عند التامل في مفهوم البعثة النبوية لابد من المرور ببعض محطات السيرة النبوية ومنها :
خطبة خديجة الكبرى لرسول الله الاعظم
ورد في السيرة الشريفة ايام مكة ان ابا طالب عم الرسول الاعظم خطب السيده خديجة لرسوله الاعظم قائلاً : ( نحن زرع اسماعيل (ع) والحكام على الناس , وهذا ابن اخي عظيم اهل زمانه)().
عند التامل في كلمات ابي طالب :
قوله ( نحن زرع اسماعيل (ع) ) اذاً هم سلالة الانبياء وهم مصداق قوله تعالى : ( ذرية بعضهما من بعض )() وان اسم ابي طالب عمران !! وهذا بحد ذاته اختصاص واختيار الهي , فهم الامناء على الوحي وعلى رسالته , ثم قوله (ع) ( الحكام على الناس ) , فأي ناس اراد ابو طالب قريش فقط ام عامه الناس ؟ . ونعلم ان قريش عديد من البيونات فهل يصح وصفهم بالناس وهو عام , وفي كتاب الله ( وما ارسلناك إلا كافه للناس )() . اذاً الناس اشارة الى مساحة وتعدد واقاليم واعراف وانساب وألوان مختلفة . وبالتالي تصبح القرابة المتلصقة بقبيلة قريش ضيقة الوصف اكبر من اختزال مفهوم الناس بعشيرة من عدة اسر , ولعل الانسياق مع مفهوم القبيلة او العشيرة ضمن جغرافية محدودة يتقاطع مع مفهوم البعثة النبوية التي تمثل لرسالة للناس كافة بجميع الملل النحل
حصار شعب ابي طالب
ذكرت مصادر السيرة() ان اهل قريش من صور تعسفهم حاصروا اسره الرسول الاعظم من بني هاشم وبني عبد المطلب ليتخلوا عن نصرة وحماية الرسول الاعظم . ووصل الحال كما تصف المصادر الى صفارهم من شدة الحصار والجوع ومنع الهاشميين من حياتهم الطبيعية اخذ صغارهم ياكلون اعواد الحطب اليابسة ، فكيف لمن وصفوا بالملوك على الناس ان يصل بهم الحال هذا الوصف , وما ينفي هذه الكذبة ان قريش لو تمكنت منهم لابادتهم عن بكرة ابيهم او نفتهم من مكة , وهنا لو تاملنا وفهمنا ان شعب ابي طالب انهم شعب يضم اقاليم متعددة قد احاطتهم بهم قوى تحالف الشرك ومنعت نشاطهم التجاري يكون مفهوم الحصار اوضح . فان اعترض احد وقال ان مفهوم الشعب غير متداول في ذلك الزمان , قلنا القران اثبت ذلك (خلقاكم شعوباً وقبائل ) ومفهوم الشعب اقرب للمدنية , وان قريش حلف دولي وليس قبيلة في وسط صحراء قاحلة تخلو من المصادر الطبيعية.
اذاً ما نستنتجه ان الرسول الاعظم بعث بمشروع تعديل المسار لكل الملل والنحل فتقاطعوا معه , ولم يعترضوا الى صفته كنبي بل رسول الله اعلن سلطانه ومرجعية على كل الملل والنحل وانه من اسرة السلطان والملك والنبوة.