباً . 
      حث رسول الله محمد صلى الله عليه واله على السير لكل طاعة ، وتمسك بهذا النهج اهل بيته عليهم السلام وجملة من الصحابة والتابعين والعلماء ، فأحيوا مجموعة من الطاعات سيراً على الاقدام تأسياً بالرسول الكريم صلى الله عليه واله وسنته ، اذ روي عنه  صلى  الله  عليه واله  بخصوص المشي لنصرة المظلوم انه قال  :  (( من مشى مع مظلوم حتى يثبت له حقه ، ثبت الله تعالى قدميه يوم تزل الاقدام  )) . وكذلك قال صلى الله عليه واله لأمير المؤمنـــين علي عليـه السلام  :  (( والله لتقتلن بارض العراق وتدفن بها … يا ابا الحسن ان الله جعل قبرك وقبر ولدك من بقاع الجنة وعرصة  من عرصاتها ، وان الله جعل قلوب نجباء من خلقه وصفوته من عباده تحن اليكم وتحتمل المذلة  والاذى فيكم فيعمرون قبوركم ويكثرون زيارتها تقربا منهم الى الله مودة منهم لرسوله اولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي )) ()
          وبخصوص قصد زيارة الامام الحسين عليه السلام مشياً روي عن الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام انه قال : (( من خرج من منزله يريد زياره قبر الحسين عليه  السلام  ان كان ماشيا كتب الله  له  بكل خطوة  حسنة  ومحى عنه    سيئة … )) () وعن الامام علي بن موسى الرضا عليهما السلام عليه  قال :  (( ان لكل امام عهدا في عنق اوليائه وشيعته وان من تمام الوفاء بالعهد وحسن الاداء زيارة قبورهم ، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كان ائمتهم شفعائهم يوم القيامة )) () .  وقد روي عن الامام الصادق عليه السلام دعاء غاية في الروعة لزوار الحسين عليه السلام ومما قال فيه : (( اللهم يا من خصنا بالكرامة … اغفر لي ولإخواني ، وزوار قبر ابي عبد الله الحسين ، الذين انفقوا اموالهم ، واشخصوا ابدانهم رغبة  في برنا ، ورجاء لما عندك في صلتنا وسرورا ادخلوه على نبيك ، واجابة منهم لإمرنا ، وغيظا ادخلوه على عدونا ، ارادوا بذلك رضوانك فكافهم  بالرضوان … اللهم ان اعدائنا عابوا عليهم بخروجهم فلم ينههم ذلك عن الشخوص الينا خلافا منهم على من خالفنا ، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التي تتقلب  على حفرة ابي عبد الله الحسين عليه               السلام …)) () .
        وبخصوص زياره الامام الحسين عليه السلام يوم العشرين من صفر فهي مما قام به الإمام المعصوم الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام الملقب بالسجاد بعد عودته من اسر الشام مع سبايا ال بيت النبوة مصطحباً معه راس ابيه الشريف الذي اعاده للدفن مع الجسد الطاهر في كربلاء ، التي وصلها الإمام السجاد عليه السلام في العشرين من صفر سنه 61 للهجرة ، اي بعد أربعين يوما استشهاد الامام الحسين عليه السلام  ، وهذا ما  أكده  السيد       جعفر مرتضى العاملي بشيء من التفصيل في كتابه الموسوم : ( كربلاء فوق الشبهات )   معتمدا فيه على امهات المصادر ()
         اما بالنسبة الى التوجه لزيارة الإمام الحسين عليه السلام مشياً يوم الاربعين فلم يرد فيه نص خاص ، لكنه يدخل في عموم الروايات الدالة على استحباب المشي لزيارته عليه السلام ، وهذا ما اكده استاذ في الحوزة العلمية في النجف الاشرف السيد محمود المقدس الغريفي قائلاً :    (( واما المسير الى سيد الشهداء عليه السلام في خصوص زيارة الأربعين ( في العشرين من صفر ) من كل عام ، فانه لم يرد فيه نص خاص في السير على الاقدام الى كربلاء ، ولكنه داخل في عموم الروايات الدالة على  استحباب المشي  الى زيارة الامام الحســين عليه  الســـلام  والحث عليــــــــــه  )) () .       

شارك هذا الموضوع: