الحرية الاقتصادية وتوازن السوق الإسلامية
كان من أولى أركان توازن السوق هو تمتع أفراد الدولة الإسلامية بممارسة الحرية الاقتصادية بصورة عامة في نشاطاتهم المختلفة ،وترك الأفراد يتصرفون في أوجه التصرفات المباحة العادلة دون قيد او شرط من قبل الدولة، وبذلك أصبحت السوق الاسلامية سوقاً تنافسيةً حرة في عصر الرسول (صلى الله عليه وآله) بصورة تامة، وفي العصر الراشدي بصورة نسبية،فحرية التبادل التجاري وحرية الدخول والخروج من الأسواق ،لم تكن مسألة تعدد أوجه الأنشطة الاقتصادية من زراعة أو تجارة أو حرفة اوعقد مضاربة أو شركة وغيرها فقط ،بل كان هنالك صور عدة تشمل التعامل مع غير المسلمين داخل المدينة المنورة وخارجها،بل حتى مع ألد أعداء الإسلام يهود المدينة المنورة وقريش،وكانت الحرية الإقتصادية في العصر الراشدي مبدأً معمولاً به أسواق المسلمين .
وكان أثر سياسة الدولة لتوازن السوق هو تدخلها لحفظ ضمان استمراية إقامة الحرية الاقتصادية ،وذلك بالعمل على مبدأ لا ضرر ولا ضرار والاستعلام عن احوال الاسواق وتوجيه الاقتصاد فيهـا،بالاستعلام والرقابة من حيث التوقيت ومن حيث الجهـة التي تتولاهـا،ومن حيث طبيعتهـا،حفظت هذه القواعد استمرارية توازن السوق نقداً وسلعة.
وبذلك أختلفت سياسة الدولة الأقتصادية الأسلامية،عن السياسة الرأسمالية والسياسة الاشتراكية لانها لا يتفق مع الرأسمالية بأن الملكية الخاصة هي المبدأ ، ولا مع الاشتراكية في اعتبارها للملكية الاشتراكية هي المبدأ، بل إن سياسة الدولة الاسلامية تقرر الأشكال المختلفة للملكية في وقت واحد ،فتضع بذلك مبدأ ذات الأشكال المتنوعة بدلاً عن مبدأ الشكل الواحد للملكية ، الذي أخذت به الرأسمالية والاشتراكية ،فهي تؤمن بالملكية الخاصة ، والملكية العامة ، وملكية الدولة .
وإن الإختلاف الاخر للإقتصاد الإسلامي،عن الرأسمالي والاشتراكي ،إن يمارس الأفراد حريات غير محدودة في ظل الاقتصاد الرأسمالي قادت الى تركز الاموال بيد ثلة قليلة من افراد المجتمع مارسوا من خلالها ابشع الوان الربا والاحتكار والغش والتسعير الفاحش، بينما صادر الاقتصاد الاشتراكي حريات الجميع ، في حين وقفت سياسة الدولة الاقتصادية الاسلامية موقفاً خاصاً ، فسمحت للأفراد بممارسة حرياتهم ضمن نطاق القيم والمثل،التي هذبت حرية،وجعلت منها أداة خير للانسانية أجمع،واقامةً سوقاً متوازنةً.