مقال بعنوان 
(سيكولوجية الاقناع واسلحة التأثير)
م.م. ازهر علي محمد
جامعة كربلاء_ كلية التربية للعلوم الانسانية
      هل سبق وكنت هدفا سهلاً لمندوبي المبيعات والباعة الجائلين وجامعي التبرعات، لم يكن من السهل عليك أن تقول “لا” عندما يُطلب منك التبرع بالمال مثلاً. 
         يحدد “سيالديني” ست من “أسلحة التأثير”، وهي الطرق التي تدفعنا للتصرف تلقائيا مما يحيد بنا عن عمليات اتخاذ القرار العقلانية الطبيعية، يطلق علماء النفس على تلك السلوكيات التي يسهل إثارتها اسم “أنماط الفعل الثابت” تعرف على المثير، وسيكون باستطاعتك توقع بدرجة معقولة كيف سيكون رد فعل شخص ما، وكيف تثير ردود الأفعال التلقائية لدى الأشخاص قبل أن يتمكنوا من التفكير بعقلانية في العروض” وان اسلحة التأثير الست الأساسية التي يستخدمها محترفو دفع الآخرين إلى الإذعان دون تفكير تشتمل على: المعاملة بالمثل والالتزام والثبات والدليل الاجتماعي والمحبة والسلطة والندرة.
      أود أن استعرض مثال عرضه عالم النفس “سيالديني” ناقش من طريقه غريزة الأمومة لدى الديوك الرومي، إن أمهات الديوك الرومي أمهات جيدة وشديدة الاعتناء بأولادها، لكن وجد أن غريزة الأمومة بداخلها يحفزها شيء واحد، شيء واحد فقط صوت فراخها، ويعد الظربان العدو الطبيعي للديوك الرومي، وعندما ترى الأم واحداً منها تتخذ على الفور وضعية الهجوم إنها ستفعل ذلك حتى وإن رأت دمية على هيئة ظربان، لكنها إذا سمعت الصوت نفسه الذي يصدره صغارها يصدر من هذا الظربان ستصبح حارسا مخلصا له!
      لعلك ستقول كم هي غبية هذه الحيوانات أفعل ما يحفزها وستجدها تتصرف بطريقة محددة حتى إن كانت هذه التصرفات سخيفة، لكن “سيالديني” يخبرنا عن سلوك الديوك الرومي فقط ليهيئنا للحقيقة المزعجة المتعلقة بردود الفعل البشرية التلقائية، اذ أننا أيضا لدينا ردود فعل تلقائية تعمل لصالحنا بطرق إيجابية – لتكفل بقاءنا على قيد الحياة دون الاضطرار للإفراط في التفكير – لكنها تسبب لنا الضرر أيضا عندما لا نكون على وعي بالمحفزات. 
المعاملة بالمثل: 
      رد المعروف دائماً تمثل قاعدة المعاملة بالمثل، الموجودة في كل الثقافات، اذ ينبغي لنا أن نرد الأشياء التي تمنح لنا، سواء كانت هدية، دعوة مجاملة، وهكذا.
      هل تفضل أن تسدي معروفا لشخص تحبه؟ معظمنا سيقول نعم، لكن الدراسات النفسية – وجدت أن عامل المحبة لا يشكل أي فرق فيما يتعلق بشعورنا بالالتزام برد الجميل، ستشعر بأنك ملتزم تجاه الأفراد أو المؤسسات التي تمنحنك شيئًا، حتى لو كان صغيراً وحتى لو كنت لا نريده، وهناك تكتيكات لعدة جمعيات خيرية حيث كانوا يعطون الورود أو الكتب الصغيرة للناس في الشوارع أو المطارات، وعلى الرغم من أن العديد من الأشخاص لا يريدون الورود وغالبا ما يحاولون إعادتها، فبمجرد أن تستقر في أيديهم يشعرون بأنهم ملزمون بالتبرع.
      وليس فقط الالتزام برد الجميل هو المبدأ الفعال، بل الالتزام بتلقي الجميل أيضًا، فعدم قدرتنا على قول “لا” علاوة على عدم رغبتنا في أن نبدو كأشخاص لا ترد الجميل، هما ما يجعلاننا ضحية لرجال التسويق الماكرين، وفي المرة القادمة التي تتلقى فيها “هدية” غير مرغوب فيها كن حذراً من سوء النية الذي ينطوي عليه الأمر، سيتيح لك هذا أن تتلقى الهدية دون أن تمنح شيئًا في المقابل ومع ذلك تتمتع براحة الضمير.
الثبات على المبدأ:
      يحب البشر الثبات على مبادئهم، نحن نشعر على نحو أفضل تجاه شيء إذا كنا ملتزمين به جزء من السبب هو الضغط الاجتماعي، مثلاً رجال التسويق يعلمون أنه إذا جعلت شخصا يتعهد بالتزام صغير، تكون قد ملكت صورته الذاتية بين يديك؛ لهذا السبب يقدم بائعو السيارات معدومو الضمير ثمنا مبدئياً زهيداً للغاية للسيارة، مما يجعلنا ندخل المعرض لكن فيما بعد، بعد كل الإضافات، يتضح أنها ليست بهذا الثمن الزهيد على الإطلاق، مع ذلك في هذه المرحلة نشعر بأننا ملتزمون بالشراء، يعد دفع مندوبي البيعات لعملائهم إلى ملء استمارة الطلب أو اتفاقيات الشراء بأنفسهم خدعة أخرى، مما يقلل بشكل كبير من فرصهم في تغيير آرائهم. إن الالتزام العام يمثل قوة هائلة.
الخوف من الفقد:
      يقول تشيسترتون: الطريق لحب أي شيء هو أن تدرك أنه من المحتمل أن تفقده، إنها طبيعة بشرية أن تقدر شيئا ما أكثر عندما يكون نادرا، في الحقيقة إن فكرة فقدان الشيء تحفزنا أكثر مما تحفزنا فكرة الحصول على شيء آخر له قيمة مماثلة.
      واخيراً بالحديث عن موضوع السلطة ميل البشر لاحترام السلطة، حتى عندما يكون رمز السلطة موضعاً كبيراً للشك ..
م.م. ازهر علي محمد
التخصص: علوم نفسية_ علم نفس النمو 

شارك هذا الموضوع: