المخدرات وأضرارها على الفرد والمجتمع 
م. د. نهى نعمة محمد الموسوي
جامعة كربلاء – كلية التربية للعلوم الإنسانية 
 قسم الجغرافية التطبيقية.
      تعد المخدرات من الظواهر السلبية التي تؤثر بشكل مباشر على الفرد والمجتمع ، لما لها من آثار مدمره ، إذ تعد نوع من أنواع السموم التي بدأت تنتشر بالعالم وتتسع يوما بعد يوم مما يكلف الحكومات خسائر كبيرة ، بالرغم من التطور الهائل الذي حققه الانسان في الوقت الحاضر في كافة المجالات الا انه نتج عنه مشكلات وآفات مختلفة ومنها آفة الاتجار بالمخدرات التي تصيب المجتمعات ككل ومنها مجتمعنا العراقي ، والتي تؤثر سلبا على الطاقة البشرية في المجتمع بصورة مباشرة وغير مباشرة .
    وقبل التطرق الى أسباب انتشار هذه الظاهرة وآثاره السلبية على مجتمعنا العراقي لابد من التعرف على مفهوم المخدرات وانواعها ، فيقصد بالمخدرات من الناحية الاصطلاحية للدلالة على المواد الكيميائية التي يؤدي استخدامها إلى تغيير في المزاج أو الإدراك أو الشعور، ويساء استخدامها حتى تلحق الضرر  بالفرد الذي يستخدمها وبالمجتمع ايضاً . وتعرف المخدرات قانونياً على انها مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان، وتسمم الجهاز العصبي، ويحظر تداولها أو زراعتها أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون، ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص لهم ذلك . ويعرف الفقه المادة المخدرة بكونها كل مادة خام أو مستحضرة تحتوي على جواهر منبهة أو مسكنة من شأنها اذا استخدمت في غير الأغراض الطبية و الصناعية الموجهة ان تؤدي الى حالة من الأدمان عليها مما يضر بالفرد والمجتمع جسمياً ونفسياً واجتماعياً .ويقترب تعريف لجنة المخدرات في الأمم المتحدة من هذا التصور، فالمخدرات هي ” كل مادة، خام أو مستحضرة، تحتوي على مواد منبهة أو مسكنة من شأنها إذا ما استخدمت في غير الأغراض الطبية أو الصناعية أن  تؤدي إلى حالة من التعود أو الإدمان عليها، مما يضر بالفرد والمجتمع جسميا ونفسياً و اجتماعيا “.وتقسم المخدرات الى نوعين :(المخدرات الطبيعية: تعرف بأنها مادة مخدرة في شكلها الطبيعي ، وعادة من أصل نباتي ، دون تدخل الإنسان أو إضافة. والمخدرات الصناعية : وتشير إلى تلك المواد الصناعية والمواد المحيطة بها التي تأثرت بالإنسان وتم إضافتها أو تعديلها ، وتنقسم إلى عدة أنواع منها: (  الافيون ، الكوكايين ،الهيروين ،عقاقير الهلوسة ).
 ومن اهم الأسباب التي أدت الى انتشار هذه الآفة في المجتمع العراقي تمثل ب، :
  • الفقر والبطالة: تعد من أهم أسباب انتشار المخدرات، حيث يلجأ الشباب إلى المخدرات للهروب من الواقع المرير.
  • الضغوط النفسية: تعاني شريحة كبيرة من الشباب العراقي خصوصا سنوات البلوغ الاولى من ضغوط نفسية كبيرة نتيجة للحروب والصراعات والمشاكل الاجتماعية، مما يدفعهم إلى البحث عن ملاذ في المخدرات.
  • غياب الوعي: يفتقر الكثير من الشباب إلى الوعي بخطورة تعاطي المخدرات، مما يجعلهم عرضة للإدمان. 
وتتمثل آثار المخدرات على المجتمع: بـ
  • التدهور الاقتصادي: يؤدي الإدمان إلى تدهور الإنتاجية وتقليل الكفاءة، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني.
  • انتشار الأمراض: يساهم انتشار المخدرات في انتشار الأمراض المعدية، مثل الإيدز والتهاب الكبد.
  • زيادة العبء على النظام الصحي: يتحمل النظام الصحي أعباء كبيرة نتيجة لعلاج المدمنين وتوفير الرعاية الصحية لهم ورقودهم بالمؤسسات الصحية .
  • تدهور الأمن والاستقرار: يرتبط تعاطي المخدرات بزيادة معدلات الجريمة والعنف، مما يهدد الأمن والاستقرار في المجتمع والسلم المجتمعي .
      أدى انتشار المخدرات في العراق الى الكثير من الآفات الاجتماعية والجرائم التي لم تكن مألوفة لدى الشعب العراقي ، إذ تنتشر  وتباع وتوزع في المناطق الفقيرة والمحرومة في بغداد العاصمة والمحافظات الأخرى خاصة الجنوبية منها، ولا توجد إحصائية رسمية منشورة لأعداد المتعاطين للمخدرات في البلاد، ولكن وحسب مسؤولين أمنيين فإنها تنتشر بين فئة الشباب ومن كلا الجنسين ، إذ أكدت الدراسات التابعة لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إن مخدر الكريستال يعتبر الآن المخدر الأخطر والأكثر انتشارا في العراق، محذرا في تقرير صدر في فبراير/شباط من عام 2023 من أنه أصبح يُصنع سرا داخل العراق بعد أن كان يهرب سابقا من إيران وحسب التقرير، فإن البؤر الرئيسية لانتشار الكريستال هي المحافظات الحدودية الجنوبية، مثل البصرة وميسان.
جدول يوضح توزيع حالات تعاطي المخدرات
الخلاصة : نستنتج مما سبق ان للمخدرات آثار سلبية وخطيرة على المجتمع والاسرة اذ تسبب اختلالا في التفكير العام من الجانب النفسي . أما الجانب الاجتماعي فلدى المدمن اعتقاد راسخ بأنه غير مقبول أو موجود في المجتمع مما يدفعه إلى الانتحار. لذلك لا بد من محاولة مكافحته أو مواجهته مع الحد من تأثيره ومخاطره على الأفراد والمجتمع ، ومحاولة القضاء على هذا الخطر بشكل نهائي ، وهو في الواقع ليس فقط من خلال تعزيز الجهود الفردية والاجتماعية للتعامل معه بشكل متزامن.وإنما من خلال تضافر جهود جميع أفراد المجتمع والحكومة، والمنظمات الأهلية. فالمخدرات لا تهدد صحة الفرد فحسب، بل تهدد أيضًا استقرار المجتمع وتطوره.اذ تلعب الجهود الاقتصادية والسياسية والثقافية وخاصة وسائل الإعلام ، دورًا مهمًا في مكافحة أو إنهاء هذه الظاهرة وتأثيرها السلبي على المجتمع ككل ، وبرغم مما حققته الحكومات العراقية من نتائج في مكافحة آفة المخدرات لكن هذا الملف تجاوز أن يكون ظاهرة وتعدى إلى تجارة تدر أموالاً طائلة ومحمية سياسياً ما دفع لتوسع تعاملاتها لاسيما أن المخدرات كفيلة بتفكيك الأسرة وبالتالي تدمّر أي مجتمع بالكامل.
المصادر : 
  1. ايمان فليح حسن ، ظلال جواد كاظم ، الاثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمخدرات على سكان محافظة القادسية ، مجلة آداب الكوفة ، العدد 58، 2023.
  2. امال علي موسى ، جمانة الاسدي ، خطر المخدرات في تغييب منظومة العقل البشري واثرها على المجتمع ، مجلة جامعة الامام جعفر الصادق للعلوم الانسانية والاجتماعية،  المجلد 5 العدد 2 المؤتمر الدولي الخامس لمؤسسة الشهيد الصدر للتميز والإبداع ،2023 .
  3. مؤيد جبار حسن ، أثر تعاطي المخدرات في المجتمع العراقي : الأسباب والحلول، مجلة جامعة الامام جعفر الصادق للعلوم الانسانية والاجتماعية،  المجلد 5 العدد 2 المؤتمر الدولي الخامس لمؤسسة الشهيد الصدر للتميز والإبداع ،2023 .
  4. ايمان محمد الجابري ، القواعد المنظمة للتعامل بالمخدرات في دولة الامارات ، دار الجامعة الجديدة ،الإسكندرية، 2011.
  5. الاثار الاجتماعية لتعاطي المخدرات ، عبد اللطيف رشاد ، مركز الدراسات الأمنية والتدريب ، الرياض ، المملكة السعودية ، 1992 .
  6. تقير المخدرات العالمي، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة  ، 2023 .

شارك هذا الموضوع: