مقال بعنوان نظريات الهجرة حول الاصول الأرمنية للتكوين العرقي
اعداد : سلام فاضل حسون-زبيدة احمد ناجي
دكتوراه تاريخ حديث ومعاصر
المقدمة
تعد قضية الأصول العرقية للأرمن موضوعًا مثيرًا للجدل في الدراسات التاريخية والأنثروبولوجية، حيث طرحت العديد من النظريات حول أصولهم وهجراتهم عبر العصور. تركز هذه النظريات على الأدلة اللغوية، الأثرية، والجينية، مما يساعد في تتبع مسارات تحركات الأرمن وتفاعلهم مع الحضارات المجاورة. يناقش هذا المقال أهم نظريات الهجرة التي ساهمت في تشكيل الهوية العرقية للأرمن وعلاقتها بالتكوين العرقي للشعوب المجاورة.
خلص جميع العلماء الأرمن البارزين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين إلى أن الهجرات الجماعية الأرمنية قد حدثت من الموطن الأصلي للهنود الأوروبيين إلى المرتفعات الأرمنية عبر البلقان ومنطقة بحر إيجه في منتصف الألف الثاني قبل الميلاد، لقد اعتقدوا أن الأورارتيين The Urartians ، وهم مجموعة عرقية تسكن المرتفعات الأرمنية، ليسوا أرمناً, كان الأرمن الأوائل من الهندو أوروبيين الذين من الممكن أن يظهروا في المرتفعات الأرمنية في موعد لا يتجاوز القرن الثاني عشر ولا يتجاوز القرن السادس قبل الميلاد و قد برزت تفسيرات مختلفة لنظرية الهجرة ومع ذلك اعتقد الجميع أن القبائل المهاجرة حملت لغة هندية أوروبية، لغة أرمنية أولية، إلى المرتفعات الأرمنية وأن المتحدثين الهندو-أوروبيين اندمجوا مع القبائل الأصلية التي تعيش بالفعل في المنطقة ، و بعد اختفاء الإمبراطورية الآشورية والمملكة الأورارتية، تطور الشعب الأرمني من هذه الاندماجات.
نظرية سورين يريميان Surin Yirimyan حول أصول الأرمن .
أكد سورين ييرميان أن الاتحاد القبلي لهاياسا-عزي(حوالي 1500-1200 قبل الميلاد)، والذي كان يقع في الجزء العلوي من مجرى نهر الفرات في منطقة أرزينجان وأرضروم الحديثة هو أقدم مكون عرقي للشعب الأرمني و اساس تكوينه العرقي المسمى(اريمي) او (ارمينز) و الذين نقلوا اللغة الأرمنية البدائية من البلقان إلى الهضبة الأرمنية ، و مع الهجرات العرقية العامة في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، نزل الأريمي مع جيرانهم إلى وادي الفرات العلوي ونهر أرسانياس و اندمجوا مع السكان الأصليين في جبال ساسون ومدينة موش، وشكلوا “دولة” أورمي في المنطقة الممتدة من شمال طوروس إلى نتوءات طوروس الأرمنية بالقرب من منابع نهر دجلة، بما في ذلك وادي الفرات الأعلى، حيث تشكلت نواة الدولة الأرمنية المستقبلية والشعب الأرمني.
نظرية إيغور دياكونوف Igor Diakonoffحول الأصول الأرمنية
أشار ايغور دياكونوف إلى أن المجموعة اللغوية التراكو-فريجية لم تكن المكون الوحيد للشعب الأرمني، فبحلول نهاية القرن الثالث عشر، كان هناك عدد من قبائل الهورو-أورارت في المرتفعات الأرمنية مختلطة مع اللوفيين في وادي الفرات العلوي ، و بدأ المجتمع الطبقي في الظهور في بعض الأماكن، بالإضافة إلى تشكيلات الدولة الارمنية الأولى، و بحسب النظرية ، فإن المعلومات القليله حول المرتفعات الأرمنية في الألفية الثالثة قبل الميلاد قد ساهمت في عدم تحديد موقعها الدقيق، الا انها و بشكل هام تنتمي إلى منطقة ثقافة كور-أراكسيس في منطقة ما وراء القوقاز.
تعرضت النظريات السابقة إلى النقد الشديد من قبل المؤرخين الارمن المعاصرين ، و الذين بدورهم اكدوا أن الأرمن هم السكان الأصليون للهضبة الأرمنية و الذين كانوا موجودين هناك منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد على أبعد تقدير والألفية السادسة قبل الميلاد على أقرب تقدير حيث كان لدى الأرمن شكل من أشكال تنظيم الدولة منذ القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد، وهو ما يشير إلى أن الشعب الأرمني كان من أقدم الشعوب على وجه الأرض.
الخاتمة
في الختام، تعد نظريات الهجرة المتعلقة بالأصول الأرمنية عاملاً رئيسيًا في فهم تاريخ هذه المجموعة العرقية ودورها في تشكيل التكوين السكاني للمنطقة. ورغم اختلاف وجهات النظر حول نشأتهم الأصلية، إلا أن الأدلة التاريخية والجينية تشير إلى ماضٍ غني بالتنقل والتفاعل مع الثقافات المختلفة. يبقى البحث مستمرًا لفهم أعمق لأصول الأرمن ودورهم في تطور الحضارات القديمة.