نتيجة للتطور التكنولوجي والثورة المعلوماتية حيث ان النظم البيئية والاقتصادية والاجتماعية في العالم اصبحت متصلة مع بعضها البعض اذ لابد من وجود تكنولوجيا تساعد على مواكبة هذا التطور لذلك فان تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا يمكن الاستغناء عنها في الدراسات الجغرافية وخاصه في نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد ،فان استخدام الذكاء الاصطناعي في الجغرافيا يساعد الجغرافي على الوصول الى قرارات اكثر دقة وايجابية من اجل حل الكثير من المشاكل التي تتعلق بالتنمية واداره الموارد الطبيعية والاقتصادية من خلال بناء قواعد البيانات والنماذج العلمية والنماذج الرياضية وتحليلها.
الذكاء الاصطناعي فرع من فروع علم الحاسوب واحد اهم عناصر صناعة التكنولوجيا في العصر الراهن وهو مصطلح يتكون من كلمتين الذكاء والاصطناع ويشير الذكاء الى القدرة على فهم وادراك المفاهيم الجديدة اما الاصطناعي لترتبط بالأشياء التي نتجت عن عناصر معينه على عكس الاشياء الطبيعية التي تظهر نتيجة تدخل الانسان، عرف الذكاء الاصطناعي على انه عبارة عن مجموعة من برامج الحاسب الالي التي تحل المشكلات من خلال التفكير كالعقل البشري حتى تبنى معظم هذه البرامج على مجموعة من القواعد المشابهة لقواعد التفكير المنطقي بحيث تتمكن اجهزه الحاسب الالي من القدرة على التفكير والرؤية والكلام والسمع والحركة كما ان هناك بعض الدراسات التي تسعى الى جعل الحاسب الالي القدرة على الاحساس والشعور، وأيضا يعرف على انه احد برامج الحاسوب المرتبطة فيه والذي تمتلك خصائص مشابهة للذكاء البشري يقوم باتخاذ القرارات المناسبة المشابهة للسلوك الانسان في كافه المجالات.
يهدف علم الذكاء الاصطناعي الى فهم طبيعة الذكاء الانسان وتمكين الآلات من معالجه المعلومات بشكل اقرب الى طريقه الانسان في حل المسائل بمعنى اخر المعالجة المتوازنة حيث يتم تنفيذ عدة اوامر في نفس الوقت وهذه اقرب الى طريقة الانسان في حل المشاكل.
يعد استخدام الذكاء الاصطناعي في الجغرافيا لتحقيق التنمية اداه مهمة في تطوير النظم الجغرافية التي تهتم بجمع وتحليل البيانات الجغرافية لذلك بفضل الذكاء الاصطناعي المتوفر في الوقت الحالي اصبح عملية تحليل البيانات الجغرافية بسرعة وبدقة عالية ويوضح العلاقات المختلفة بين العناصر الجغرافية ودراسة اثر التغيرات الجغرافية على البيئة والاقتصاد والمجتمع وكذلك يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير نظام تصوير الفضائي التي تتيح تصوير الارض بشكل دقيق ومتابعه التغييرات الجغرافية على المدى زمني.
وقد أصبحت التنميـة المسـتدامة اليـوم بمثابـة خارطـة طريـق للانطـلاق بالشـعوب والـدول في مسيرة موحـدة ، وبخطـى مدروسـة ومحـددة، وقد عرفت التنمية بأنّها تسعى إلى الاستخدام الأمثل وبشكل عادل للموارد الطبيعية، بحيث تعيش الأجيال الحالية دون إلحاق الضرر بقدرة الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتهم
تعدف التنمية الى تحقيق نوعية حياة أفضل للسكان من خلال عمليات التخطيط وتنفيذ السياسات التنموية وتحسين نوعية حياة السكان في المجتمع اقتصاديا اجتماعيا نفسيا وروحيا عن طريق التركيز على الجوانب النوعية للنمو وليس الكمية فقط وبشكل عادل ومقبول ،تعزيز وعي السكان بالمشكلات البيئية عن طريق تنمية احساسهم بالمسؤولية، تحقيق استخدام واستغلال عقلاني للموارد حيث انها تتعامل مع الموارد على أنها موارد محدودة ،ربط التكنولوجيا الحديثة بأهداف المجتمع اذ تحاول التنمية المستديمة توظيف التكنولوجيا الحديثة بما يخدم أهداف المجتمع، وذلك من خلال توعية السكان بأهمية التقنيات المختلفة في المجال التنموي، إحداث تغيير مستمر ومناسب في حاجات وأولويات المجتمع وفق نمط يلائم إمكانياته ويسمح بتحقيق التوازن الذي بواسطته يمكن تفعيل التنمية الاقتصادية والسيطرة على جميع المشكلات البيئية وإيجاد الحلول المناسبة ،تحقيق نمو اقتصادي تقني بحيث يحافظ على الرأسمال الطبيعي الذي يشمل الموارد الطبيعية، ويبحث عن بدائل ذات كفاءة بالاعتماد على التطور التكنولوجي، وهذا بدوره يتطلب تطوير مؤسسات وبني تحتية ، وإدارة ملائمة للمخاطر والتقلبات لتؤكد المساواة في تقاسم الثروات بين الأجيال المتعاقبة وفي الجيل
تهتم الجغرافيا والتنمية بإيجاد توازن بين السكان من جهة وبين الموارد المتاحة من جهة أخرى من خلال دراسة المشكلات والقضايا والتهديدات العالمية والمحلية كالتغيرات المناخية والتلوث بكل أنواعه ونضوب مصادر الطاقة غير المتجددة والتصحر ونقص المياه العذبة …إلخ وهذه القضايا لا يمكن دراستها بعيدا عن قضايا الفقر ونقص الغذاء والبطالة والإرهاب …إلخ ، وهذا الترابط بين المشكلات والظواهر هو ما يسعي علم الاستدامة إلي فهمه وتحليله.
وبعد ان كانت الجغرافية تعتمد على الدراسات النظرية ونتيجة الكم الهائل من المعلومات جاءَ التطور في علم الجغرافيا سريعا في ظل التطور الذى شهدته الأساليب والأدوات التي ساعدت كثيرا في المجالات الجغرافية المختلفة ، بداية من استخدام الحاسب الآلي ومرورا باستخدام برامج نظم المعلومات الجغرافية وصور الأقمار الصناعية ، وانتهاء بالثورة المعلوماتية واستخدام الذكاء الاصطناعي ،أدخلت أدوات تحليلية وإحصائية كثيرة لها القدرة على معالجة البيانات الكبيرة جداً وترتيبيها وتنظيمها وتصنيفها ومن ثم تمثيلها عبر الخرائط الإلكترونية أو الجداول الإحصائية والرسوم البيانية ..إلخ وهذا ما يعرف بالذكاء الاصطناعي الجغرافي. ويشير مصطلح الذكاء الاصطناعي الجغرافي إلى قدرة الحاسب الآلي علي التصور والتحليل واتخاذ القرار والتصميم والتحكم الجغرافي المكاني على أساس التكامل مع تقنيات نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد.
استخدامات الذكاء الاصطناعي في الجغرافيا من اجل تحقيق التنمية هي استخدامات مهمة وحيوية في عالمنا الحديث، وتتسم بالحساسية والدقة العالية في التحليل والتنبؤ بالظواهر الجغرافية والمناطق، وذلك باستخدام التقنيات الحديثة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ومن أهم التطبيقات التي يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي في الجغرافيا وهو تحليل الصور الجوية والفضائية فإن استخدام الذكاء الاصطناعي في الجغرافيا يساعد على تحديد المناطق المختلفة والظواهر الجيولوجية والمناخية، وكذلك في تحديد المساحات والمسارات الجيولوجية، وتستخدم هذه الصور في العديد من المجالات والتطبيقات مثل التخطيط الحضري وزيادة الإنتاجية وتحسين بيئة العمل، تحديد تواجد الثروات الطبيعية إذ يعمل الذكاء الاصطناعي على تحديد تواجد الثروات الطبيعية ونوعيتها وكذلك كميتها مثل تواجد المعادن وكذلك المياه الجوفية من حيث البعد عن سطح الارض ونوعية هذه المياه، تحديد مواقع الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير والفيضانات والبراكين، حيث يمكن التنبؤ بهذه الكوارث وتحديد أين سيحدثون من خلال الأبحاث والنماذج الجيولوجية الاصطناعية، وذلك يساعد على إيجاد الحلول والسبل الكفيلة بالحماية من هذه الكوارث والحد من وقوعها ،تحديد مسارات الطرق والتنقلات حيث يمكن بكفاءة عالية تحديد أفضل المسارات الهامة وتخطيط الطرق الأساسية وتحديد أماكن التبرعات الضرورية، وهذا يساعد في تسهيل الحركة وتوفير الكثير من الوقت والجهد والموارد النفيسة.
