مشكلة المياه الاقليمية بين العراق والكويت في خور عبد الله 
اثر الموقع الجغرافي وطبيعة وشكل الساحل على وضع العراق القانوني كدولة بحرية حسب اتفاقية البحار لعام (۱۹۸۲)، فموقع العراق في رأس الخليج العربي وتقعر ساحله يجعل البحار الإقليمية وامتداداتها لكل من الكويت وإيران تتقاطع عند بحره الإقليمي فتسد الطريق أمام الامتداد الطبيعي للبحر الإقليمي العراقي، وكذلك تمنعه من امتلاك مناطق اقتصادية خالصة، كما تحدد بحره الإقليمي بمنطقة ضيقة على شكل مثلث قاعدته ساحل العراق في رأس البيشة وجزء من خور عبد الله وتتداخل البحار الإقليمية العراقية والإيرانية والكويتية كما يتداخل الجرف القاري العراقي مع هاتين الدولتين لذا يمكن عد العراق الدولة الأكثر تضرراً في الخليج العربي ويكون تضرر الجغرافي العراقي بسبب , طول الساحل العراقي من رأس البيشة إلى أم قصر لا يزيد عن (٣٦) ميلا بحريا معظمه يقع داخل قناة خور عبد الله الضيق، ولا يتبقى من الساحل إلا مسافة لا تزيد عن (۱۰) أميال بحرية يمكن اعتبارها واقعة مباشرة على البحر.
الساحل العراقي بين رأس البيشة وخور عبد الله غير تام التكوين وهو طيني ضحل ويتضمن مستنقعات تتسع مساحتها كثيراً في وقت المد والفيضان وخاصة في أثناء الشتاء، لذا فالأعماق ضحلة جداً، وذلك يحد كثيراً من إمكانية أنشاء المباني والمنشآت البحرية ويعيق الملاحة في هذه المنطقة. 
يعد خور عبد الله هو المدخل الوحيد إلى موانئ أم قصر وخور الزبير وهو قناة ضيقة وضحلة تنتشر فيها المستنقعات والسطوح الملحية، وبهذا لا يمكن استخدامه كمدخل إلى العراق إلا بالحفر المستمر للقناة التي تتوسط هذا الخور، وكذا الحال بالنسبة لشط العرب وذلك يحدد السفن المارة عبر هذه القناة بغاطس لا يزيد عن (٦ ، 10 م ) وفي أوقات المد العالي فقط.
شكل الساحل العراقي مقعر في رأس الخليج العربي مما يجعل البحر الإقليمي العراقي مثلث الشكل وذا مساحة صغيرة قاعدته تستند إلى الساحل فيلتقي ضلعاه في منطقة على بعد (۱۲) ميلا بحريا تتقاطع عندها البحار الإقليمية لدول الجوار البحري قاطعة الطريق إزاء العراق في امتلاك مناطق اقتصادية خالصة، ومن الناحية القانونية، ووفقاً لقانون البحار فإن إمكانية المناطق التي تحت ولايته الوطنية واستثمار الموارد الحية في المنطقة الاقتصادية مرهون بالاتفاق بين إيران والكويت، ونرى أن مثل هذا الاتفاق من الصعوبة بمكان عقده مع إيران والكويت بضوء الخلافات الحدودية والتقاطعات . 
 
   قبل التطرق لبنود اتفاقية تنظيم الملاحة في الخور، ينبغي إدراك حقيقتين في هذا الجانب: الأولى : إن تابعية خور عبد الله مناصفة بين كل من العراق والكويت بحكم الموقع الجغرافي للخور ولكلا الدولتين، فتطل عليه السواحل العراقية في أقصى جنوبه الشرقي من جهة، وتطل عليه السواحل الشمالية الشرقية لدولة الكويت والمتمثلة بجزيرتي وربة وبوبيان من جهة ثانية، وقد أقرت هذه الحقيقة الجغرافية بقرار مجلس الأمن الدولي ٨٣٣ لسنة ١٩٩٣.
 
الثانية : إن الاستفادة من خور عبد الله كممر ملاحي تقتصر على العراق المحدودة سواحله ووقوع موانئه التجارية المهمة في خور الزبير – وهو الذراع البحري الممتد من خور عبد الله إلى داخل الأراضي العراقية في حين تمتلك الكويت إطلالة واسعة على الخليج العربي، والعديد من الموانئ على ساحلها الممتد لأكثر من ۱۲٥ ميل بحري بالمقابل لم تكن تمتلك أي موانئ على خور عبد الله حتى العام ۲۰۰۵ حيث أعلنت مباشرتها بإنشاء ميناء مبارك الكبير وبناء على ذلك فإن كل السفن الداخلة إلى الخور قادمة إلى الموانئ العراقية وبالتالي فإن إدارة الخور وقعت على عاتق العراق باعتباره المستفيد الوحيد من هذا المسطح المائي منذ تأسيس الموانئ العراقية ميناء أم قصر (۱۹۹۷) و ميناء خور الزبير (۱۹۷۰).
فضلاً عن ما كان يمثله الخور – وما يزال – مصدراً مهماً للثروة السمكية العراقية، علماً إن جزيرة بوبيان الكويتية كانت مركزاً لصيادي الأسماك من سكان الفاو إضافة إلى جماعة العوازم لاسيما خلال فصل الصيف .
 
 إن إنشاء ميناء مبارك على الساحل الشرقي لجزيرة بوبيان الذي بدأ العمل به منذ العام ٢٠٠٥ سواء أكان الهدف من إنشاءه سياسياً أم اقتصادياً جعل الإطلالة الكويتية تكتمل على خور عبد الله ولم تعد مجرد سواحل الجزر مواجهة للخور ومتحكمة في تعيين الحدود البحرية بين العراق والكويت – حيث يحسب خط الأساس الكويتي – بل إن اكتمال هذا المشروع، ودخول الميناء حيز التشغيل، سيتيح للكويت فرصة لإدارة هذا العمر المائي، بحكم أن السفن والبواخر الداخلة إليه ستكون متجهة أما للموانئ العراقية أو للميناء الكويتي، وعليه كانت اتفاقية تنظيم الملاحة في هذا المسطح بين البلدين.
تم توقيع الاتفاقية في ۲۹ نيسان من العام ۲۰۱۲ في بغداد تضمنت هذه الاتفاقية (١٦) مادة، وقد أوضحت مادتها الأولى أهم الأهداف التي من أجلها عقدت هذه الاتفاقية، وهو التعاون في تنظيم الملاحة البحرية في الممر الملاحي في خور عبد الله بما يحقق مصلحة كلا البلدين فضلاً عن المحافظة على البيئة البحرية .

شارك هذا الموضوع: