نظريات التدريس.
إن عملية التدريس موجودة منذ القدم، وستظل طالما إن هناك قديم وحديث، وكبير وصغير، وطالما إن هناك إفرادا أكثر خبرة وآخرين اقل خبرة يحتاجون إلى توجيه وإرشاد فستظل الحاجة إلى التدريس قائمة، وهو ألان ليس مقصورا على المعلمين، فهناك قدر كبير من التدريس يتم خارج فصول الدراسة، فالتدريس هو أحد الوسائل التي تعمل على تحقيق التواصل الحضاري للجنس البشري عن طريق نقل الخبرات والمهارات والأفكار إلى الأجيال القادمة، ويمكن النظر إلى التدريس من عدة وجوه منها:
التدريس كتجربة إنسانية.
التدريس تجربة متكررة ومتنوعة لدراسة النفس البشرية والمجتمع ومعرفة قدراتها وتأثيرها المتبادل، فالتدريس ليس نوعا من العطاء فحسب يعطي فيه المدرس المتعلم بعض حصيلته من الذكاء والمهارة والخبرة التي تسهم تطوير قدرات المتعلم، بل هو نوع من التبادل العقلي بين الطرفين يستفيد كلاهما من هذا اللقاء العقلي فائدة تصقل الذكاء وتنمي الشخصية.
فالمدرس عندما يعاون المتعلم على اكتساب الخبرة ما قد يعاني من اختلاف قدرات المتعلمين وكثرتهم ومشاكلهم فقد يجد المدرس أحيانا عزوفا عن علمه وزهدا في جهوده مما يضطره إلى مراجعة نفسه واكتشاف أسباب ذلك العزوف هل سبب ذلك صعوبة المادة الدراسية أو الطريقة التي يعتمدها المدرس في إيصال المعلومة لطلابه أو شخصيته ومعاملته للمتعلمين أو نتيجة لرأي المجتمع فيما يجب تعليمه للمتعلمين في تلك المرحلة أو غير ذلك من الأسباب، لذلك على المدرس أجراء تقويم لعمله بين الحين والأخر.
التدريس كنظام متكامل.
أما إذا نظرنا إلى التدريس كنظام متكامل نجد انه يتكون من عدة عناصر أساسية منها:
العنصر الأول هو مدخلات التدريس وهي تشتمل على خصائص المعلم النفسية والاجتماعية، وطريقة إعداده وتدريبه وفلسفة التربوية التي يتبناها، فضلا عن خصائص المتعلم جنسه، خلفيته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، إما المناهج المدرسي وما يمثله من وثائق المناهج، الكتب المدرسية، أدلة الطلاب والمعلمين، إما الجزء الأخير فيه فهو يتمثل في بيئة التعلم من ألأثاث المدرسي وتجهيزات الدراسية تكنولوجيا التعليم المستخدمة في عملية التعليم.
والعنصر الثاني هو عملية التدريس وهي تتمثل في دقة الأهداف التربوية التي تسعى المؤسسة إلى تحقيقها فضلا عن جودة المحتوى الدراسي مواكبة لتطورات العصر واستخدام طرائق التدريسية التي تتلائم مع قدرات الطلبة واعتماد أساليب التقويم حديثة.
إما العنصر الثالث فهو مخرجات عملية التدريس وهي تتمثل في التغيرات المطلوب إحداثها في شخصية المتعلم في الجوانب المعرفية والمهارية والانفعالية والوجدانية.
التدريس كعملية اتصال.
أما إذا نظرنا إلى التدريس على انه عملية اتصال نجد انه يتكون من المرسل (المعلم) وهو غالبا هو من يبدأ عملية الاتصال، وأحيانا يتحول من وضع الإرسال للمعلومات إلى الاستقبال حين يستمع إلى طلابه أو يتعرف على وجهات نظرهم.
ويتأثر المدرس من وضعه كمرسل للمعلومات بعدد من العوامل التي تؤثر في فاعلية عملية الاتصال ومن هذه العوامل اتجاهات المدرس ونحو المادة الدراسية ونحو طلابه، فإذا كانت هذه الاتجاهات ايجابية وذات فاعلية أصبحت عملية الاتصال فاعلة وجيدة والعكس بالعكس أيضا يؤثر بالسلب على فاعلية الاتصال.
المستقبل(المتعلم) إما الطالب فهو يمثل المستقبل للمعلومة، وأحيانا يتحول من وضع الاستقبال لها إلى المرسل حين يبدي رأيه أو يسال معلمه عن بعض المسائل…. الخ.
ويتأثر الطالب من وضعه كمستقبل بعدد من العوامل التي تؤثر في فاعلية عملية الاتصال متمثله في اتجاهات الطالب نحو المادة الدراسية ونحو معلمه ومستوى الطالب العلمي والثقافي والاجتماعي فإذا كانت هذه الاتجاهات ايجابية زادت فاعلية عملية الاتصال.
الرسالة (المادة العلمية) إما الرسالة التي يقدمها المدرس فقد تكون شفهية أو مكتوبة، والرسالة في الموقف التعليمي هي محتوى المادة الدراسية والذي قد يكون ذا طبيعة معرفية أو مهارية أو وجدانية أو هما معا وينبغي إن تكون هذه الرسالة مناسبة لإمكانيات المتعلم وتلبي حاجاته ورغباته واهتماماته.
وسيلة الاتصال (الطريقة التدريسية) وهذه الوسيلة قد تكون سمعية أو بصرية أو هما معا أو وسائل أخرى يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف المرغوبة، وتوثر بالضرورة هذه الوسيلة على فاعلية الاتصال.
التدريس كعلم وفن.
إن التدريس لم يعد مهنة من لا مهنة له ولم يعد مهنة روتينية يومية يتخذها البعض لسد حاجات مادية معينة كما يدعي البعض بل أصبحت علماً وفناً في إن واحد، ويرجع السبب في اعتبار التدريس علماً وفناً إلى القرنين الثامن والتاسع عشر عندما أدخلت التربية عموما والتدريس خصوصا تعديلات جذرية نتيجة لاعتبارين أساسيين الأول فلسفي وأنساني يقوم على إن الطفل مخلوق ذو حقوق وقيم يجب إن يستعمل معه الأسلوب التعليمي الذي يعمل على تنمية شخصيته الإنسانية المتكاملة ويراعي قيمة الخلقية.
والثاني نفسي حيث يجب تقويم عملية التعليم وما تحتوي عليه من عوامل وأنشطة متنوعة من مدى تأثيرها النفسي على سلوك المتعلم وشخصيته، ومدى ملائمتها لقدراته وصلتها باهتماماته وحياته.
لذلك أصبحت التربية الحديثة تتبنى هذا الفلسفة لكونها يحقق غايات التربية وأهدافها فالتدريس كعلم وفن يتصف بالعديد من الخصائص منها:
  1. إن المدرس يقوم بعمله وفق أسس علمية اكتسبها خلال فترة إعداده مهنيا وأكاديميا في المعاهد والكليات.
  2. إن التدريس أصبح نظاما يتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات لكل منها طبيعة ووظيفة محددة.
  3. إن مهمة التدريس أصبحت لا تتوقف على إعطاء معلومات للمتعلم خلال فترة محددة، بل تعدتها إلى بحث تأثير متغيرات تعليمية على أخرى.
وينظر إلى التدريس بانه فن حيث يظهر المدرس من خلاله قدراته الابداعية والجمالية واللغوية والتعامل الإنساني فهناك على سبيل المثال معلم يمتاز بقدرته الفائقة على ابتكار النماذج والكتابة والرسم وهناك أخر يمتاز بقدرته اللغوية فتراه متحدثا لبقاً يجذب من حوله من المتعلمين أو المستمعين ,وهناك من يمتاز بشخصيته المحببة لمعاملته الإنسانية المتميزة داخل الصف أو خارجه.

شارك هذا الموضوع: