مجلة الاصلاح السعودية وظروف التأسيس
هي أول مجلة صدرت في مكة المكرمة في (15 / صفر / 1347هـ) الموافق (1/آب/ 1928م) في العهد السعودي، بعد توحيد البلاد, وثاني مجلة صدرت بعد مجلة (جرول الزراعية)، التي سبق الحديث عنها في صحافة العهد الهاشمي، وهي صحيفة دينية علمية اجتماعية أخلاقية تصدر مرتين في الشهر، إلا أنها لم تتقيد بالصدور بشكل تام, وقد تولى الشيخ محمد حامد الفقي احد علماء الأزهر ورئيس شعبة الطبع والنشر بمكة المكرمة إدارتها والإشراف على تحريرها، وقد تمسكت المجلة بما أعلنته من أهداف صحفية، فخصصت صفحاتها للمناقشات الدينية والمواعظ الأخلاقية، ولم تولِ ميدانيَ الأدب والسياسة شيئًا من اهتمامها، ويتضح ذلك من شعار المجلة الذي يتمثل بالآية القرآنية: ((بسم الله الرحمن الرحيم إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ …)), فتوجّه المجلة العام كان توجُّها دينيًا، فهي تعنى بالشؤون الدينية أكثر من عنايتها بالشؤون الأخرى, وكانت تشتمل على تفسير القران الكريم والأحاديث النبوية والمواعظ الدينية وتهتم أحيانًا بأخبار العالم الإسلامي
وقد أوضح رئيس تحريرها (الفقي) في افتتاحية العدد الأول منها الفكرة التي انطلق منها إصدار مجلة (الإصلاح )، التي تمثلت بتمنيه صدور صحيفة دينية علمية، تضم صوتها إلى صوت المصلحين، وتتعاون معهم على ما هم بسبيله من دعوة إلى الإصلاح؛ لذلك لم تكن مجلة(الإصلاح) مجالاً واسعًا لعدد كبير من الأقلام؛ بل كانت تعتمد فيما تنشره من مقالات على ما كان يسهم به مجموعة من الكتَّاب المحليِّين، كما إن بعض مقالاتها كانت تنشر بدون توقيع؛ مما يشير إلى أنها من إنشاء المحرر، فضلًا عن أنها كانت تنشر فصولًا من المؤلفات الدينية وتنقل بعضًا من المقالات، التي تنشر في الصحف والمجلات الإسلامية، وتتسم بالبساطة في إخراجها وتبويبها، وبتوفر عناصر الأسلوب العربي التقليدي الجزل في موادها ومقالاتها
وربما يشير هذا إلى ضيق أفق المجلة ومحدودية انتشارها وقلة التجديد والمغايرة في مقالاتها؛ لكونها تعتمد أسلوب النقل من مصادر أخرى، وهذا من شانه أن يَسَم المجلة بالضعف، بالمقارنة مع المجلات الأخرى التي ستأتي بعدها .
وقد طُبعت مجلة (الإصلاح ) في أول صدورها بالمطبعة السلفية بمصر، لصاحبيها محب الدين الخطيب وعبد الفتاح قتلان، ثم نُقلت طباعتها إلى مكة المكرمة بالمطبعة الماجدية، وبعد أن أسست المطبعة السلفية بمكة المكرمة، على يد الشيخ محمد صالح نصيف بالاشتراك مع الشيخ عبد الفتاح قتلان، نُقِلت طباعتها إلى هذه المطبعة
واختُلف في تاريخ انقطاع صدور المجلة فيشير الأستاذ عثمان حافظ إلى أنه لا يعرف بالضبط التاريخ الذي توقفت فيه مجلة( الإصلاح) عن الصدور، لكن العدد( 17 ) من العام الثاني المؤرخ في شهر(صفر /1349هـ ) الموافق (27/ حزيران /1930م) هو آخر عدد استطاع الاطلاع عليه, ثم ينقل عن الشيخ محمد صالح نصيف أنه يظن أن هذا العدد هو آخر عدد صدر من (الإصلاح)، وأما الأستاذ محمد ناصر بن عباس فيقرر أن مجلة (الإصلاح) ظلت تصدر إلى ما بعد عام (1352هـ) الموافق( 1933م)، لكن الأستاذ عثمان حافظ يستبعد أن المجلة قد استمرت بالصدور بعد العدد (17) من العام الثاني مُستندًا إلى تتبُّعِه للمجلة ومقابلاتِهِ مع المعاصرين لها( ), ويؤكد الأستاذ محمد عبد الرحمن الشامخ أن تاريخ انقطاع المجلة (الإصلاح) عن الصدور غير معروف، مُستنِدًا إلى أنه ليس في العدد السابع عشر الصادر في (1/2/1349هـ )الموافق (27/6/ 1930م ) _الذي هو آخر أعداد العام الثاني، وآخر ما يوجد من أعدادها_ ما يشير إلى أن المجلة كانت تنوي أن تحتجب عن الصدور؛ بل أن فيه ما يوحي لعزم المُحرر على الاستمرار في نشرها, ومهما يكن من أمر فإنه يبدو أن (الإصلاح) لم تعش بعد هذا طويلا لأن ما يتوافر منها يقتصر على العامين الأول والثاني
ويبدو للباحث أن ما قرره الأستاذ عثمان حافظ بشان انقطاع هذه المجلة هو الأرجح؛ لأنه مصدر مهم من مصادر تاريخ الصحافة السعودية، ومن أهم كتَّابها المعنيين بها، وبتتبع أخبار صحفها ومجلاتها، فمن المستبعد أن لا يكون قد وقعت في يديه أعداد من المجلة، صدرت بعد العدد الأخير في عامها الثاني، فضلاً عن كونه قد اعتمد مقابلات لشهود عيان على توقف المجلة.