مفهوم مصطلح النمط القديم Old Style  ومصطلح النمط الجديد New Style  في الدراسات التاريخية
 
أ. د. حيدر صبري شاكر الخيقاني
جامعة كربلاء- كلية التربية للعلوم الانسانية- قسم التاريخ
Haidr.s@uokerbala.edu.iq                             07818109261
تطورت الحسابات الفلكية للزمن تدريجيا في اوربا، وقد اولى الرومان اهمية كبيرة لذلك من اجل دقة تحديد السنوات التي وقعت بها الاحداث المهمة، واعتمدوا على تقويم يتألف من (10) شهور يبدأ من سنة تأسيس مدينة روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية عام (753) ق م.، ثم استخدموا التقويم الشمسي، وعدد الأشهر فيه (12) شهر.
واصبح التقويم الشمسي من اكثر التقويمات السائدة قبل الميلاد، وبموجبه تم تقسيم السنة إلى (365) يوماً، وهم لا يعرفون هذا الحساب يفتقر الى الدقة علميا، وذلك لان السنة تتألف من (365,25) يوماً (تحديداً 365 يوماً، و5 ساعات، و49 دقيقة)، وبذلك نلاحظ ان التقويم الذي اعتمدوه في بداية الامر يفتقر الى الدقة بمقدار ربع يوم كل سنة، اي يوم واحد كل أربع سنوات، وبذلك يكون فرق الايام التي لم تحتسب (25) يوماً في كل (100) سنة، لذلك فان الاعتماد على هذا التقويم يعد خطأ كبيرا لان فرق الايام المتراكمة خلال سبعمائة عام على سبيل المثال تجعل حلول فصل الصيف في شهر كانون الاول بدلا من شهر حزيران، مما يربك المؤرخين عند دراسة احداث التاريخ او تدوينها.
ادرك علماء الفلك في العصر الروماني بعد فترة، وفي مقدمتهم العالم سوسيجينيس الإسكندري  Sosigenes of Alexandria، ذلك الفرق لذلك اقترح على قيصر روما يوليوس قيصر (100 ق م.-44 ق م.) اضافة يوم للتقويم كل أربع سنوات، وتم ذلك، واطلق على السنة التي تحوي اليوم الإضافي اسم السنة الكبيسة، بينما اطلق على السنة غير الكبيسة اسم السنة البسيطة. وقلّص هذا الإجراء الأخطاء في حساب الزمن إلى حد كبير، واطلق على هذا التقويم اسم (التقويم اليولياني (Julian Calendar ، وطبق العمل بهذا التقويم منذ عام 45 ق.م. وقد اطلق على الشهر السابع من السنة في هذا التقويم اسم يوليو، نسبة الى يوليوس قيصر، وعلى الشهر الثامن اسم اغسطس نسبة الى القيصر اغسطس اكتافيوس Augustus Octavius (69 ق. م- 14م).
ومن الجدير بالذكر ان التقويم اليولياني كان يستند على التقويم الروماني القديم الذي يعد عام 753 ق م. بداية التاريخ، كون ذلك العام هو العام الذي تم فيه إنشاء مدينة روما، عاصمة الإمبراطورية الرومانية القديمة، وفي منتصف القرن السادس دعا الراهب الأرمني ديونيسيوس اكسيجوس Dionysius Exiguus إلى وجوب أن يكون ميلاد السيد المسيح(ع) هو بداية التقويم، ونجح هذا الراهب في دعوته، ومنذ عام 532 ميلادية أصبح عد السنين يعتمد على سنة ميلاد السيد المسيح(ع).
ولكن التقويم اليولياني لم يكن دقيقا فهو وضع على أساس أن السنة الواحدة تتكون من (365,25) يوماً، ولذلك يكون إصلاح الخطأ في التقويم بإضافة يوم واحد كل أربع سنوات، وبذلك تكون هناك ثلاث سنوات بسيطة تحوي 365 يوماً (وتكون أيام شهر شباط فيها 28 يوماً)، وسنة رابعة كبيسة تحوي 366 (وتكون أيام شهر شباط فيها 29 يوماً).
اثبتت الحسابات الدقيقة لعلماء الفلك بعد ذلك ان السنة تتألف من (365) يوماً، و(5) ساعات، و(49) دقيقة (أي أنها تقل فعلاً 11 دقيقة عن السنة في التقويم اليولياني)، وهذا يعني أن يتقدم التقويم اليولياني عن الواقع يوماً واحداً كل (131) سنة تقريباً، ويتقدم (3) أيام كل (393) سنة، ولذلك قرر بابا الفاتيكان غريغوريوس الثالث عشر Gregorius XIII (1502-1585) أن يتبنى نصيحة الفلكي أليسيوس ليليوس Lilius Aloysius (1510-1576)، والفلكي كريستوفر كلافيوس Christophorus Clavius (1538-1613)، وقد أصدر مرسومه البابوي بإصلاح التقويم اليولياني وتقرر بموجب هذا الاصلاح ان تُحذف (10) أيام من التقويم، ويتقدم التقويم من يوم 5 تشرين الاول 1582 مباشرة إلى يوم 15 تشرين الاول 1582، كما تقرر اضافة يوم واحد كل (4) سنوات لكل سنة يقبل رقمي الآحاد والعشرات فيها القسمة على 4، تماماً كما هو الحال في التقويم اليولياني. ويُستثنى من ذلك السنوات المئوية التي لا تقبل القسمة على (400) مثل 1700؛ 1800؛ 1900؛ 2100 اذ تكون كلها سنوات بسيطة، بينما تكون السنوات المئوية القابلة للقسمة على (400) هي فقط السنوات الكبيسة، مثل 1600؛ 2000؛ 2400؛ وقد اعتمد هذا التقويم في معظم دول العالم تدريجيا واطلق عليه اسم التقويم الغريغوري نسبة الى البابا غريغوريوس الثالث، كما عرف بالتقويم الجديد وكذلك النمط الجديد New Style واختصاره(N.S.) وذلك لكي يتم تمييزه عن التقويم اليولياني الذي اصبح يسمى التقويم القديم او النمط القديم  Old Style ويعرف اختصارا (O.S.).
 اعتمد التقويم الغريغوري في بداية الامر من قبل الدول الاوربية الكاثوليكية، ومن ثم تبعتها الدول الاوربية البروتستانتية والدول الاخرى غير المسيحية، ولكن الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، والكنيسة الأرثوذكسية الرومية، لم تعتمد هذا التقويم واستمرت تعتمد على استعمال التقويم اليولياني، الذي أصبح الفرق بينه وبين التقويم الغريغوري عدة ايام، واصبح الفارق بين التقويمين عام 1582 (10) ايام، ثم اصبح عام 1700 (11) يوما، ومن ثم اصبح عام 1800 (12) يوما، ومنذ عام 1900 حتى وقتنا الحالي(13) يوما، وكلما تقدمت السنوات يزيد الفرق بين التقويمين. لذلك فحسب التقويم الغريغوري المستعمل يعيد المسيحيون الشرقيون الارثوذكس في 7 كانون الثاني بينما يعيد المسيحيون الكاثوليك في 25 كانون الاول كل حسب تقويمه.
وقد اعتمدت إنكلترا وويلز وإيرلندا والمستعمرات البريطانية في امريكا، على التقويم الغريغوري منذ عام 1752، وبموجبه تم تغيير بداية العام الجديد من 25 اذار (يوم السيدة، عيد البشارة) إلى 1 كانون الثاني، علما ان اسكتلندا اجرت ذلك التعديل منذ عام 1600. اما روسيا فقد اعتمدت التقويم الغريغوري اعتبارا من 14 شباط 1918. بموجب مرسوم سوفناركوم الذي وقعه فلاديمير لينين في 24 كانون الثاني 1918، وبذلك يكون تاريخ اندلاع الثورة البلشفية الروسية (التي تسمى ثورة اكتوبر) في 25 تشرين الاول 1917 حسب التقويم اليولياني المعروف بالنمط القديم  Old Style علما ان هذا اليوم يوافق في التقويم الغريغوري المعروف بالنمط الجديد New Style 7 تشرين الثاني 1917.
لذلك نجد من الضرورة على الباحث في التاريخ ان ينتبه الى التاريخ المقصود عند دراسة الاحداث التاريخية لان بعض المؤلفين يعتمد التاريخيين معا في وصف الحدث دون ذكر ما يشير الى ذلك، وعلى سبيل المثال فان وصول وليام الثالث إلى بريكسهام Brixham في انكلترا قادما من الاراضي المنخفضة في 5 تشرين الثاني 1688 (حسب التقويم اليولياني)، بينما نجد ان هذا التاريخ يوافق في التقويم الغريغوري 11 تشرين الثاني 1688.
 

شارك هذا الموضوع: