أن التعليم الجامعي في هذا العصر الذي يعتبر العصر المعرفي يمثل هدفاً مهماً؛ لكونه وبحسب منظمة اليونسكو UNESCO)) له ثلاثة أدوار (التعليم، والبحث، وخدمة المجتمع)، لهذا أخذت الأنظار تتجه إلى الجامعات والتعليم فيها أكثر من أي وقت سابق، لما لها من دور ريادي في حياة الأمم والمجتمعات؛ لكونها المصدر الأساس من مصادر العلم والمعرفة، فهو أداة فاعلة للتعامل والتكيف مع المتغيرات المتسارعة والمتلاحقة التي يعيشها العالم اليوم.
وتبرز مظاهر تداعيات العولمة على التعليم العالي في زيادة التوجه نحو تدويل التعليم العالي وذلك من خلال ازدياد الحراك الأكاديمي والمهني بين الطلبة والباحثين والمدرسين الذي يعملون خارج بلادهم، الطلب الكبير على التعليم العالي واختلاف جنسيات و أعمار الطلبة، الذين يحملون خلفيات اجتماعية و ثقافية و لغوية مختلفة، وفي ظل تحول العالم نحو اقتصاد المعرفة، وبدفع من الاحتكارات الاقتصادية والعالمية الكبرى التي تجعل من لغة الدولة الأقوى معرفيا، ومن ثم اقتصاديا، الأكثر انتشارا، تحولت اللغة إلى سلعة و وسيط تجاري، وباتت تلعب دورا مهما في خلق الثروة وفي صناعة الذوق، اعتمادا على ما تحققه التغذية الرجعية لوسائل الدعاية من صور انطباعية تسهم بقوة في تعميم أنماط ثقافية تمتد إلى كل مجالات الحياة.
لهذا يعد التوجه نحو الجامعات العالمية؛ لتحقيق الريادة العالمية، الأمر الذي يتطلب العمل على التدويل الجامعي، في حين يشهد العالم اليوم مجموعة من التحديات والمتغيرات التي تنعكس على الحياة برمتها ومنها التعليم نتيجة لتأثيرات العولمة المتدفقة وزيادة أهمية المعرفة بوصفها المحرك الأول للنمو وثورة المعلومات والاتصالات الأمر الذي يحتم علينا نمطا من التعليم يسعى للعالمية ويتسم بالدولية بحيث يطل على الثقافات الأخرى ويتفاعل معها ولا يذوب فيها.
كما يواجه التعليم الجامعي مجموعة من التحديات التي تفرض عليه القيام بجهود بناءة للتغلب عليها ووضع استراتيجيات جذرية تسعى إلى تأهيله للقيام بالدور المنوط به، ومن هنا حدث تحولا كبيرا في نظام التعليم العالي والجامعي، فأخذت الجامعات بثقافة التدويل والتحول من الإقليمية إلى العالمية، مما تطلب تغييرا جذريا في فلسفة التعليم الجامعي وتوجهاته واستراتيجياته.
وعلى الرغم من الاختلافات والتحولات بين الجامعات المعاصرة وداخل الجامعة الواحدة إلى أن أغلب المؤسسات التعليمية تسعى للتوسع في الأنشطة الدولية في ظل المناخ العالمي الجديد للتعليم الجامعي، فلم يعد دور الجامعات قاصرة على الوظائف التقليدية المرتبطة بتقديم المعارف ونقلها، بل أصبحت هناك ضرورة ملحة إلى توفر رؤيا جديدة على صعيد التعليم الجامعي.
لهذا أصبح لزاما وضع خطط، وأهداف، وانشطة الجامعات، على طريق تطبيق استراتيجية تدويل فعالة، مما يستدعي الحاجة لبناء تصور مقترح لمتطلبات تدويل التعليم العالي في الجامعات، على أن تكون اتجاهات تدريسي هذه الجامعات موافقة لهذه المقترحات.
ومن هنا حدث تحول كبير في نظم التعليم العالي والجامعي فأخذت الجامعات بثقافة التدويل والتحول من الإقليمية إلى العالمية، مما تطلب تغييرا جذريا في فلسفة التعليم الجامعي وتوجهاته واستراتيجياته، وأصبحت الجامعات التي لم تنتهج منهجا عالمية أقل في مركزها التنافسي عن الجامعات ذات الطابع العالمي.
المصادر والمراجع
الحديثي، ابتسام وغانم، عصام (2013): تدويل مؤسسات التعليم الجامعي طبيعته ومداخله “قراءة تحليلية لبعض التجارب والخبرات الدولية المعاصرة. مجلة التربية، كلية التربية، جامعة الأزهر، 155(2) 551-616، .
الدجدج، عائشة (2016): تطور مقترح لتدويل التعليم الجامعي المصري في ضوء المعايير الدولية لتصنيف الجامعات، مجلة كلية التربية، جامعة بنها، 27 (109) 2، 453-540.
لصديقي، سعيد (2014): الجامعات العربية وتحدي التصنيف العالمي: الطريق نحو التميز “رؤى استراتيجية” . مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية, 2(6)، 8-47.
العامري، عبد الله (2013): متطلبات تدويل التعليم العالي كمدخل لتحقيق الريادة العالمية للجامعات السعودية ” تصور مقترح” (رسالة دكتوراه غير منشورة) كلية التربية، جامعة أم القرى، السعودية.
العجمي، محمد (2003): التطور الاكاديمي والاعداد للمهنة الاكاديمية بالجامعات المصرية بين تحديات العولمة ومتطلبات التدويل، مجلة كلية التربية بالمنصورة، كلية التربية، جامعة المنصورة. 1(52) ، 124- 198.
القحطاني، ماجد (2017): تصور مقترح لتدويل التعليم العالي في المملكة العربية السعودية في ضوء خبرة ماليزيا (رسالة ماجستير غير منشورة) كلية التربية، جامعة جدة، السعودية.
اليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة): (2015). مشروع تقرير أولي عن إعداد اتفاقية عالمية للاعتراف بمؤهلات التعليم العالي، باريس.