معركتي الجمل وصفين
كلية التربية للعلوم الإنسانية
قسم التاريخ
أ.م.د سوسن عباس حسين
تطورت الأحداث بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان ودخول أصحاب الجمل طلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام، وأم المؤمنين عائشة إلى البصرة
حاول الوالي عثمان بن حنيف منعهم من الدخول، فقاموا بخداعه وأوهموه إنهم جاءوا للصلح وبعدها أسروه وعذبوه وانتهبوا بيت المال
وكان السيابجة على بيت المال في البصرة أوكل اليهم الإمام علي (ع) حراسته مع دار الإمارة والسجون والجوامع، ولما هجم أصحاب الجمل على بيت المال تصدى لهم السيابجة ، وحدثت مواجهة بين الطرفين أسفرت عن قتل سبعين رجلاً من السيابجةوبقيت طائفة منهم متمسكين ببيت المال وقالوا لن ندفعه اليكم حتى يَقدم أمير المؤمنين، فسار اليهم الزبير في جيش ليلاً فأوقع بهم، واسر منهم خمسين اسيراً وقتلهم صبراً، وكان السيابجة أول قوم ضربت أعناقهم صبراً
وكان السيابجة أهل للقيام بواجبهم على أتم وجه من وحماية بيت مال المسلمين وطاعة خليفتهم حتى كلفهم ذلك الأمر أرواحهم وتركوا أثراً واضحاً على مسار الأحداث السياسية في العراق، إذ بلغ عدد القتلى منهم أربعمائة رجل
وعلى الرغم من كون أغلب المقاتلة الذين اشتركوا في معركة الجمل كانوا من العرب، وليس فيهم أعاجم أو موالي.
إلا ان هناك إشارات عديدة أكدت على دور عمار بن ياسر حليف بني مخزوم في تلك المعركة، إذ سيّره الإمام علي (ع) مع ابنه الامام الحسن (ع) الى الكوفة لأستنفار أهلها وتجميع الجيش لمساندته، بعد ان تخاذل أبو موسى الأشعري عامله على الكوفة، وأخذ يثبط الناس عن الخروج لنصرته.
وقد نجح الإمام الحسن (ع)، وعمار بن ياسر في مهمتها إذ تمكنوا من إقناع الناس بالنفير، فخرج معهم نحو من تسعة آلاف رجل وقيل أثنى عشر الفاً، وشاركوا في المعركة
وكان إختيار الإمام علي (ع) لعمار بن ياسر للقيام بذلك الأمر موفقاً لما تميز به عمار من صفات وأخلاق جعلته محبوباً بين الناس قوي التأثير بهم، إذ تميز عمار بالورع والتقوى والتواضع، وأهل الكوفة أعرف الناس به لأنه كان والياً عليهم زمن الخليفة عمر بن الخطاب وعلى الرغم من قيام أبو موسى الأشعري بتخذيل الناس عن اللحاق بالإمام علي بالبصرة إلا ان الإمام الحسن وعمار بن ياسر بذلوا جهوداً كبيرة واستطاعوا في النهاية إنجاز ما أوكلوا به.
ولم يقتصر دور عمار بن ياسر في معركة الجمل على حث الناس للمشاركة في المعركة وتعبئة الجيش بل تعداه إلى القيادة فعندما عقد الإمام علي (ع) الألوية جعل عماراً على الميسرة
وقد أثار هذا الأمر ريبة الزبير بن العوام وجعله يحدث نفسه حينما تذكر قول رسول الله (ص) :” عمار مع الحق، والحق مع عمار يدور عمار مع الحق حيثما دار وقاتل عمار في النار”، فكان وجود عمار قد زعزع معنويات أصحاب الجمل وأثبط العزيمة، وأثار الشكوك.
وكما كان لعمار بن ياسر دور في معركة الجمل، كان هل دور مشابه في معركة صفين، فكان احد القادة البارزين في جيش الإمام علي (ع)، فكان يتسلم قيادة الخيل، وقد أستشهد في المعركة وله من العمر ثلاث وتسعون عاماً).