تطوير تقويم الاداء المدرسي لدى المدارس الابتدائية العراقية في المستقبل
أ.م. د. ضياء صالح مهدي
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. جامعة كربلاء. كلية التربية للعلوم الانسانية
لقد اصبح واضحاً للعيان جهود التطوير والاصلاح المبذولة من قبل العديد من دول العالم في ادارة التعليم واعادة هيكلة المدارس بصورة عامة والتعليم الابتدائي بصورة خاصة، وهي اليوم تتضاعف بالرغم من التحديات المحلية والدولية، واسفرت الجهود لتطوير التعليم عن العديد من التوجهات والاستراتيجيات ومن بينها اعادة النظر بتقويم الاداء المدرسي، ويقصد بالأداء المدرسي بانه جميع الانشطة والممارسات والسلوكيات التي يقوم بها اعضاء المجتمع المدرسي من مسؤولين واداريين ومعلمين وتلاميذ، ويتحدد من خلالها مدى فاعلية المدرسة الابتدائية كمؤسسة تربوية في اداء رسالتها، وتحقيق الاهداف والمخرجات، النواتج)، التي تسعى الى بلوغها، وذلك من ضمن مجالات الاداء الاتية : القيادة المدرسية ، والتعليم والتعلم، والبيئة المدرسية.
وتقويم الاداء المدرسي كان ولسنوات عديدة يعتمد ويركز بشكل كبير وواسع على نشاط التلاميذ من حيث التعلم والتحصيل الدراسي، وبدرجة اقل على نشاط المعلمين، اما الان وفي ظل التطورات الكبيرة التي تحصل في العالم فقد تطور وبشكل كبير تقويم الاداء ليشمل المدرسة ككل، وخصوصاً ما يجري داخلها من اساليب وطرق تدريس، واكتشاف جميع الامور التي تؤثر بشكل كبير على قدرة التلاميذ على تحصيلهم الدراسي، فالمفهوم الجديد لتقويم الاداء المدرسي ينظر الى المدرسة الابتدائية كمؤسسة واحدة، ولكنها تلعب ادواراً مختلفة، وتتفاعل فيها مجموعة من العناصر، ويؤثر فيها عدد من العوامل، وهذه النظرة جعلت من المدارس الابتدائية ان تقوم نفسها تقويماً شاملاً يقف على مدى فاعليتها وجودة ادائها، ومدى تحقيق اهدافها، ومدى كفاءة معلميها وجميع العاملين فيها، وذلك من خلال اتباع عدة اساليب ومن اهمها التقويم الذاتي، والذي يعتبر من اهم ادوات تطوير المدرسة من الداخل والوصول بها لأفضل صورة ممكنة، كما انه يعد من اهم العمليات التي تزيد كفاءة المدرسة وترفع من مستوى اداءها وتنمية كوادرها، اذ ان عملية التقويم الذاتي لا بد ان تكون معتمدة على معايير واسس وادوات منهجية مدروسة، وتخضع للدراسة والبحث والتطوير والتعديل بشكل مستمر، وتجري بشكل دوري وبفترات محددة داخل المدرسة للاستفادة منها في المستقبل والتغلب على المعوقات التي تعيق تطور اداء المدارس الابتدائية.
ولا بد من التركيز على التقويم الداخلي والخارجي للمدرسة الابتدائية، فالداخلي هو ما يقوم به كل من الادارة المدرسية المتمثلة بمدير المدرسة والمعاونين وكذلك المعلمين والتلاميذ، اما الخارجي فهو ما تقوم به المؤسسات المسؤولة عن واقع التعليم من جهات رقابية كوزارة التربية والمديرات العامة للتربية في المحافظات وما يلحقها من جهات رقابية كالمشرفين التربويين والمراكز الاخرى الملحقة بها، ويشير الخبراء المختصين بالمجال التربوي الى اهمية وجود بعض الاليات او المعايير التي تؤدي لتقويم الاداء المدرسي للمدارس الابتدائية سواء للمتعلم ام المعلم ام طرائق التدريس المستخدمة او المنهج او المدرسة ككل، وقد يكون هذا التقييم بشكل رسمي او غير رسمي، ولا بد ان يعتمد التقويم على وسائل واساليب متنوعة ومختلفة يشترك بها كل من له علاقة بالتعليم الابتدائي.
ويقع على عاتق ادارة المدرسة الابتدائية الحديثة في المستقبل القيام بعملية تقييم الاداء لجميع عناصر العملية التعليمية من معلمين وتلاميذ وموظفي الخدمة باعتباره المسؤول الاول في المدرسة، وبما ان تقويم نمو التلميذ هو الاساس بالعمل التربوي ككل فلا بد من الاهتمام بتقويم اداءه ونتاجه لأنه يعد المؤشر الاول والمعيار الحقيقي لمدى نجاح المدرسة الابتدائية ببلوغ اهدافها، ويمكن تلخيص ذلك من خلال :تقييم اداء ونتائج واعمال التلميذ خلال العام الدراسي، وتقييم خصائص التلميذ من مدى استعداده وتعاونه وجديته ودافعيته ومدى انفتاحه على وجهات النظر الاخرى.
اما تقويم اداء المعلمين فيعتبر من المهام الاساسية للإدارة المدرسية بالمرحلة الابتدائية في المستقبل، فليس من السهل توفير معايير خاصة بالتدريس ولكنه من المفيد الاتفاق على اطار عملي موحد ينظر فيه للمعلمين من خلاله لتفادي الذاتية والاقتراب بشكل اكبر من الموضوعية، حيث ان وجود اطار علمي موحد له فائدته المحققة من حيث استخدامه كدليل لجميع البيانات المطلوبة عن المعلم لتحليلها وتقويم المعلم على اساسها، كما ان مديري المدارس الابتدائية من خلال عملهم مه الهيئة التعليمية تكون لهم رؤية للحاجات المستقبلية من اجل استدامة التعلم والتعليم، وتطوير المدرسة بشكل فاعل من خلال متابعة تقويم الاداء في المدرسة الابتدائية بجميع اشكاله لنجاح الاهداف المرجوة من المدرسة.
ومن اجل الارتقاء بالمدرسة الابتدائية في المستقبل فلا بد من ان يبحث المدير على افضل البرامج الخاصة بتقييم الاداء المدرسي ككل، ومن ثم تقييم ادائه هو شخصياً بما في ذلك الدور الذي يلعبه للارتقاء بالمدرسة، وذلك من خلال مساهمة المدير مع المختصين في تصميمها واقرار الاسلوب المناسب لتنفيذها.
وترجع اهمية برامج تقييم الاداء في انها توفر لمدير المدرسة الابتدائية معيارا حقيقياً من اجل معرفة جوانب القوة والضعف في ادائه، والاسباب التي تقف وراء تشتت جهوده، وتعوق عملية التركيز على جوهر العملية التعليمية، كما انه بواسطة التقييم الدقيق يستطيع المدير ان يضه يده على امكانيات التطوير والتغيير في المدرسة الابتدائية، والتعرف على الفرص المتاحة لتحقيق ذلك، كما انه يستطيع تحديد المهارات التي تثبت بان هناك حاجة ماسة في ميدان التعليم، حتى تكتمل له وللمدرسة عناصر النجاح.
وخلاصة ذلك …
فان عملية تقويم الاداء المدرسي في المدارس الابتدائية في العراق بالمستقبل لها دور مهم جداً في العملية التعليمية والتربوية من اجل بلوغ الاهداف المنشودة منها على ان يكون هذا التقويم شاملاً لجميع عناصر التي تهتم بالتعليم من معلمين واداريين ومشرفيين تربويين واولياء امور التلاميذ، وان يشترك في تخطيطها وتنفيذها كل من له علاقة سواء اكان من داخل المدرسة او من خارجها.
 

شارك هذا الموضوع: