مِصر بين دروس الأمس وضغوط اليوم …
 
 
م.م. إسراء محمد علي عبدالكريم كسَّاب
جامعة كربلاء- كلية التربية للعلوم الإنسانية .
 
في الوقت الذي تواجه فيه مصراليوم  ضغوطا سياسية ودولية كبيرة  ، لاسيما من قبل دولة عظمى متمثلة بأمريكا ورئيسها دونالد ترمب الذي يحاول جاهدا تنفيذ هدفه الرامي الى تهجير سكان غزة نحو مصر وغيرها من الدول كالأردن …،فإن لمصر تأريخ زاخر في مجابهة القوى الصهيونية ومطامعها التوسعية , فضلا عن الجرح العربي الكبير الذي لازال حيا في قلوب العرب ودرسا راسخا في عقولهم ، متمثلا في نكبة حزيران لعام 1967.
حيث يعُـد الكيان الصهيوني القاعدة المتقدمة للمصالح الإمبريالية الرأسمالية ، في حين التقت  المصالح العربية في مصر وسوريا والعراق ودول عربية أخرى في ستينيات القرن العشرين مع الاتحاد السوفييتي و بحكم تقاطعها مع المعسكر الغربي ولاسيما مع الولايات المتحدة، على الرغم من أن الاتحاد السوفيتي لم يلقِ بكامل ثقله مع تلك الدولة بسبب  تشعب استراتيجيات الاتحاد السوفييتي  لتشمل مختلف جهات العالم بكونها الدولة العظمى الثانية ،وعدم جدية بعض الرؤساء العرب في معاداة (إسرائيل) أو إجبارها على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه  ، كما أن ما تم ذكره هو مظهر لأمرين بارزين مهمين الأول إن الصراع العربي -(الإسرائيلي) مظهر من مظاهر الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي الغربي و الشرقي الاشتراكي ، والأمر الثاني أن حرب الأيام الستة هي ذروة الصراع العربي-(الإسرائيلي)  وصفحة ساخنة منه .
حيث نشأ الصراع العربي -(الإسرائيلي) مع بداية أطماع اليهود الصهاينة في الأرض العربية في فلسطين في القرن التاسع عشر مع ظهور فكرة الوطن القومي لليهود في فلسطين ومن بعده أحداث تاريخية هامة جداً في مسيرة السعي الحثيث لتحقيق هذا الهدف منها المؤتمر الصهيوني الأول في بازل في سويسرا عام 1897 الذي يعد أوضح علامة بارزة في تلك المسيرة ، ووعد بلفور1917 والانتداب البريطاني على فلسطين ، والحرب العربية الصهيونية 1936، 1948والعدوان الثلاثي على مصر 1956 مرورا بحرب الأيام الستة ( نكسة حزيران)( ).
إذ اندلعت حرب حزيران (يونيو)1967نتيجة الاعتداءات(الإسرائيلية) المتكررة على الأراضي العربية لاسيما في سوريا والأردن فضلا عن زيادة تحشيداتها العسكرية على الحدود مع مصر وما رافق ذلك من حرب إعلامية ظالمة وتصريحات غير مسؤولة من بعض الأطراف العربية ، التي ربما دفعت إليها دفعاً أو أنها مجتزأة من أحاديث طويلة من قبيل “سنرمي إسرائيل في البحر” ،  التي ربما فبركت على لسان الرئيس العربي جمال عبد الناصر ، أو أنها قيلت في ظرف غير مسؤول ، من أجل تبرير العدوان الإسرائيلي على البلاد العربية، أو لتغطية الإيديولوجية الإسرائيلية الرامية لاحتلال المزيد من الأرض العربية من أجل الوصول إلى (إسرائيل) الكبرى ، أو من أجل الحصول على المزيد من الأسلحة من الدوائرالمؤيدة لقيامها .
 حصلت (إسرائيل) منذ بداية عام 1966على شحنات كبيرة من الأسلحة ، كان الهدف منها استخدامها في صراعها مع الدول العربية لتدمير قواتها المسلحة وبالتالي إضعاف دورها في الدفاع عن فلسطين، وأبان هذه المدة جرى توقيع اتفاق(تفاهم) عسكري ثنائي بين مصر وسوريا في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) 1966 ، كما حدث اجتماع بين مصر والعراق في الحادي والعشرين من أيار(مايو) 1967، نتج عنه انضمام العراق لهذا التفاهم ، وفعلاً دفع العراق بقواته إلى الجبهة الأردنية ما أن أعلن العدوان في الخامس من حزيران(يونيو) 1967.
جاءت الحملة العسكرية(الإسرائيلية)المكثفة المتضمنة قصف بالمدفعية والطائرات والدبابات فأصابت عدداً من القرى السورية وست طائرات سورية أخرى ، رداً على قيام جنديين سوريين بإطلاق النار على الوحدة الإسرائيلية بعد أن قامت إسرائيل باختلاق الذرائع على الجبهة السورية إذ أرسلت وحدات صغيرة من جيشها إلى داخل الأراضي السورية المسماة بـ”المناطق المتنازع عليها”، من أجل تسوية التعاريج في الحدود بين الطرفين بعد حرب 1948، ولتحقيق العمق الاستراتيجي الضروري لأمنها، واستيعاب معظم اليهود داخل كيانها لذلك رأت ضرورة ضم أراضي من سيناء تقع على مدخل خليج العقبة وأراضي أخرى على امتداد نهر الأردن وغيرها في المرتفعات السورية .
شعرت سوريا بالقلق بعد الاعتداءات (الإسرائيلية) المتكررة عليها منذ شهري أيار(مايو) وتموز (يوليو) من العام 1966مرورا بالاعتداء الذي حصل في السابع من نيسان(أبريل)عام 1967وتأكيدها بشن هجوم عسكري شامل على سوريا وقلب نظام الحكم فيها.
في مطلع أيار من العام ذاته بحث مندوبو الحكومتين السورية والمصرية الاعتداءات العسكرية (الإسرائيلية) بعد زيارة وفد عسكري مصري إلى دمشق برئاسة الفريق محمود صدقي قائد سلاح الطيران من اجل تنسيق الدفاع الجوي بين البلدين .
ثم قام الرئيس جمال عبد الناصر بإجراء احترازي تمثل بحشد القوات المصرية في الثالث من أيار 1967 على حدود سيناء مع (إسرائيل) وصل تعدادها 000,85 ألف جندي وطالب يوثانت، (الأمين العام للأمم المتحدة ) بانسحاب قوة الطوارئ الدولية من سيناء، فضلا عن قيامه بإغلاق مضايق تيران في وجه الملاحة(الإسرائيلية) وتوقيع معاهدة دفاعية بين مصر والأردن في الثلاثين من أيار عام 1967أسفرت عن دخول الأردن إلى التحالف السوري المصري.
رأت إسرائيل أن الإجراءات المصرية السالفة الذكر إنما هي إعلان للحرب وهي متوافقة تماماً مع أيديولوجيتها بأنها هي التي تعتدي وتشن الحرب، وهي أول من يشتكي !، فشنت هجوماً في الساعة الثامنة وخمس وأربعين دقيقة صباح يوم الخامس من حزيران1967حيث كانت المعارك تدور على ثلاث جبهات رئيسية هي الجبهة المصرية والجبهة السورية والجبهة الأردنية بمعارك برية وجوية.
تمكنت القوات الإسرائيلية من احتلال الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية واحتلال قطاع غزة ، وصحراء سيناء ومرتفعات الجولان ومضايق تيران الإستراتيجية ومناطق معينة من جنوب لبنان، بعد شنها غارة جوية أسهمت فيها 492 طائرة غارت في ثلاث طلعات على الجبهات الثلاث كافة .

شارك هذا الموضوع: