مما لا شك فيه أننا نحيا في عصر متغير بكل المقاييس عن العصور الماضية، فهذا العصر هو عصر المعلومات مما يعني أن القوة الحقيقية الآن لمن يمتلك المعلومات ويستطيع استخدامها و تطبيقها عمليا بما يناسب احتياجات ومتطلبات العصر الذي نحياه، ومن هنا جاءت الحاجة إلى التعلم الذاتي بأساليبه المختلفة، حتى يمكن إيجاد أفراد بهذه المواصفات والقدرات الخاصة فلم يعد من المجدي أن يتوقف الإنسان عن التعلم بمجرد انتهاء سنوات الدراسة .
ومن هنا يأتي مفهوم هام جدا أصبح هو شعار العصر الحديث و هو مفهوم ” التعلم مدى الحياة ” بمعنى أن التعلم يجب أن يكون عملية مستمرة طول حياة الإنسان، ومن خلالها يستطيع الإنسان تطوير نفسه وشخصيته ومهاراته و قدراته، وذلك لكي يواكب التطور الحادث من حوله في كل المجالات ومن هنا نشأت فكرة التعلم الذاتي باعتباره أسلوبا من أساليب التعلم المتطورة التي تمكن الفرد من أن يعلم نفسه بنفسه وفقا لقدراته ولسرعته في التعلم وما يتوافق مع ميوله واهتماماته وأنه يقوم على أساس المتعلم فهو الذي يختار المادة الدراسية التي يريد دراستها وهو الذي يحدد نقطة البداية و نقطة النهاية كما ينمي لديه مهارة التخطيط واتخاذ القرار والقدرة على تحمل مسؤولية هذا القرار، والتي تنشأ من شعور المتعلم بمسؤولية عن عملية التعلم الخاصة به وعن نتائج هذا التعلم بالإضافة إلى رفع كفاءة المعلم من خلال تدريبه على أسلوب التعلم الذاتي كأسلوب من أساليب التعلم، وتدريبه على كيفية تطبيق هذا الأسلوب من خلال الابتعاد عن الطرق التقليدية في التعليم وفي تقويم المتعلم، مما يعني أنه قادر على الحياة ، والبقاء، والتميز، والإبداع والابتكار أي أنه قادر على الاستمرار.
بدأ التعلم الذاتي في أوروبا وذلك على يد الطبيبة الإيطالية ماريا مونتيسوري التي طورت في أوائل القرن الـ20 الميلادي أسلوبا جديدا في التعليم يشجع الطفل على التعلم بنفسه ويكون فيه الطفل هو المعلم والمتعلم في آن واحد، وقد أعدت مونتيسوري غرفة تربوية للتعلم الذاتي تم تجهيزها بكل ما يحتاج إليه التلاميذ لتطوير مهاراتهم العملية واللغوية والرقمية والحسية.
وفي محاولة من جانب أخصائية تدريب المعلمين على التعليم بطريقة مونتيسوري والمعلمة لورنا ماهوني لتطوير الطريقة افتتحت ماهوني مدرسة على طريقة مونتيسوري في بيتها الواقع في الشمال الشرقي من لندن، وفي هذه المدرسة ليس هناك بداية رسمية للدرس كما أنه ليس هناك لوح اسود في غرفة الصف ولا يحدد المعلم للتلاميذ المادة التي سيدرسونها على مدى اليوم. أي أن زمام المبادرة يكون في يد التلميذ، وتعلق لورنا على ذلك بقولها إن أسلوب مونتيسوري ظهر في مطلع القرن الـ20، وقد أعجب به أفراد الطبقة الأرستقراطية في بريطانيا واقترحوا العمل به، ولكن نشبت الحرب العالمية الثانية وعطلت تطور المسيرة التعليمية باستخدام ذلك الأسلوب. (عن مجلة العلم).
تعددت تعريفات التعلم الذاتي بتعدد المدارس التربوية والنفسية ، وطبقاً لاختلاف الرؤى والأطر الفكرية للباحثين ، ورغم هذا إلا أن هذه التعريفات لا تخرج عن الإطار العام لمفهوم التعلم الذاتي بمعناه الواسع ، وسوف نتعرض لبعض هذه التعريفات :
– يرى Gleoson أنه نظام تعليمي ييسر للمتعلم المرور بأنشطة تعليمية مختلفة ، تساعده على تحقيق الأهداف ، لتغيير شخصيته نحو مستويات أفضل من النماء والارتقاء .
– ويعرفه Rountree بأنه ” العملية التي يقوم فيها المتعلمون بتعليم أنفسهم بأنفسهم مستخدمين التعليم المبرمج وغيره لتحقيق أهداف واضحة دون عون مباشر من المعلم”
– ويعرفه Good بأنه ” تنظيم المادة التعليمية بأسلوب يسمح لكل تلميذ أن يحقق التقدم الذي يتناسب إمكاناته ورغباته الشخصية وتوفير الإرشاد التربوي ومساعدة التلاميذ بما يتناسب واحتياجاتهم الشخصية ”
– ويعرفه طلعت منصور بأنه ” النشاط الواعي للفرد والذي يستمد حركته ووجهته من الانبعاث الداخلي والإقناع الذاتي ، بهدف تغيير شخصيته نحو مستويات أفضل ”
– ويعرفه جامع بأنه الأسلوب الذي يمر به المتعلم على المواقف التعليمية المتنوعة بدافع من ذاته وتبعاً لميوله ، ليكتسب المعلومات والمهارات والاتجاهات مما يؤدي إلى انتقال محور الاهتمام من المعلم إلى المتعلم ، وذلك لأن المتعلم هو الذي يقرر متى وأين يبدأ ، ومتى ينتهي وأي الوسائل والبدائل يختار ومن ثم يُصبح مسئولاً عن تعلمه وعن النتائج والقرارات التي يتخذها .
– ويعرفه زيتون بأنه نمط من التعليم المخطط والمنظم والموجه فردياً أو ذاتياً ، والذي يمارس فيه المتعلم النشاطات التعليمية فردياً وينتقل من نشاط إلى آخر متجهاً نحو الأهداف التعليمية المقررة بحرية وبالمقدار والسرعة التي تناسبه ، مستعيناً في ذلك بالتقويم الذاتي ، وتوجيهات المعلم حينما يلزم الأمر .
– وقد عرفه نوليز 1975Knowles على أنه العملية التي يقوم فيها الأفراد بالمبادرة أو اتخاذ الخطوات الأولى بدون مساعدة الآخرين في تشخيص حاجاتهم التعليمية وصياغة أهدافهم التعليمية وتحديد مصادر ومواد التعلم اللازمة واختيار استراتيجيات التعلم المناسبة وتطبيقها وتقويم نتائج التعلم .
– وهناك من عرف التعلم الذاتي على أنه العملية التي يقوم الفرد من خلالها بتعليم نفسه بنفسه باستخدام الوسائل المبرمجة لتحقيق أهداف معينة ، وهو يعد من الأساليب الحديثة التي تستخدم في حقل التعليم والتدريب سواء للدارسين أو المدرسين أنفسهم وذلك لاعتماده على برمجة المادة، ونجد أنه في هذا التعريف ركز على تعلم المتعلم نفسه دون المعلم واستخدام الوسائل المبرمجة والأساليب التكنولوجية الحديثة .
يعتبر تعريف بيشوب من أكثر التعريفات دقة في تعريف مفهوم التعلم الذاتي حيث عرفه بأنه ” الأسلوب الذي يقوم فيه المتعلم بنفسه بالمرور على مختلف المواقف التعليمية لاكتساب المعلومات والمهارات بالشكل الذي يمثل فيه المتعلم محور العملية التربوية ، وهذا يتم عن طريق تفاعله مع بيئته في مواقف مختلفة يجد فيها إشباعا لدوافعه ، مما يجعلنا نستخدم مراكز مصادر المعلومات المتوافرة في المؤسسات التعليمية لتهيئة أنسب الظروف أمام المتعلمين لكي يعلموا أنفسهم بأنفسهم ، وذلك من خلال تفاعلهم ومشاركتهم في العملية التعليمية مما يحقق مفهوم التعلم المستمر مدى الحياة ، المر الذي يتطلب التزود بأساليب التعلم الفردي والتعلم الذاتي لكل متعلم ، حيث يقوم بالدور الأكبر في الحصول على المعرفة بنفسه ” ( محمد صديق محمد حسن ، 1994)
– وقد وردت تعريفات أخرى بالإضافة إلى التعريفات التي استعرضناها ، وسبب هذا التعدد في تحديد مفهوم التعلم الذاتي أن كل متخصص يعطيه تعريفا خاصا به فنجد كل من ديكنسون وكلارك Dickinson & Clark ( 1975 ) وسميث ( 1976 ) يعرفونه بكلمة ” التثقيف الذاتى ” Self – Education أما مور Moore (1972 ) فأنه يعرفه بالدراسة المستقلة Independent–study بينما يعرفه جونستون Johnston وريفيرا Rivera على أنه ” تعليمات أو توجيهات ذاتية ” في حين يسميه ميلر Miller بالتعلم المستقلAutonomous Learning 0
– ويتضح لنا من التعريفات السابقة أن المتعلم هو محور العملية التعليمية في التعلم الذاتي ، حيث يقوم المتعلم بتعليم نفسه بنفسه من خلال البرامج التعليمية المعدة لهذا الغرض ، وهو الذي يقرر متى يبدأ في دراسة الوحدة التعليمية ، ومن أين يبدأ وأين ينتهي من دراسة هذه الوحدة وينتقل إلى وحدة تعليمية أخرى ، فالمتعلم إذن هو المسئول الأول عن نتائج تعلمه وعن القرارات التي يتخذها .
أهمية التعليم الذاتي:
التعلم الذاتي كان وما يزال يلقى اهتماما كبيرا من علماء النفس والتربية لاعتباره أسلوب التعلم الأفضل لأنه يحقق لكل متعلم تعلم يتنــاسب مع قدراته وسرعته الذاتية في التعلم ويعتمـد على دافعيته وبذلك له العديد من المميزات نلخص أهمها في الأتي :
1 – يأخذ المتعلم فيه دورا ايجابيا ونشيطا في التعلم .
2- يمكّن التعلم الذاتي المتعلم من إتقان المهارات الأساسية اللازمة لمواصلة تعليم نفسه بنفسه ويستمر معه مدى الحياة.
3- إعداد الأبناء للمستقبل بتعويدهم تحمل مسؤوليتهم بأنفسهم .
4- تدريب التلاميذ على حل المشكلات.
5- إيجاد بيئة تعليمية خصبة للإبداع.
6- يشهد العالم انفجار معرفي متطور باستمرار لا تستوعبه نظم التعلم وطرائقها مما يحتم وجود إستراتيجية تمكن المتعلم من إتقان مهارات التعلم الذاتي ليستمر التعلم معه خارج المدرسة وحتى مدى الحياة.
7- التعلم الذاتي يتيح الفرصة للكشف عن مواهب وقدرات التلاميذ ، والاستغلال الأمثل لطاقات كل فرد ، وذلك يعكس أحد أهم أهداف تكنولوجيا التعليم .
8- التعلم الذاتي يهيئ المناخ التعليمي لاكتساب مهارات التفكير ومهارات التكنولوجيا الإنسانية واكتساب طرق الاستفادة من المعرفة الإلكترونية .
ويعتبر التعلم الذاتي من أهم أساليب التعلم التي تتيح للفرد توظيف مهارات التعلم بفاعلية عالية مدفوعا برغبته الخاصة، وتمكنه من التعلم في كل الأوقات، وتساعده في تنمية استعداداته وإمكاناته وقدراته بما يتلاءم مع حاجاته واهتماماته وميوله، فالمشاعر والتصورات، والأفكار النابعة من ذات المتعلم، والمرتبطة بالجوانب المعرفية والانفعالية والإرادية لديه، تشكل في مجموعها وترابطها مجموعة الأسس النفسية التي يرتكز عليها التعلم الذاتي، والتي يمكن تعلمها وتعليمها من أجل تنميتها والاستفادة منها في استمرار التعلم، ويلقى التعلم الذاتي اهتماما كبيرا من قبل علماء النفس وعلماء التربية؛ باعتباره أسلوب التعلم الأفضل الذي يحقق لكل متعلم تعلما يتناسب مع قدراته وسرعته الذاتية في التعلم، بشكل يساعد المتعلم في تحمل مسؤولية تعلمه (الأحمد، 2002، 23). ويتميز التعلم الذاتي بثلاث سمات هي(عبد الرزاق، 2002):
يراعي التعلم الذاتي حاجات واهتمامات المتعلم، والتي على أساسها يقرر المصممون طبيعة المنهج الدراسي والأنشطة المنطوية تحته.
2. يستند التعلم الذاتي إلى ثلاثة مداخل، أولها: أن يتولى المتعلم تحديد الأهداف المنهجية التي يسعى لتحقيقها، وثانيها: أن تصمم الأنشطة التعليمية التي تؤدي إلى تحقيق هذه الأهداف بحيث تتوافق مع حاجة المتعلم وقدرته ورغباته، وثالثها: أن تعتمد سرعة عرض المعلومات المراد تعلمها والمهارات المرجو اتفاقها على قدرات المتعلم ورغباته وأهدافه.
يعمل التعلم الذاتي على التوافق بين المفاهيم والمهارات المراد تعلمها، وبين حاجة التلميذ لمثل هذه المفاهيم والمهارات بحيث تخضع لقدرات التلميذ.
ويمكن إيجاز هذه السمات في أن المتعلم هو محور العملية التعليمية والمسيطر الأساسي على متغيراتها بحيث تخضع المناهج والأهداف والأنشطة التعليمية لحاجات ورغبات الفرد وقدراته. ومن هذه السمات يتضح أن التعلم الذاتي يجب أن يتبع منهجاً خاصاً ونظاماً معيناً تتوافر فيه شروط خاصة حتى ينطوي تحت هذه التسمية وتتعلق هذه الشروط بثلاثة أمور هي: نظام التدريس، التلميذ، المعلم.
ويمكن إيجاز مبررات التعلم الذاتي بالنقاط التالية (غباين، 2001):
– مراعاة الفروق الفردية من جميع الجوانب، وتحويلها من فروق في القدرات إلى فروق في الزمن.
– توفير حق التعليم لكل فرد من أفراد المجتمع بغض النظر عن جنسه، وعرقه، ولونه، ودينه، بما يتناسب واحتياجاته وقدراته.
– يساعد التعلم الذاتي المتعلم في إتقان المهارات الأساسية اللازمة لمواصلة تعليم نفسه بنفسه ويستمر معه مدى الحياة .
– يساعد التعلم الذاتي المتعلم في تحمل مسؤولية تعلمه بنفسه .
– يساعد التعلم الذاتي المتعلم في تدريب التلاميذ على حل المشكلات والتفكير الناقد والابتكاري.
– مسايرة الانفجار المعرفي، والاستفادة من التقدم التكنولوجي في إيصال المعرفة الجديدة لكل فرد.
– حل مشكلة تزايد أعداد الطلبة، وتدني مستوى التحصيل الأكاديمي لدى الطلبة، ومعالجة مشكلة نقص المعلمين.
خصائص التعلم الذاتي :
في ضوء التعريفات السابقة للتعلم الذاتي نصل إلى الخصائص التي تميز التعلم الذاتي وتتمثل فيما يلي :
1- مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين .
2- تحمل المتعلم المسئولية في اتخاذ قراراته التي تتصل باختيار الأساليب المختلفة والأوقات المناسبة لتحقيق الأهداف .
3- مراعاة الخطو الذاتي للتعلم ، فالمتعلم يسير حسب قدراته الذاتية في تحصيل المعرفة ويترك زمن التعلم في ضوء الاستعداد وسرعة الانجاز .
4- مراعاة التوجه الذاتي ، أي إعطاء المتعلم الحرية الكاملة في تقرير ما يريد تعلمه مما يزيد من دافعيته نحو التعلم .
5- تفاعل المعلم الإيجابي مع المحتوى التعليمي من خلال أنظمة التغذية الراجعة والتعزيز المباشر .
6- توفير بدائل وأنشطة تُسهم في تفعيل وإثراء التعلم .
7- التقويم الذاتي مما يحقق للمتعلم الاستقلالية .
8- يتميز التعلم الذاتي باستخدامه المعيار الأديومتري ( محكي المرجع ) كأسلوب للتقويم ، حيث أنه يراعي الفروق الفردية ، فضلاً عن أنه يحقق مفهوم التعلم من أجل التمكن Learning for Mastery .
أهداف التعلم الذاتي :
تتنوع وتتعدد الأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال التعلم الذاتي بتنوع وتعدد المجالات التي تخدمها ، ومن أهم هذه الأهداف :
1- أهداف مرتبطة بالتخطيط للتعلم الذاتي: حيث أن الوظيفة الرئيسية للتربية تتمثل في زيادة مقدرة الأفراد على التعلم وذلك من خلال تبني المفاهيم المناسبة في هذا المجال وأن التعلم الذاتي يمثل أحد تلك المفاهيم وفيه يتولى الأفراد المسئولية الأولى عن التخطيط لتعلمهم.
2- أهداف تتعلق باستخدام مصادر المعلومات وتوظيفها: يرى كارل روميز أن الرجل المتعلم فقط هو الذي تعلم كيف يتعلم وكيف يتكيف ويتغير وهو الذي يدرك أنه له معرفة مضمونة .
3- أهداف مرتبطة بالتقييم الذاتي :
يحتاج المتعلم بصفة عامة وفي إطار التعلم بصفة خاصة إلى زيادة قدرته على تقويم نفسه بنفسه وذلك يستلزم بالضرورة زيادة قدرته على تقدير مستوى معارفه ومستوى مهارته ومن ثم إدراك حدود قدراته وإمكانياته فضلاً عن إدراك حدود قدرات الآخرين وإمكانياتهم .
4- أهداف متعلقة باتجاهات المتعلمين :
من الضروري اكتساب المتعلم اتجاهات إيجابية نحو التعلم ب صفة عامة ونحو مهنته بوجه خاص ، وإذا كانت المقررات التربوية من شأنها تعديل اتجاهات المتعلمين نحو مهنتهم ، فإن استخدام أسلوب التعلم الذاتي في تدريس تلك المقررات يسهم في تنمية الإحساس بالكفاءة الشخصية والإنجاز والثقة بالنفس فضلاً عن تأكيد الذات والإحساس بالرضاء والسرور .
وبشكل عام يهدف التعلم الذاتي إلى تحقيق ما يلي (غباين، 2001)، (عبد الرزاق، 2002):
– استثارة سلوك المتعلم وحفزه، وتمكينه من التغلب على صعوبات إرادة التعلم.
– اكتساب مهارات التعلم المستمر التي تساعد المتعلم على التعلم بنفسه بدون حدود أو قيود.
– مساعدة المتعلم في تحمل مسؤولية تعلمه بنفسه .
– المساهمة في بناء مجتمع دائم التعلم .
– المساعدة في تحقيق التربية المستمرة مدى الحياة .
الخلط بين مفهوم التعلم الذاتي ومفهوم تفريد التعليم :
من الملاحظ وجود خلط بين مفهوم التعلم الذاتي ومفهوم تفريد التعليم ، على الرغم من وجود فرق بينهما ، حيث أن تفريد التعليم يقصد به تحليل خصائص الفرد وأساليبه في التعلم ، تحليل مستوى قدراته وخبراته ومعارفه السابقة ، أي مراعاة خصائص الفرد في كل جوانبه ، ثم تصميم برامج تعليمية تتناسب مع قدرات هذا الفرد ، وهذه البرامج لا تعتمد بالضرورة على التعلم الذاتي ، فمن الممكن إعداد برنامج تعليمي مصمم لفرد واحد بهدف معالجة نواحي الضعف عنده وإثراء قدراته ، وهذا البرنامج ليس بالضرورة أن يتم تنفيذه بأسلوب التعلم الذاتي ، أي أن الفرد لا يشترط أن يكون هو الذي يقوم بتحصيل المادة وتعلمها ، وإنما قد يساعده المدرس أو احد الرفاق ، وطالما كان هذا البرنامج يراعى الخصائص الفردية للمتعلم ، فهو برنامج مفرَد .
– أي أن تفريد التعليم يقصد به ” تقديم تعليم يراعى الفروق الفردية بين المتعلمين ، وهو برنامج تعليمي يمد كل متعلم بمقررات دراسية تتناسب مع حاجاته وإدراكاته واهتماماته ، ويكون كل متعلم حرا في اختيار المادة التي تناسبه ، ويتفاعل مع البيئة التعليمية وفقا لقدراته وبطريقته الخاصة “.( البغدادى ، 1982 م )
التعلم الذاتي والدافعية:
كان علماء النفس الأوائل يرون أن الغرائز هي القوى المحركة للسلوك البشري، ولم يعرف مصطلح الدافعية في علم النفس إلا بعد الحرب العالمية الأولى، فقد رفض السلوكيون أن يكون للغرائز تأثير في السلوك( الأحمد، 2002)، فالدافعية هي مجموعة المشاعر التي تدفع المتعلم إلى الانخراط في نشاطات التعلم التي تؤدي إلى بلوغه الأهداف المنشودة، وهي ضرورة أساسية لحدوث التعلم، وبدونها لا يحدث التعلم، ويمكن التمييز بين نوعين من الدافعية للتعلم بحسب مصدر استثارتها هما: الدوافع الخارجية والدوافع الداخلية، فالدوافع الخارجية هي التي يكون مصدرها خارجياً كالمعلم، أو إدارة المدرسة، أو أولياء الأمور، أو حتى الأقران، فقد يُقبِل المتعلم على التعلم سعياً وراء إرضاء المعلم أو لكسب إعجابه وتشجيعه والحصول على الجوائز المادية أو المعنوية التي يقدمها، أو قد يُقبِِل المتعلم على التعلم إرضاءً لوالديه وكسب حبهما وتقديرهما لإنجازاته، أما الدوافع الداخلية فهي التي يكون مصدرها المتعلم نفسه، حيث يُقدِم على التعلم مدفوعاً برغبته الداخلية إرضاءً لنفسه، وسعياً وراء الشعور بمتعة التعلم؛ ولذلك تعتبر الدافعية الداخلية شرطاً ضرورياً للتعلم الذاتي والتعلم مدى الحياة، وتؤكد التربية الحديثة على أهمية نقل الدافعية إلى التعلم من المستوى الخارجي إلى المستوى الداخلي(السيد،2002). ويرى برونر أن “… حب الاستطلاع هو بداية الدوافع الداخلية، حيث أن الانتباه يكون نحو شيء غير واضح وغير مؤكد، وتحقيق الوضوح أو العمل على تحقيقه هو الذي يشبع حاجات الفرد” (Bruner, 1975,114).
أنماط التعلم الذاتي:
أنماط التعلم الذاتي متعددة أهمها ما يلي:
1- التعليم المبرمج:
في هذا النوع من التعليم يقوم المتعلم بنفسه باكتساب المعارف والمهارات والاتجاهات والقيم التي يحددها البرنامج من خلال وسائط وتقنيات التعليم ( مواد تعليمية مطبوعة أو مبرمجة على الحاسوب أو على أشرطة صوتية أو مرئية في موضوع معين أو مادة أو جزء من مادة )، وقد عرفه شرام بأنه: نوع من الخبرة التعليمية التي يأخذ فيها مكان المعلم برنامج يقود التلميذ من خلال مجموعة معينة من أنماط السلوك المخطط والمتتابع بحيث يجعل من الأكثر احتمالا أن يسلك هذا التلميذ في المستقبل طريقا معينا مرغوبا فيه، وبمعنى آخر ما قصد أن يعلمه البرنامج عندما وضع، وتتيح هذه البرامج الفرص أمام كل متعلم لأن يسير في دراسته وفقاً لسرعته الذاتية مع توافر تغذية راجعة مستمرة، وتقديم التعزيز المناسب لزيادة الدافعية بدون مساعدة المعلم، حيث يقوم التعليم المبرمج على مبدأ التعلم الذاتي، ويتحمل المتعلم مسؤوليات أساسية في تدريب نفسه، ويكتسب المعارف والمهارات اللازمة لتنمية وتطوير أدائه من خلال قيامه بمجموعة من الخطوات المرتبة بعناية (غباين، 2001). ويستند التعليم المبرمج على مجموعة من المبادئ هي (الطوبجي، 1993):
– تقسيم كل عمل أو مهمة إلى خطوات صغيرة وتحديده في أضيق نطاق ممكن.
– الاستجابة والمشاركة الإيجابية بين المتعلم والموقف التعليمي الذي يحيط به، فعند مواجهة الدارس بسؤال أو بعبارة أو بمثير يجب أن يعطي استجابة إيجابية وإلا فلن ينتقل البرنامج إلى الخطوة التالية.
– المعرفة الفورية بنتيجة الاستجابة والتعزيز قبل الاستمرار في البرنامج، إذ يؤدي معرفة الخطأ والصواب إلى تعزيز الاستجابة الصحيحة، وتأكيد التعلم، وتقليل الزمن الذي يمكن أن يزيد نتيجة لتعلم أشياء خاطئة.
– السير في التعليم حسب قدرة المتعلم الشخصية، ويتيح هذا المبدأ للمتعلم أن ينتقل من خطوة إلى الخطوة التي تليها حسب قدرته، واستعداداته، كما يستمر في متابعة دراسة الموضوع وفق رغبته ويتوقف عن ذلك حينما يريد حتى لا يشعر بالملل، وينعكس على حبه لموضوع الدراسة.
– يعرف الدارس أخطاءه بنفسه، وبذلك يصبح معيار نجاح البرنامج هو سلوك الدارس ومدى تعلمه وتحقيقه لأهدافه، ويسهل ذلك عملية تشخيص الخطأ ووصف العلاج المناسب، كما أن البرنامج لا يقارن الدارس بآخر، ولكنه يعتمد على التقييم الذاتي لأدائه، فلا يشعر الدارس مثلا بالخجل عند مقارنته بغيره من أقرانه.
وظهرت أكثر من طريقة لبرمجة المواد الدراسية ومنها: البرمجة الخطية التي تقوم على تحليل المادة الدراسية إلى أجزاء يدعى كل منها إطارا، وكل إطار يقدم أسئلة، على المتعلم أن يفكر بها ويجيب عليها ثم ينتقل إلى الإطار الذي يليه، حيث يجد الإجابة الصحيحة ثم يتابع، وتتسلسل الأطر في خط مستقيم مرتبطة معا ارتباطا وثيقا بحيث أن مدخلات الإطار الجديد عبارة عن مخرجات الإطار السابق، ومخرجاته عبارة عن مدخلات الإطار الذي يليه، أما بالنسبة للبرمجة المتفرعة فإن الأطر الرئيسة تتصل بأطر فرعية تضم أكثر من فكرة، وعادة يكون السؤال من نمط الاختيار من متعدد، حيث أن المتعلم يختار الإجابة فإذا كانت صحيحة ينتقل إلى الإطار التالي، وإذا كانت الإجابة خاطئة ينتقل إلى الإطار الذي يفسر له الخطأ من بين الأطر الفرعية وبعد مروره في الإطار العلاجي يعود إلى الإطار الرئيسي مرة أخرى (غباين، 2001).
2- التعلم بمساعدة الحاسوب :
تعتبر طريقة التعلم من خلال الحاسوب من الطرق المثلى للتعلم الذاتي، فهو يراعي الفروق الفردية والسرعة الذاتية للمتعلم ويقدم له الإرشاد، ويمتلك قدرات فائقة جدا في توظيف عناصر الصوت والصورة والحركة لا يمتلكها أي جهاز آخر. كما أورد ( العجلوني، 85،2001) نتائج معظم الدراسات التي أجريت لتقييم فاعلية الحاسوب بصفته وسيلة مساعدة في التعليم كما يلي:
– يساعد في رفع مستوى تحصيل الطلبة.
– اختزال الزمن مقارنة بالزمن المستغرق في ظل استخدام الطرق التقليدية.
– يساعد في توضيح المفاهيم للطلبة، وتشخيص نواحي الضعف عندهم وعلاجها من خلال الإمكانات التي يتمتع بها الحاسوب دون غيره من الوسائل التعليمية الأخرى، مثل استخدام الصوت والصورة والحركة والتفاعل القائم بين الطالب والبرنامج الذي ينفذه الحاسوب.
– يساعد الطلبة على تنمية مهارة حل المشكلات، وتنمية التفكير المنطقي لديهم.
– استخدام الحاسوب في تعليم الطلبة الذين يعانون من صعوبات في التعلم له تأثير إيجابي في تحصيلهم واتجاهاتهم نحو التعلم.
– يساعد الطلبة في التدريب والتمرين على إجراء العمليات الحسابية.
ويذكرKenzer, Sherwood & Branford, 1986)) و ((Gunn &Pitt, 2003 و(سلامة وأبو ريا، 2002) ثلاث وظائف تربوية للحاسوب، هي:
التعلم عن الحاسوب (Learning about Computer):
وهنا يتم التركيز على تعليم المهارات الأساسية في استخدام وبرمجة الحاسوب، بالإضافة إلى التعريف بمكونات الحاسوب، ويشتمل التعلم عن الحاسوب ما يعرف ببرامج محو الأمية أو مقرر الثقافة الحاسوبية، ويتضمن هذا البرنامج عادة:
1- التعريف بمكونات الحاسوب: وهو ما يعرف بالوعي الحاسوبي، أو مستوى المبادئ الأساسية، أو مهارات الحاسوب.
2- لغات الحاسوب أو لغات البرمجة: وهذا المستوى يدرس في الجامعات ضمن تخصص ( برمجة الحاسوب)، أو تكنولوجيا المعلومات.
3- عمليات الحاسوب الأساسية: أي كيف يعمل كل جزء منه وهو أيضا من ضمن التخصصات التي تدرس في الجامعات.
التعلم بالحاسوب (Learning with Computer):
وهنا يقوم الحاسوب بدور شريك المتعلم في عملية التعلم، من خلال برامج المحاكاة، وبرامج الألعاب التعليمية، وقد بدأ استخدام برمجيات المحاكاة والألعاب التعليمية في تحسين استيعاب الطلبة للمفاهيم العلمية منذ ظهور التطبيقات التعليمية للحاسوب، وذلك لسهولة تحويل عدد كبير من المواقف العلمية إلى مواقف واقعية، فضلا عن التطور النوعي في تقنيات إظهار الصور وتحريكها، التي أصبحت ممكنة بفضل تقدم صناعة الحاسوب، ففي الألعاب التعليمية يتم عرض المادة العلمية على شكل ألعاب تعمل على تشويق المتعلم، بحيث يحصل المتعلم على التحصيل العلمي والتسلية في الوقت نفسه، وتعرف الألعاب التربوية بأنها نشاط منظم منطقيا في ضوء مجموعة قوانين للعب، حيث يتفاعل طالبان أو أكثر لتحقيق أهداف محددة وواضحة. وتعتمد الألعاب التعليمية في تحقيقها للأهداف على عنصر المنافسة، ويكون ذلك بين فرد ومحك، أو بين مجموعة وأخرى (طوالبة، 1997)، (المناعي، 1995).
وقد لخص (سلامة وأبو ريا، 2002) فوائد الألعاب التعليمية فيما يلي:
تزويد المتعلم بخبرات أقرب إلى الواقع العملي أكثر من أية وسيلة تعليمية أخرى: إذ يتعرف المتعلم إلى المشكلات التي ستواجهه مستقبلا، ثم يضع حلولا لها ثم يتخذ القرارات اللازمة، فالألعاب التعليمية تقلل الهوة بين ما يجري في غرفة الصف وما يجري في الواقع الحياتي.
توفر السلامة والأمن للمتعلم: حيث أن المتعلم قد يتدرب على مواد وأدوات خطرة على حياته إذا ما تم تنفيذها فعلا، بينما في الألعاب التعليمية لا يتعرض الطالب لأية خطورة.
الفائدة الاقتصادية: حيث يتدرب المتعلم على أجهزة غالية الثمن مقارنة بالتدريب على أجهزة مماثلة للشيء الحقيقي من خلال الألعاب التعليمية.
– تساعد في تعليم جميع أنواع التعلم: المعرفية والوجدانية والمهارات الأدائية، حيث تساعد على تكوين اتجاهات إيجابية نحو بعض القضايا التي تطرحها اللعبة.
– تساعد على إشراك المتعلم في عملية التعلم.
– تزيد من شعور المتعلم بأن لديه القدرة على ضبط البيئة، وأن لديه القدرة على التحكم، مما يجعله يبذل جهدا في سبيل دفع اللعبة للوصول إلى النتائج التي يسعى إلى تحقيقها، وهذا يجعل المتعلم يسهم في تدريبه على التخطيط.
– تعطي جوا من المرح والاسترخاء التام والتفاعل، وهذا ما يؤدي إلى زيادة التعلم.
تغير دور المتعلم والمعلم، فالمعلم يصبح الحكم على فعالية سلوك المتعلم وليس مصدرا للمعلومات، أو الملقن، أما المتعلم فيصبح مشاركا نشطا فاعلاً. وحتى يضمن المعلم نجاح اللعبة التعليمية عليه القيام بما يلي ( سلامة وأبو ريا، 2002):
– اختيار الألعاب التي تمتلك صفات جيدة وهي:
– مناسبتها لمستوى المتعلمين.
– أن تمثل اللعبة الواقع قدر الإمكان.
– أن تحقق الأهداف المرجوة منها.
– أن تكون اللعبة جزءا من البرنامج التعليمي.
– أن يدرس اللعبة بدقة وإتقان، لمعرفة قوانينها وأدوار اللاعبين، والتأكيد على النقاط والمفاهيم الهامة فيها.
– تهيئة البيئة التعليمية لإجراءات اللعبة.
– تهيئة أذهان التلاميذ لموضوع اللعبة.
– إتاحة الفرصة للتلاميذ لتنفيذ اللعبة.
– مراقبة التغذية الراجعة بدقة؛ لضمان تحقيق الأهداف.
التقويم النهائي للعبة.
أما في برمجيات المحاكاة فيتم تقليد ظاهرة طبيعية يكون من الصعب توفرها أو ملاحظتها في الظروف الاعتيادية، إما لندرتها، أو لخطورتها، أو لتكلفتها الباهظة مثل: ظواهر الخسوف والكسوف، والتجارب النووية، وحركة قذيفة مدفع، والطيران، ومن فوائد برامج المحاكاة في المجال التعليمي ما يلي (المناعي، 1995):
إثارة اهتمام الطلبة.
التعرف إلى الكثير من المشكلات الحياتية كما هي في الواقع.
إتاحة الفرصة الكافية للمتعلمين لمعالجة متغيرات مختلفة للوصول إلى معرفة العلاقات بين هذه المتغيرات.
التعلم من الحاسوب (Learning from Computer):
وهذا النوع الأكثر استخداماً، حيث يكون الحاسوب مصدرا للمعلومات، أو يقوم بدور المُخْتَبِر(Tester) لقدرة المتعلم. ومن أشهر البرامج المستخدمة في هذا المجال “التعليم الخصوصي، التدريب والممارسة .
ويأخذ من الحاسوب أنماطا مختلفة في تقديم المادة التعليمية هي:
التدريب والممارسة: وفي هذا النمط يقوم المتعلم بالإجابة عن الأسئلة المطروحة المتعلقة بموضوع ما بعد دراسته، وبعدها يتم تقديم تغذية راجعة للمتعلم ويبقى المتعلم يعيد المحاولة حتى الوصول إلى المستوى المطلوب. وتفيد برامج التدريب والممارسة بما يلي (عياصرة، 2003):
– يعطي البرنامج المتعلم الفرصة الكافية للاستجابة بحسب سرعته وقدرته.
– يتكيف البرنامج مع سرعة الطالب وقدرته بحيث يستمر في التدريب، أو يتفرغ لمراجعة المادة، أو يتوقف كما يريد.
التدريس الخصوصي: في هذا النمط يقوم الحاسوب بدور المعلم الخصوصي، حيث يتم استخدام تقنيات عرض الصوت والصورة والحركة والألوان والنص والأفلام في عرض المادة التعليمية من خلال جهاز الحاسوب، بحيث يتم عرض المادة الدراسية على شكل أطر أو شاشات، ليدرسها المتعلم، ثم يجيب عن الأسئلة التي تليها، أو التي تتخللها، وقد تتضمن بعض الأنشطة التقويمية المرتبطة باستجابات محددة، فإذا كانت الاستجابة صحيحة يحصل المتعلم على تعزيز وإلا فيطلب منه العودة إلى أطر علاجية، ثم العودة إلى الأسئلة والنشاطات(عياصرة، 2003).
حل المشكلات: وهنا يتم تدريب المتعلم على مهارة حل المشكلات من خلال الحاسوب، وذلك من خلال نوعين من البرامج: الأول يقوم على مبدأ تحديد المشكلة من قبل المتعلم وتحليلها بصورة منطقية ثم كتابة برنامج بأي لغة مناسبة من لغات الحاسوب لحل تلك المشكلة، حيث يقوم الحاسوب في إجراء المعالجات اللازمة وتزويده بالحل الصحيح. أما في النوع الثاني فيقوم المبرمجون بكتابة البرامج المستخدمة في حل المشكلات، ويترك للطالب معالجة واحد أو أكثر من المتغيرات، ويعني ذلك أنه لا يطلب من المتعلم أن يتعلم مفاهيم جديدة بل يطبق المفاهيم والخبرات السابقة لحل مشكلة تعرض عليه، وبالتالي يكتسب مهارة حل المشكلة (خصاونة، 1998).
الحوار: وهذا النمط يعد الأكثر تطورا وتقدما، فهو يقوم على التفاعل ما بين المتعلم والبرنامج التعليمي المحوسب، حيث يقوم المتعلم بطرح التساؤلات التي تدور في ذهنه، ليقوم البرنامج بالإجابة عن هذه التساؤلات، وما زال هذا البرنامج في طور التجريب، حيث يعتمد أساسا على الذكاء الاصطناعي الذي مازال أيضا في مرحلة التجريب (سعادة والسرطاوي، 2003).
3- التعلم بالحقائب التعليمية: الحقيبة التعليمية برنامج محكم التنظيم تقترح مجموعة من الأنشطة والبدائل التعليمية التي تساعد المتعلم في تحقيق أهداف محددة، معتمدة على مبادئ التعلم الذاتي الذي يمكّن المتعلم من التفاعل مع المادة حسب قدرته باتباع مسار معين في التعلم، ويحتوي هذا البرنامج على مواد تعليمية منظمة ومترابطة مطبوعة أو مصورة أو مسموعة.
وتعتبر الحقائب التعليمية من الاتجاهات الحديثة المستخدمة كوسيلة لتحقيق التعلم الذاتي، فهي تهدف إلى توفير وسيلة تعليمية تخدم المنهاج الدراسي، وتساهم في تطوير العملية التربوية. وقد مرت عملية تطوير الحقائب التعليمية بعدة مراحل يمكن إيجازها كما يلي(غباين،2001):
– المرحلة الأولى: صناديق الاستكشاف ( Discovery Box’s ): وهي صناديق تتضمن مواد تعليمية مخصصة لموضوع محدد أو فكرة تتمركز جميع محتويات الصندوق حولها، وتحتوي على كتيب تعليمات، وخرائط تحليلية تبين أسهل الطرق المتبعة لتحقيق الأهداف المنشودة.
– المرحلة الثانية: وحدات التقابل ( Match Units ): وهي صناديق تحتوي على مواد تعليمية متنوعة ومتعددة الأهداف مثل: الصور والأفلام الثابتة والمتحركة والأشرطة السمعية، والألعاب التربوية المسلية، .. الخ .
– المرحلة الثالثة- الحقائب التعليمية ( Instructional Packages ): وهي نظام متكامل للتعلم الذاتي، يتم التركيز فيه على المتعلم، مع مراعاة الفروق الفردية، والأهداف فيها محددة سلوكيا، وتشتمل على ثلاث أنواع من الاختبارات (مدخلي، بنائي، نهائي)، وتحتوي أيضا على العديد من الوسائل والأنشطة والبدائل، بحيث يختار منها الطالب ما يناسب ميوله ورغباته، و تكمن أهمية الحقيبة التعليمية في أنها تمكن المتعلم من الممارسة العملية للخبرات والمهارات المسموعة والمرئية والحسية المناسبة، كما أنها تمكنه من الحصول على المعلومات واكتسابها، وتفسح المجال للملاحظة والتدقيق والتعامل مع المواد بشكل مباشر إلى الدرجة التي تمكنه من تحقيق الأهداف المطلوبة. ويمكن إجمال الفوائد التربوية للحقائب التعليمية بما يلي (قطامي و حمدي، 2002) :
– تفسح المجال أمام المتعلمين لاختيار الأنشطة المختلفة التي ينبغي القيام بها بحرية.
– تتيح الفرصة لإيجاد نوع من التفاعل النشط بين المعلم والمتعلم.
– تساعد على تحقيق أهداف التعلم المحددة مسبقا والمخطط لها بعناية.
– تشجع على تنمية صفتي تحمل المسؤولية واتخاذ القرار لدى المتعلمين .
– يجد فيها المتعلم مجالا للتسلية والخبرة التربوية النافعة.
4- برامج الوحدات المصغرة: تتكون هذه البرامج من وحدات محددة ومنظمة بشكل متسلسل، بحيث تعطي المتعلم الحرية في التعلم حسب سرعته الذاتية، فيتم تقسيم المحتوى إلى وحدات صغيرة، لكل وحدة أهدافها السلوكية المحددة. ولتحديد نقطة الانطلاق المناسبة للتعلم يتم اجتياز اختبار مدخلي يتضمن معلومات مرتبطة بالتعلم الحالي، وبعد الانتهاء من تعلم الوحدة يجتاز المتعلم اختبارا تقويميا عليه اجتيازه بنجاح للانتقال إلى الوحدة التالية، أو يعيد تعلم الوحدة مرة أخرى حتى يتقنها .
5- التعلم للإتقان: وهو مجموعة من الأفكار، والممارسات والإجراءات التعليمية المتعددة التي تهدف إلى تحسين التعليم المقدم إلى الطلبة، حتى يصل جميعهم، أو معظمهم إلى مستوى إتقان المادة التعليمية بمعيار محدد، ويرى بلوم أن طريقة التعلم للإتقان تقوم على الفكرة القائلة: إن من يتعلم أية مهمة أو موضوع ما، ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار تحليل المهمة إلى أهداف واضحة محددة، وإتاحة الوقت الكافي للطالب لتحقيق تلك الأهداف (اليونسكو،2002، 123). ويقوم التعلم للإتقان على مبادئ أهمها (غباين، 2001):
– تفاوت فترة التعلم وفقا لمعدل تعلم الطالب.
– يمكن لجميع الطلبة أن يتعلموا بالتساوي، إذا أتيح لهم الوقت الكافي للتعلم.
– يتضمن ثلاثة أنواع من التقويم (تشخيصي، بنائي، نهائي) تشكل نسيج العملية التعليمية وجوهرها.
وهذا النوع من التعلم يسير حسب ثلاث مراحل أساسية هي (اليونسكو، 2002، 123)، (الطوبجي، 1993) :
1- مرحلة الإعداد: في هذه المرحلة يتم تقسيم المحتوى إلى وحدات صغيرة، ويتم تحديد الأهداف السلوكية لكل وحدة وإعداد دليل المتعلم الذي يساعده في دراسته للوحدة مع نماذج مختلفة للاختبار النهائي، إضافة إلى اختبارات قبلية لتحديد نقطة البداية في عملية التعلم.
2- مرحلة التعلم الفعلي: في هذه المرحلة تتم الدراسة الفعلية للوحدة وعلى الطالب أن يتقن الوحدة اتقانا تاما، ولا يتم الانتقال إلى الوحدة التالية إلا بعد إتقان الوحدة السابقة.
3- مرحلة التحقق من إتقان التعلم: تهدف هذه المرحلة إلى التأكد من تحقيق كافة الأهداف المحددة مسبقا لكل وحدة دراسية، وبمحك إتقان محدد مسبقا، وتشمل التقويم الختامي لكل وحدة دراسية، والتقويم البنائي حيث يتم تصحيح الاختبار بشكل فوري، ويتم إعلام المتعلم بنتائج الأداء، وينتقل المتعلم إلى الوحدة التالية، إذا اجتاز الاختبار بنجاح حتى ينتهي من دراسة كافة الوحدات الدراسية، وتتضمن هذه المرحلة أيضا تقديم العلاج إلى المتعلم الذي أخفق في الاختبار النهائي للوحدة، إما بإعادة دراسة الوحدة مرة أخرى، أو بتزويد المتعلم بمعلومات بديلة كمشاهدة أفلام تعليمية، أو محاضرات معينة، كما تتضمن تقويما ختاميا لجميع وحدات المقرر وتزويد المتعلمين بنتائجهم بشكل فوري.