مفهوم النمط – مدخل لدراسة صورة المرأة/ آخرا
د.دعاء كميل ضيف الله
جامعة كربلاء /كلية التربية للعلوم الإنسانية /قسم اللغة العربية
النمط لغة : الطريقة والمذهب والنوع(1) ، وهو ” جماعة من الناس أمرهم واحد ” (2) ، و “التنميط : الدلالة على الشيء “(3) .
واصطلاحا فـ ” النمط ، الشكل الدال pattern)) هو المثال أو النموذج الشكلي الذي يَمْثُل في ذهن الفنان أو الأديب ويحتذيه في التأليف “(4) ، وهذه الإحالة إلى مصطلح النموذج يتحدد بكون الأخير يمثل في الأدب ” النموذج الإنساني الذي تتجسد فيه الصفات العامة لشريحة معينة من البشر في عصر معين ، أو في كل عصر ، وفي مكان معين ، أو في كل مكان ” (5) ،  أو ” اعتباره الشكل الإجمالي الذي يستنبطه القارئ أو المستمع أو المشاهد للأثر الذي يقدم إليه ، … ، أما الشكل النمطي فهو مخطط عام يتفق في التزامه أو محاكاته عدد كبير من الآثار الفنية أو الأدبية “(6).
وحين تتصف الصورة بأنها نمطية فذلك يعني إنها مشبعة بالأحكام القيمية حول الاتجاهات والتصرفات والتوقعات الشخصية الممثلة في صورة الآخر وهذه الأحكام تكون متجذرة في الثقافة ومن الصعب تغييرها (7) ، وهي قد تكون قارة في ذهن الكاتب من مرجعياته المتنوعة فيكون النمط محاكاة لها ، أو تكون نموذجا متخيلا يريد الأديب ترسيخه ليكون نمطا يتبعه المتلقي لاحقا(8).
فإذا كان النمط بالمعنى الأول جامدا أو ثابتا (stereotype) فتكون الصورة المتشكلة ضمنه مستخلصة لا عن ملاحظة أو خبرة ذاتية وإنما عبارة عن نسق رمزي لعلاقات اجتماعية غالبا ما تكون سببا للتحيز والتعصب وصناعة الآخر المختلف(9) ، وهذا الجمود باتجاه التعصب فإنه يُكون ” شكلا أوليا للصورة أشبه بخطوط مشوهه لها تتجلى من خلال كذب النمط أو تأثيراته المؤذية على المستوى الثقافي إذ يبتعد بالصورة عن التجدد وتبدو اقرب إلى الآلية والجمود وابعد ما تكون عن جماليات الرمز وغنى الدلالة ولهذا يعني شيوع النمط في الصورة إنها تؤدي رسالة واحدة وجوهرية بسبب تحولها إلى صورة جامدة تصلح لكل زمان دون أن يطرأ عليها أي تغيير وبذلك يبتعد النمط عن الصورة الحقيقية ليفسح المجال للصورة المشوهة ذات الأطر الثابتة فيتوقف الزمن عند الماضي وتغدو تعبيرا عن معرفة تسمى جماعية تسعى كي تكون صالحة في كل لحظة تاريخية فإذا كانت ليست متعددة الدلالات لكنها تبدو متعددة السياقات إذ يمكن استخدامها في أي لحظة وبذلك يطرح النمط بصورة خفية طبقة ثابتة وتفرعا ثنائيا للعالم”(10) .
وتتمثل الصعوبة للكاتب المسرحي بكيفية التعامل مع هذه الخصال التي أصبحت نمطيتها تقليدية ، فعليه تجنب تمثيلها أو محاولة تطويرها مجتهدا في ربط الشخصية بالفعل بحيث يمكن تصديقها ، إذ إن التنميط السائد يصبح حاجزا يجبر الكاتب على إظهار النمط الذي يعالجه وكأنه يمتدحه لا يذمه ، في حين إن هذه القوالب تؤكد نسقا معينا مما يظهر إن الكاتب اختارها لا حكم عليها(11) ، وهذا ما يضعف المعالجة الدرامية ، لان الكاتب قد يسرف في إضفاء النمطية رغبة منه في تحقيق الصدق بما يقربها إلى المثال النمطي ما يجعلها لا تتميز بوجود منفرد بسبب انتمائها إلى النمط المراد تمثله(12).
أما إذا أريد إنتاج أنماط جديدة – مستحدثة – فذلك يستدعي ” الاهتمام بالمعرفة بصفتها أهم وسيلة لكشف أوهامنا عن ذواتنا وظلمنا للآخر وكذلك الإصغاء إلى حقيقة الإنسان المتفردة والمتجددة يطلق الصورة من أسار التقليد والرتابة “(13).
لذا فان دراسة الأنماط لصور الشخصيات في عمل درامي تذهب في اتجاهين :
  • مثال متشكل ابتداء في ذهن الأديب من مرجعياته المعرفية المتنوعة وهو يصور تمثلاته على غرارها ، وبالنسبة للمرأة فانه يتبع أنماط تصويرها آخرا/سلبيا (النمط التقليدي) .
  • نمذجة جديدة يهدف الأديب منها لجعل صوره في اطر محددة بغية جعلها طريقة يسار عليها من بعده وحاول فيها مواءمة العصر في تمثلات صور المرأة / ايجابيا (النمط المستحدث).
الهوامش:
([1]) ينظر : اساس البلاغة : مادة (ن م ط) : 778
(2) كتاب العين : مادة (نمط) : 989
(3) القاموس المحيط : مادة ( النَّمَط) : 636
(4) معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب : 420
(5) المعجم المفصل في الادب : 2 : 867
(6) معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب : 420
(7) ينظر: موسوعة النظرية الثقافية : 376
(8) ينظر : معجم المصطلحات الادبية المعاصرة : 221
(9) ينظر : موسوعة علم الانسان : 544
(0[1]) صورة الاخر في التراث العربي : 26
(1[1]) ينظر : كتابة المسرحية – بناء الفعل : 156
(2[1]) ينظر : فن المسرحية : 18
(3[1]) صورة الآخر في التراث العربي : 27
 

شارك هذا الموضوع: