مناهج نقدية حديثة ( دكتوراه أدب ) أ.د. فاروق محمود الحبوبي
المنهج التاريخي ( Historical Method)
عرفنا ان المنهج ( the Method ) : طريقة يصل بها إنسان الى حقيقة .
وأما منهج البحث الادبي – مهما كان نوعه – فهو الطريقة التي يسير عليها الباحث في التماس حقيقة لأثر من الآثار أو لظاهرة أدبية تتكيء على جانب معرفي معّين .
والمنهج التاريخي ( Historical method ) تتميز مؤلفاته بأن يهتم مؤلفوها بذكر أسماء المبدعين مع شيء من تواريخ حياتهم , والعوامل المؤثرة في نتاجاتهم , مع الإشارة الى الجيّد منها , مع بعض الروايات التي شملتهم بالنقد .
وللتاريخية معنيان : اولهما عام ؛ والثاني خاص , فالعام يعني : علاقة الفرد بالتطور البشري .
وأما الخاص : فهو إرتباط الحدث بالزمن , وفي هذا وذاك إنما يعني دراسة النص في إطاره الزمني , وهذا يعني رصد تطور الظاهرة الادبية من عصر الى عصر .
فلا بد من الاستعانة بتاريخ العصر ونُظُمِه السائدة لآستجلاء النص وما وراء حروفه ؛ من : وقائع ؛ وأحداث ؛ وأعلام ؛ ومصطلحات ؛ ودلالات .
فالتاريخ مادة للنقد وليس العكس .
وهذا المنهج يهتم بتفسير الظواهر الادبية والمؤلفات وشخصيات الأدباء , وهذا يتطلب معرفة واسعة بالظروف السابقة واللاحقة ؛ للوصول الى مهمة التأثر والتأثير , ومسايرة الخط النقدي التطوري لدى ذلك الأديب ومن جاء بعده , وبغية الحكم على الأديب يتطلب الأمر دراسة جميع انتاجه ليكون الحكم أقرب الى اصواب والعدالة والشمولية , وقد ذكر الدكتور محمد مندور أهمية هذا المنهج وضرورة رعايته والاهتمام به وَ : (( بأنه من الأسس العامة لكل نقد صحيح )) .
ومادامَ الأدبُ نتاجَ بيئة في زمن معين , وصورةً لنفسية الأمةِ ومصوراً فنياً لِما يموج فيها من تيارات ؛ فلا بّد من التزوّد المعرفي التاريخي الشديد الصلة بالأحداث السياسية والاجتماعية والثقافية في إطارها الأدبي .
وهنا تتبلور أمام الناقد التاريخي نظرة الى الأدب من خلال الصلات التي تربطه ببيئته , لا الاستقلالية الذاتية المفردة , فيجر في مدارك التأثر بها والأخذ منها لكي يطلق حكمه من خلال الارتكاز على روح العصر .
وإن عملية الوصول الى الفهم الصحيح للنص ؛ إنما هي من مهمات الناقد الذي يدرس العلاقة الحميمة بين الأحداث التاريخية للمجتمع من جهة ؛ وبين المبدع المُرسل من جهة أخرى .