التسامح ودوره في تقوية علاقات المجتمع
               ا.د.اوراس هاشم الجبوري / قسم العلوم التربوية والنفسية                                                    
التسامح هو مفهوم أخلاقي يدعو إلى العفو والصفح وتقبل الآخر وعدم إلغاء الآخرين رغم إختلاف ألوانهم ومعتقداتهم مع التمسك بثوابت الدين الأساسية كذلك ان التسامح  هو مجموعة من المبادئ المتعلقة بإيمان الفرد بتعدد الآراء وتباين الأفكار تتكون  لدى الفرد من خلال تفاعله في المواقف والخبرات مع الآخرين ممن يختلف معهم سواء في العقيدة أو الإنتماء الفكري.
ويتمثل التسامح الإجتماعي مايسود بين الأفراد من علاقات إجتماعية التي تسودهم، ونتيجة لأهمية تلك العلاقات ينشأ ما بين الناس مجموعه القيم الإيجابية كالصدق والوفاء والأمانة والاخاء، وقد تختلف العلاقات ما بين الناس فتنشأ بعض القيم السلبية غير المرغوب فيها كالكراهية والحسد والبغض والغل، وأنها تعد من الأمراض الإجتماعية التي تشكل خطراً على إستقرار المجتمع ووحدته، لذا فأن قيم التسامح الإجتماعي تتمثل بالإعتراف بالخطأ ، وقبول الإعتذار، والعفو والصفح ،وقبول الممارسات الإجتماعية بين الأفراد.
وتتمثل بعض مظاهر التسامح الإجتماعي في قوله تعإلى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (۱۱)﴾ (الحجرات: ۱۱).
إذ يجب على المؤسسات التربوية أن تقوم  بدور إستكمال ما بدأته الأسرة، فالمدرسة ثم الجامعة والمؤسسات الثقافية والإعلامية المختلفة وغيرها، وحقيقة الأمر أن تربية الأفراد على قيم التسامح الإجتماعي تستدعي مؤازرة وانسجام مؤسسات المجتمع المدني كافة، لكي تحقق غاياتها السامية، وكشفت بعض نظريات التعلم الإجتماعي، أن التسامح أو نقيضه التعصب، عبارة عن مقياس إجتماعي، يتعلمه الفرد من مجتمعه كما يتعلم شئ آخر.   
وعلية نجد ان  التسامح الإجتماعي هو قبول الآخر والإحترام المتبادل ،والمسالمة ، ولا للعنف ، والمودة ، والرحمة ، والألفة ، والتقارب ، والتواصل ، وإحترام مشاعر الآخرين  ،والتعاون ، والتكافل ، والعدل ، و مساواة الآخر بالذات . و التسامح يعمل على تحقيق التآزر والمحبة والتعاون والألفة والانسجام، كما يعمل على مساعد الفرد في التحمل للمسؤولية من اجل الوقوف بوجه مشاكل الحياة الاجتماعية اذ انها تنمي مشاعر الإحساس الاجتماعي بالمجتمع.
 وإن حصول  أي خلل في طبيعة قيم المسامحة لدى الافراد سيؤدي إلى تكوين الشخصية المضطربة، وبالتالي فإن الشخصية المضطربة تصبح بنيتها أكثر تفككا واستعدادا لتشرب القيم الأجنبية الوافدة والسلبية، وذلك بدوره يؤدي إلى حالة من التذبذب على مستوى الانتماء الثقافي وهذا الوضع ربما يقود صاحبه إلى الانعزال عن مجتمعه وبالتالي يصبح مغترباً عن واقعه الاجتماعي والديني والثقافي.
أنَّ الاحترام والاحتفاء بالتنوع هما مفتاح بناء مستقبل أفضل للجميع. فالمجتمع المتسامح، أكثر تمتُّعاً بحسن المزاج وأقدر على المبادرة مِن غيره، وأقرب إلى التفاؤل في الحياة مِن الآخرين، وبناء علاقات جيدة مع الناس، ويبعث الرضا والثقة والأمل في المستقبل لدى الأفراد. ونؤكد أنَّ للتّسامح آثاراً نفسية على المجتمع في سائر نواحي الحياة، لوجود علاقة ارتباطية دالة بين التسامح والانفعالات والأفكار الإيجابية المُعززة للتّعارف العُمراني. إنّ الآثار النفسية للتسامح تعمل على بناء السِّمات الإيجابية التي تساعد الأفراد والمجتمعات، ليس على التّحمل والتقبل والبقاء فحسب، بل تزيد من رفاهية المجتمع، وتُنمي قِواه الإيجابية على مدى الحياة، في الصحة والعلاقات والعمل.


شارك هذا الموضوع: