الإدارة الذكية للمياه (نظام سكادا SCADA انموذجًا(
Smart Water Management (SCADA System as a Model)              
م.م: حوراء صبري شاكر
كلية التربية للعلوم الإنسانية/ قسم الجغرافيا التطبيقية         hawraa.s@uokerbala.edu.iq  Email: 
 
المقدمة (Introduction):
نظراً لكمية المياه العذبة في العالم محدودة وأنّ توزيعها من حيث المكان والزمان متفاوتة بشكل كبير، فضلاً عن تعرضها للتلوث المتزايد نتيجة للممارسات الجائرة والاستخدام غير المرشد ، هذا بالإضافة إلى وجود تداعيات عديدة صحية وبيئية واقتصادية تنجم من سوء إدارة الموارد المائية والاسراف بها.
لذا هناك العديد من السبل التي يجب اتباعها للحيلولة دون الاسراف بالموارد المائية ، وهذهِ السبل لها آثار إيجابية على التنمية عموما، فاعتمدت الكثير من البلدان سلسلة إجراءات لمعرفة الفاقد من المياه ، وكذلك التعرف على المشكلات التي تحول دون تحقيق الإدارة السليمة للموارد المائية واقتراح الحلول التي تركز على الصيانة المستمرة لشبكة الانابيب وإعادة تأهليها واعتماد احدث التقنيات والأجهزة لفحص التسربات والتدريب المتواصل للمهندسين والفنيين والكوادر الأخرى على التقنيات العالمية الحديثة، إذ تتطلب الإدارة الذكية مجموعة تقنيات لغرض تتبع حالة التسرب وحصر كميات الفاقد خصوصا نظام (SCADA) الذي يعد من اهم تقنيات الاذكاء كونه يهتم بالمراقبة والاشراف وتتبع أنماط التدفقات والسريان والاشعار بمواقع التسرب وتحديد الفاقد(1).
أولًا: مفهوم نظام الاسكادا (Scada System): تأتي أهمية هذهِ التقنية والوقوف على ماهية وواقعها الحيوي في حياة الإنسان بشكل الخاص والتنمية عمومًا ، فضلاً عن التقليل من استهلاك الموارد الطبيعية وتوفير بيئية صحية هذا من جانب ، ومن جانب أخر تعمل هذهِ التقنية على رفع الطاقة الاستهلاكية في مجال إدارة الموارد بما ينسجم مع حجم المشكلة المائية في الوقت الحاضر والمستقبل، والتي لها مساس مباشر في حياه الإنسان التي  تعد من الضروريات في دراستها وتطويرها لكي تسهم في رفع كفاءة الاستخدام وترشيد الاستهلاك وإدارة الطلب المختلف لهذا المورد واستنادا إلى دراسة وتحليل مجموعة من الإجراءات المتبعة في بلدان عدة وإمكانية توظيف السبل الذكية بغية الإفادة منها في تنمية وإدارة هذا المورد ضمن متطلبات اذكاء المدن والاقاليم المجاورة. لذا يسعى هذا المقال لتحديد الاتجاهات التي توضح مفهوم نظام الاسكادا وتحديد معايير كفاءتها، وفي الحقيقة هنالك عدة مفاهيم عالمية وعربية لتقنية الاسكادا وأحيانا يكون هناك اختلافا بين وهذا ما سوف يتم توضيحهِ من خلال أبرز التعريفات التي تناولت مفهوم الاسكادا.
يعرف الاسكادا على انه نظام لجمع ومراقبة البيانات والتحكم بها، و(الاسكادا) باللغة الانكليزية (SCADA) هي اختصار (Supervisory control and data acquisition) ، إذ يعد هذا النظام من الأنظمة المهمة بالنسبة للمنشآت والمؤسسات الصناعية على الصعيدين العام والخاص لكونها تسهم في الكفاءة والحفاظ عليها، بالإضافة إلى أهميته في الحفاظ على كفاءة سير العمل والسرعة في معالجة البيانات مما يتيح الفرصة لاتخاذ قرارات سليمة وصحيحة(2). فهو من البرامج التطبيقية والتي تقوم بتجميع البيانات من الحساسات الموجودة في نظام التحكم وارسالها إلى الحاسب الرئيسي لأجل الإدارة والتحكم والمراقبة(3). ويقسم هذا النظام إلى قسمين من التجهيزات (Hardware) هي التجهيزات التي تسهم في جمع المعلومات والبيانات وتقوم بأرسالها إلى كمبيوتر يحتوي مسبقا على البرمجة المختصة في نظام الاسكادا، أما (Software) والذي يقوم الكمبيوتر بمعالجة هذهِ المعلومات ومن ثم تمثيلها وعرضها للمتلقي لقراءتها واتخاذ القرار المناسب بشأنها(4).
 ظهرت تقنية الاسكادا كاستجابة ضرورية للتطور التكنولوجي والمعرفي من جانب ولاستعصاء المسائل من جانب اخر، لهذا استدعت الضرورة إلى التفكير الجدي في اتباع أساليب حديثة ومتطورة لغرض تفسير المعطيات ووضع الحلول للمشاكل الترقيعية والكلاسيكية (التقليدية) التي غادت غير قادرة على إعطاء تصور وفهم منطقي حول المسائل والظواهر عبر الزمان والمكان. أما عن تاريخ ظهور نظام الاسكادا ، فقد أرتبط تاريخياً بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لعام (1945م) ، إذ بدأت الحاجة إلى التحكم في المصانع باستخدام المعالجات في العام (1950م) ، إذ استخدمت منشآت الغاز والنفط والمصانع هذهِ التقنية الجديدة مع التحكم الإشرافي.
وأنّ النظام قائم على مجموعة من المكونات والتي يجب تسليط الضوء عليها وهي على الوفق الآتي:
  1. أجهزة المحطة والحساسات الميدانية: وهو أحد الأجهزة والبرامج التي تتعلق بالمستشعرات التي توضع عدد المضخات بدءًا من لحظة التوزيع مرورًا عند صمامات الانابيب لحظة الاستلام، وهذا النوع من المستشعرات وظيفتها القيام بتزويد ورفد النظام بكامل معلومات التدفق ، المخطط (1).
المخطط (1) مكونات نظام سكادا (SCADA)










      المصدر: من عمل الباحثة اعتمادًا على مكونات نظام الاسكادا.
  1. وحدة تجمع البيانات ووحدة التحكم الطرفية: وتعني أجهزة جمع الرصدات وتنظيمها قبيل ارسالها إلى النظام عبر الانترنيت أو الموجات الراديوية وقابلوت الاتصالات الأخرى لتصل في نهاية الامر إلى المدير العام للنظام او المضيف النهائي. وقد تكون وحدة التحكم الطرفية أما (RTU) وحدات تجميع البيانات الطرفية ، أو (PLC) أجهزة التحكم المنطقية ، فيما قد تكون لوحة واحدة أو وحدة نمطية(5).
  2. نظام الاتصال: تعرف هذهِ التقنية بقراءة العدد الآلي ، وهذهِ التقنية تستخدم موجات راديوية توضع ضمن عدادات الاستخدام المنزلي ، إذ تقوم بإرسال إشارات إلى نظام إدارة المياه بغية معرفة كمية المياه المستلمة بالنسبة للوحدات الاستهلاكية ، مما يعبر عن الوحدات الاستهلاكية بكودات خاصة فتقوم العدادات بإرسال المعلومات والبيانات ورقم الكود الخاص بالوحدات الاستهلاكية إلى الجهات البلدية لغرض معرفة نمط الاستهلاك والتسريبات في الشبكة ، فضلاً عن تحديد الفواتير الخاصة بالخدمة لأعلام المستهلكين عن كميات استهلاكهم للمياه ومحاولة تعديل سلوكيات المستخدم لتفادي الفواتير المرتفعة(6).
  3. مركز المراقبة والتحكم الرئيس: يعد المكون الرابع والأخير من مكونات نظام الاسكادا ، إذ تقوم وحدات تجمع البيانات الطرفية بتجميع البيانات من خلال الحساسات المركبة على جميع مكونات المحطة وأجهزة القياس المختلفة وغيرها، إذ يكون نقل البيانات المجمعة عن طريق وحدات تجمع البيانات الطرفية عن طريق نظام الاتصال إلى مركز المراقبة والتحكم ، ويشمل نظام المراقبة والتحكم الحواسيب والسيرفرات بما فيها من برامج وتطبيقات فتقوم تلك الحواسيب والسيرفرات الموجودة بغرفة المراقبة والتحكم الرئيسية بمعالجة الأوامر الخاصة بمكونات المحطات ، ومن ثم نقل الأوامر من غرفة المراقبة والتحكم من خلال نظام الاتصال إلى وحدات تجميع البيانات والتحكم الطرفية.
ثانيًا: تطبيقات نظام سكادا في البيئة ومعالجة المياه: وفيما يلي ملخص لأبرز التطبيقات لهذا النظام وبالشكل الآتي.
  1. محطات معالجة المياه: وتتضمن ما يلي.
  1. مراقبة جودة المياه: وتعني مراقبة مستمرة لمستويات الكلور والرقم الهيدروجيني والعكارة والاكسجين الذائب.
  2. التحكم في العمليات: ومن خلالها يتم تنظيم جرعات المواد الكيمائية وعمليات الترشيح ونظم التعقيم.
  3. إدارة الوصول: ويتم عن طريقها تتبع أداء المعدات وجدولة الصيانة لتلافي حدوث أي عطل فجائي يحصل.
  1. محطات معالجة مياه الصرف الصحي: وتتمثل بالتالي:
  1. مراقبة جودة المصب: ومنها يتم ضمان وسائل الانصياع للوائح والمحاسبة.
  2. التحكم في عمليات التهوية والترسيب: تسهم في العمل على كفاءة المعالجة وخفض الطاقة.
  3. إدارة التخلص من الترسبات الطينية: تتبع مستويات الطين ، فضلاً عن تحسين عمليات التجفيف.
  • أنظمة الري: ويمكن حصر وتحديد دور أنظمة الري في تطبيق هذا النظام من خلال الآتي.
  1. مراقبة رطوبة التربة وظروف الطقس: تسهم في مراقبة تحسين مستوى استخدام المياه ومنع الافراط في الري.
  2. التحكم في جداول الري: تساعد في ضبط تدفق المياه ، وفقا للبيانات المتوفرة في الوقت الفعلي ، بغية تحقيق اقصى درجة ممكنة من الكفاءة.
  3. كشف التسربات والاعطال: الاسهام في معالجة المشاكل التي تحدث آنياً ، لغرض الحفاظ على المياه ومنع التلف الوارد(7).
ونستنتج مما سبق ذكرهُ ، أنّ الازمة المائية لم تكن مستفحلة على المستوى الدولي والعربي فحسب ، وأنّما قد ظهرت بوادر تؤكد بما لا يقبل الشكل أنّ شحت المياه في العديد من البلدان العالم ومنها العراق ، يعتبر من التحديات المهمة التي يواجهها السكان والبيئة ، كما وأنّ هذهِ الازمة سوف يترتب عليها مشاكل عمرانية عدة ربما ستكون عائق امام فرص التنمية في البلد ، وأنّ تأثير الكثير من المعطيات على الصعيد المحلي ومنها التغير المناخي وغياب سياسيات غير المستدامة لإدارة المياه هذا وبالإضافة إلى احتكار المياه واعتباره احد مصادر الضغط والابتزاز السياسي والمقايضة سيؤديان بذلك إلى حدوث أزمات أخرى ، قد تلقي بضلالها على كاهل التنمية وتعرقل معظم الأنشطة والفعاليات الاستراتيجية الكفيلة بالنهوض بالواقع الاقتصادي. لذا فأنّ تداعيات شحت وقلة الموارد المائية دعت المختصين بهذا المجال إلى التفكير الجاد بمنهج يحقق الكفاءة في استخدام الموارد والمحافظة عليهِ ، وكذلك صيانته وادارته بصورة سليمة من خلال منهج الاستدامة. وهذا ما لوحظ من خلال العديد من البلدان التي حققت نجاحات كبيرة بخصوص اذكاء خدمات المياه ومواجهه الازمات المتولدة ، وذلك نتيجة لارتفاع الطلب ومحدودية العرض لخدمة مياه الشرب مما استطاع توظيف مختلف الأساليب التكنولوجية بغية تحقيق إدارة صحيحة وسليمة للمورد بالشكل الذي يضمن تقليل الكلفة وضمان جودة الخدمة والحد من الفاقد وترشيد استخدام المياه وغيرها ، لذا فإن الإجراءات والسياسيات التي تسهم في عملية توظيف التكنولوجيا الحديثة في إدارة خدمات المياه ، وهذهِ الأساليب التقنية قائمة على مبدأ الكفاءة في الاستخدام والتوزيع والمتابعة والصيانة وغيرها الكثير. لهذا ولأجل بناء قاعدة بيانات متكاملة تتمثل بمعلومات حول كميات المياه المنتجة والمستلمة ومسارات شبكة المياه ، فضلاً عن كمية الاستهلاك الفعلي والتسربات وقوة التدفقات …الخ لغرض التبويب ضمن قاعدة بيانات مركزية تتماثل من خلالها مع بيانات اجتماعية واقتصادية ، إضافة إلى ذلك التدريب المتواصل للمختصين في مجال تخطيط المدن والكوادر الاخرى العاملة وفق التقنيات الحديثة وبالأخص نظام (SCADA) في محطات التنقية وربط ذلك مع شبكة المعلومات الرئيسة للأشراف على الأداء من محطات التنقية. ووفقاً لذلك يتطلب تحقيق الإدارة الذكية للمياه فمن الضروري القيام بحملات التوعية والتحفيز بهدف الترشيد من خلال الالتزام بالطرق المبتكر والحديثة وادارة الفاقد للمياه من خلال فحص وإصلاح التسرب ، وتفعيل مبادئ الوعي البيئي والتثقيف الجماهيري بأهمية هذا المورد.
المصادر والمراجع:
  1. البصري ، نصير عبد الرزاق حسج ، التخطيط الابتكاري ، الحلول الابتكاري (الحلول الابتكارية والذكية في تخطيط المدن والاقاليم) ، الطبعة الأولى ، دار الابداع للطباعة والنشر والتوزيع ، تكريت ، العراق ، 2020م.ص135.
  2. سامي ، عمار ، شرح نظام الاسكادا (Scada System) ، مكتبة تقنية المعلومات للنشر ، 2015م ، ص1.
  3. عبد الرؤوف ، علي ، موسى مفلح ، التحكم بمحطة معالجة مياه الصرف الصحي باستخدام (PLC) مقاد عن طريق البرنامج الاشرافي (SCADA) ، رسالة ماجستير (منشورة) ، جامعة دمشق ، كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية ،)آيار- 2010م)                   ، ص44.
  4. كرزون ، محمد حسام ، التحكم الاشرافي وتحصيل المعطيات(SCADA) ، مركز التقانة الصناعية ، سوريا ، اعتمادًا على الرابط الالكتروني التالي: https://www.cia.gov/library/abbottabad-compound/19/1958
  5. Schneider Electric “Scada System” Telemetry & Remote Scada Solutions”, White Paper, March 2012, P.
  6. Olg Martyusheva, Smart Water Grid”, Plan Technical Report” In Partial Fulfillment Of The Requirements For Degree Master Of Science, Colorado State University , 2014,P11.
  7. الإدارة المستدامة للمياه ، اعتمادًا على الرابط الالكتروني التالي: https://www.tidjma.tn/ar/glenv/scada/
 

شارك هذا الموضوع: