.
 مشكلة الجفاف أسبابها وسبل معالجته 
الجفاف من المواضيع التي اهتم بها الجغرافيون لكونه يشكل ظاهرة مناخية بيولوجية تتعلق بالانسان وما يحيط به من طبيعة والقدرات الاقتصادية والبيئية. اذ اتجهت الدراسات المناخية الى التقصي عن اسبابه والعوامل التي يتاثربها ويؤثر فيها تحت مفهوم التصحر (Desertification) كالاحتباس الحراري والزراعة والري والمجاعات في العالم والامن الغذائي والاكتفاء المائي …الخ.
ويعرف الجفاف Drought بعدم قدرة الرطوبة الجوية او الارضية على الانبات أي انها غير كافية Insufficient لعمليات الانبات. وقد بين ثورنثويت اربع اصناف من الجفاف وهي
  1. الجفاف الدائم Permanent Drought: وفيه تكون كمية الامطار قليلة جدا الى الحد الذي لاتستطيع معه التربة او رطوبة الجو الانبات خلال معظم ايام السنة ولاتنمو فيه الا النباتات التي تقاوم النقص الشديد في الرطوبة والمياه كالنباتات الشوكية ويظهر هذا النوع في الصحاري الحارة والباردة على حدٍ سواء ولايمكن الزراعة فيها الا بواسطة الري وهو الذي يوجد في وسط وجنوب العراق وصحاري العالم.
  2. الجفاف الفصلي Seasonal Drought: الذي يظهر في فصل معين من السنة اذ تقتصر مدة الزيادة المائية او المدة الرطبة او شبه الرطبة على فصل او فصلين او ثلاث دون فصل الجفاف وتقوم الزراعة في الفصل المطير معتمدة على الامطار اما في فصل الجفاف فانها تعتمد على الري كما يحدث في المنطقة الجبلية من العراق والمتموجة.
  3. الجفاف الطاريء Contingent Drought: وينتج عن عدم انتظام الامطار وتقلب مواسمها ويقتصر هذا النوع على المناطق الرطبة والشبه رطبة اذ قد تمتد مدة الجفاف الى زمن طويل دون تساقط الامطار او سقوطها الامر الذي يؤدي الى هلاك النباتات وهبوط الانتاج الى ادنى حد, ويعتبر هذا النوع من اخطر انواع الجفاف اذ لايمكن التبؤ به ولا يمكن التعويض عن الامطار بالارواء كما حدث في كثير من دول العالم عندما ضربتها موجات من الجفاف كدول شمال حوض البحر المتوسط التي تعرضت غاباتها الى الحرائق نتيجة لموجات الجفاف المفاجئة التي تعرضت لها.
  4. الجفاف الغير منظور Invisible Drought: وهذا النوع يحدث عندما تقل فيه الرطوبة الجوية او رطوبة التربة عن الحد الادنى للنباتات كي تنمو او تعيش فتتعرض الى التقزم او الذبول او الموت ويؤدي الى نشوب الحرائق في الغابات التي تتعرض اليه ثم تحول الموقع الى مناطق متصحرة ويقتصر هذا النوع من الجفاف على المناطق الرطبة في العالم.
وهنالك انواع ثانوية من الجفاف وهي:
  1. الجفاف الهيدرولوجي- يسود هذا النوع من الجفاف في المناطق التي تعجز كميات الامطارها الساقطة من توفير المياه الى المنخفضات الى الحد الذي يجعلها تفيض بمياهها وتنساب منها بشكل مجاري مائية صغيرة نسبياً.
  2. الجفاف الزراعي – يتمثل في قلة سقوط الأمطار وعدم كفايتها لنمو المحاصيل الزراعية وإنتاجها سواء اكانت تلك المحاصيل شتوية أم صيفية،لذا فالجفاف هو المدة الزمنية التي تكون فيها كمية المياه في التربة غير كافية لنمو المحصول وتطوره حتى موسم النضج، أي إن هذا النوع من الجفاف يحدث عندما تكون كمية المياه المطلوبة للتبخر والنتح اكثر من كمية المياه الموجودة فعلاً في التربة
أَسباب الجفاف:
    يرتبط الجفاف بالعديد من العوامل الطبيعيَّة والبشرية التي تُسهم في حدوثه وتوسيع رقعته, وفي مقدمة هذه العوامل هي الدورة العامَّة للغلاف الجوي وما يحدث فيها من تغير في توزيع المُنخفضات والمُرتفعات الجوية، وزيادة تكرار تعرض منطقة ما للمرتفعات الجوية, يؤدي إلى إِستمرار تأثيرها على المنطقة والمتمثل بنقص كمية الأَمطار أو إِنقطاعها، لمدة طويلة ممَّا يسهم في حدوث الجفاف 
   يؤثر الموقع الجغرافي في انتشار الجفاف عن طريق موقع المناطق أو الأَقاليم  الجافة بالنسبة للمسطحات المائية البحار والمحيطات من خلال تميزها الفصلي عن اليابس في ظروفها الحرارية، وضغوطها الجوية فهي تمثل المساحات الأَعلى حرارةً والأقل ضغطاً جوياً في فصل الشتاء, بينما تصبح العكس في فصل الصيف، ولا يرتبط هذا التأثير بمدى إِنكشاف اليابس لهذه المؤثرات البحرية، عن طريق عدم وجود عوائق تضاريسية تمنع وصول هذه المؤثرات, إِذ يمكن للعوائق التضاريسيَّة أن تفرض ظروف الجفاف، ويمكن أن تكون عاملاً مُضافاً لعوامل الجفاف الأَخرى, لذلك فإنّ المناطق وبحكم موقعها القاري، تتحول إلى صحاري داخلية, من ناحية أخرى يمكن أن يرتبط الجفاف بأنماط طبوغرافية معينة مثل الحوض او الجبل أو غيرها من الأَنماط الطبوغرافية الأَخرى, أمّا في حالة إِستواء السطح ولمسافات طويلة فإنَّ ذلك أيضاً يمكن أن يزيد من انتشار ظروف الجفاف، فالرياح الرطبة تسقط حمولتها من الأَمطار بعد إِرتفاعها إلى الأَعلى، متجهةً لعَّدة أَسباب منها اصطدام بعوائق تضاريسيَّة مُكونة ما يُسمى بالأَمطار التضاريسية. 
   أمّا دور الإنسان في انتشار ظروف الجفاف, فقد أثر عليها من خلال ممارسات خاطئة أو استغلال للأرض بصورة غير صحيحة وبطرق بدائية, وذلك تلبية لحاجاته اليومية ولإيجاد سبل ووسائل للعيش على أرض المعمورة من ازالته للغطاء النباتي وجرف التربة وتملحها والرعي الجائر غير المتزن, كل هذا الحق اضراراً وخللاً بالنظام البيئي واضطراباً في كثير من المناطق تتزايد صعوبة التعامل معه، أو معالجته مع مرور الزمن لا سيما المناطق شبه الجافة، التي انضمت تدريجياً إلى حدود الأَقاليم الجافة
 
 معالجة الجفاف 
  1. انشاء مؤسسات بحثية متخصصة تحتوي على تقنيات عالية الجودة تعنى بظاهرة الجفاف والظواهر المناخية الأخرى, كذلك القيام بالتشجيع على اجراء المزيد من الدراسات والبحوث المتعلقة بظاهرة الجفاف حتى يمكن فهم اسباب هذه الظاهرة والتنبؤ بأوقات حدوثها خلال العقود القادمة .
  2. رصد تطور ظاهرة الجفاف باستمرار, أذ أن من الممكن أن تساعد الملاحظات المستمرة لمستويات لكميات تساقط الأمطار ومقارنة تلك المستويات مع مستويات انهمار الأمطار خلال السنوات والعقود السابقة, وابراز تلك التغيرات في كمية الأمطار مهما زادت أو قلت عن المعدل المعتاد للتساقط, وبالتالي تؤدي تلك الاجراءات عن الكشف المبكر لظاهرة الجفاف في منطقة الدراسة . 
  3. استخدام الدورة الزراعية في الأراضي الزراعية بطريقة مخططة بشكل علمي مدروس لتخفيف من تعرية التربة و تقليل فقدانها من المياه, كما أنها تتيح الفرصة أمام المزارعين لزراعة محاصيل أقل استهلاكًا للمياه في السنوات الأكثر جفافاً, وترشيد استخدام المياه للاستعمالات المختلفة وتوعية السكان بذلك الخطر المحدق بها لتقليل الاسراف وخاصة في السنوات التي يتكرر فيها الجفاف .
  4. القيام بشق قنوات صناعية أو إعادة توجيه الأنهار كمحاولات واسعة النطاق لـري الأراضي في المناطق الجافة أو المعرضة لظاهرة للجفاف فضلاً عن التوجه التقني نحو استخدام أساليب الري الحديثة للتقليل من الضائعات المائية التي تذهب سدى نتيجة للمياه الزائدة في ارواء النباتات, وبناء السدود والخزانات على الأنهار وروافدها وخاصة في السنوات الرطبة وبالتالي تعد فرصة يمكن استغلالها لتوفير المياه للسنوات الجافة 
  5. استخدام المياه المعالجة كيميائياً وبيولوجياً في العمليات الزراعية والصناعية, ويقصد بها مياه الصرف المتخلفة عن الأنشطة البشرية المتعددة ( المياه الناتجة عن الصناعة والصرف الصحي) التي تمت معالجتها وتنقيتها ,وفق المعايير والمقاييس العلمية وبالطرق العلمية الحديثة. 
 

شارك هذا الموضوع: