جامعة كربلاء كلية التربية للعلوم الانسانية
كلية الترية للعلوم الانسانية
أ.م.د يحيى عبيد ردام الطائي
مقال عن مراحل التعلم المستند إلى الدماغ
استمر التقدم المعرفي حتى مطلع العقد الأخير من القرن العشرين ، العقد الذي أعلن عنه ((عقد الدماغ)) وهذا العقد كان ثورة ولكن في علم آخر هو (علم الأعصاب) الذي لا توجد بينه وبين علم النفس لغة مشتركة ، وعلماء الأعصاب أعلنوا عن امتلاك تكتيكات مكنتهم من اكتساب الكثير من مجاهل الدماغ ، فيرون ما يحدث فيه رؤى العين ويسجلون الملاحظات الموضوعية ، ويعلنون عن نواتج أبحاثهم ويتبادلونها ضمن دوائر علم الأعصاب والعلوم الطبية والبايولوجية والفسيولوجية ذات العلاقة ، ولم يدر بخلد أي منهم التطبيقات التربوية الخاصة بأبحاثهم ، إلا ان علماء النفس استفادوا مما يدور في دوائر علم الأعصاب ، حيث حققوا حلمهم في التجول داخل الدماغ وهو يؤدي وظائفه بعد أن أصبح ذلك ممكناً في أثناء قيام الفرد بالرؤية والسمع والشم والذوق واللمس والقراءة وحل المشكلات ، وهذا يعني أمكانية مشاهدة أثار العملية المعرفية في الدماغ على شكل ألوان أو أضواء أو تدفق سيلان الدم ، فبدأت ثنائية ((العصبي المعرفي)) بالظهور ، وتم الاستفادة من هذه المعلومات المذهلة عن الدماغ من تجويد عمليتي التعليم والتعلم ، على أمل أن يصبح المتعلم أكثر قدرة على مواجهة متطلبات الألفية الثالثة ، ثم جاء ميلاد نظرية التعلم المستند إلى الدماغ
(Brain – Based Learning Theory) ومن أمثال العلماء البارزين في هذا المجال كين وكين وجنسن وسوسا وسيلوستر وولف وغيرهم . (الريماوي وآخرون ، 2006 : 119)
وقد كان ليسل هارت (Leslie hart) من أوائل من كتب حول الدماغ من وجهة نظر تربوية ، إذ ابتكر مصطلح متناغم مع الدماغ (Brain compatible) ليدل على التعليم المصمم لتكييف المواقف المدرسية والتدريس مع طبيعة الدماغ وذلك أفضل بكثير من محاولة إجبار الدماغ على الخضوع لترتيبات صممت مسبقاً من دون أي مراعاة لهذا العضو وكيفية أدائه بنحو أفضل . ((Frank , 2001: 48
إن أبحاث الدماغ لا تدعي أن النماذج والأساليب والطرائق التربوية القديمة كانت خاطئة ولكن تظهر أن تلك الطرائق ليست متناغمة مع الدماغ ولا هي الطريقة الفضلى لكيفية تعلم الدماغ ، ومن الضروري عند التعلم الإقرار بمبادئ واسس الدماغ من أجل تحقيق التعلم ذي المعنى وتنظيم التعليم تبعاً لتلك المبادئ الموجودة في الدماغ ، ويركز هذا النوع من التعلم بنحو كبير على المعلم ليكون مسهلاً رئيساً للتعلم ولكي يصبح المعلمون مسهلين حقيقيين فهم بحاجة ماسة للمعرفة بالدماغ .(السلطي ، 2009 :27)
ويحدث هذا النوع من التعلم وفق خمس مراحل كما في الآتي :
المرحلة الأولى : الإعداد : تشتمل هذه المرحلة على فكرة عامة عن الموضوع وتصور ذهني للمواضيع ذات الصلة ، وكلما كان لدى المتعلم خلفية أكثر عن الموضوع كان أسرع في تمثيل المعلومات الجديدة ومعالجتها. (عفانة والجيش،2009 :111-114)
المرحلة الثانية : الاكتساب (الاندماج المنظم):تؤكد هذه المرحلة على أهمية تشكيل ترابطات عصبية نتيجة الخبرات الأصيلة والمترابطة ، وكلما كانت المدخلات مترابطة كانت الترابطات العصبية أقوى وأكثر ، فإذا كانت المدخلات مألوفة فستقوى الترابطات المثارة وينتج التعلم ، وتتطلب هذه الخطوة ابتكار بيئات تعليمية تساعد المتعلمين في الانغماس الكامل في الخبرات التربوية و الاندماج و التكيف معها بحيث يوفر المعلم الفرصة للمتعلمين من اجل التفاعل مع الموضوع المطروح بنحو منظم ، ومن مصادر الاكتساب :(المنافسة والمحاضرة وأدوات بصرية ومثيرات بيئية وخبرات متنوعة ولعب الدور والقراءة والفيديو والمشاريع الجماعية) ، وتؤكد هذه المرحلة على الخبرة القبلية .
المرحلة الثالثة : التفصيل (الإسهاب) : تكشف هذه المرحلة عن ترابط المواضيع وتدعّم تعميق الفهم وتحتاج إلى إدماج الطلاب في الأنشطة الصفية من أجل فهم أعمق وتغذية راجعة مع إستراتيجيات صريحة وضمنية ، والتصحيح والتعديل المتواصل هي طريقة مهمة في التعلم . ومن الأساليب المتبعة في هذه المرحلة : أشرطة الفيديو ، تدقيق الرفاق، مفاتيح الإجابة ، وجميعها توفر تغذية راجعة ذات قيمة للمتعلم .
المرحلة الرابعة : تكوين الذاكرة : تهدف هذه المرحلة إلى تقوية التعلم واسترجاع المعلومات بنحو أفضل من خلال الراحة الكافية والحدة الانفعالية والسياق والتغذية الراجعة وحالات التعلم والتعلم القبلي . مما يساعد على عمق المعالجة الدماغية والتعلم الأفضل .
المرحلة الخامسة : التكامل الوظيفي : يتم في هذه المرحلة استخدام التعلم الجديد بهدف تعزيزه لاحقاً والتوسع فيه ، ويتم تطوير الشبكات العصبية الموسعة أو الممتدة من خلال تكوين ترابطات وتطوير ترابطات صحيحة وتقوية الترابطات .