مفهوم الموروث العمراني وأهميته أ.د.رياض كاظم سلمان الجميلي جامعة كربلاء / كلية التربية للعلوم الإنسانية قسم الجغرافيا التطبيقية

مفهوم الموروث العمراني وأهميته

 

أ.د.رياض كاظم سلمان الجميلي

جامعة كربلاء / كلية التربية للعلوم الإنسانية

قسم الجغرافيا التطبيقية

لا شك بان التراث العمراني يمثل الشاهد الحي لحضارات الأمم وثقافة شعوبها وسجل لتطورها عبر التاريخ ، ويعبر عن عراقة وأصالة المدن ومعيار لتميزها بين المدن القديمة والمدن الحديثة ، وعلية يمكن إن نعطي تعريفا المناطق التراثية بأنها هي تلك المناطق التي تمثل حصيلة تراكم العطاءات الحضارية لمجتمع معين وفيها مظهرين أساسيين : هما المظهر الذهني والذي يتضمن القيم الفكرية والفلسفية التي تشكلت عبر الزمن  أما المظهر الثاني : فهو المادي والذي يتضمن الممتلكات التاريخية والاستكشافات الأثرية والفنية والعناصر المادية الأخرى .

أهمية التراث  نتلمس أهمية التراث العمراني من خلال ما يلي :

  • هو عنصر متجدد يستمد جذوره من حضارة تضرب في عمق التاريخ ليسهم في انطلاقة حضارية واثقة
  • هو موروث اجتماعي وتراث حضاري يجب ان نحافظ علية فهو ليس ملك لنا بشكل مطلق بل هناك حقا للأجيال القادمة فيه .
  • يعبر التراث عن الطابع التطور الحضاري للمجتمع بل هو سجل تاريخ الأمم التي سبقتنا .
  • يمثل صورة التفاعل المكاني بين الإنسان وبيئته .
  • يقدم التراث نماذج تخطيطية تنسجم وتتناغم فيها خصوصية المجتمع وعاداته
  • تمثل المناطق التراثية الحيز الذي يعيش فيه الزمن القديم بكل أبعادة الحضارية .
  • تمثل المناطق التراثية بعدا سياحيا مهما ينبثق من أصالتها في مجال العمارة والتخطيط .

توصيف المناطق التراثية

  1. المراقد الدينية والمقامات والمساجد ودور العبادة الأخرى .
  2. المباني التراثية العامة ( مقرات الحكومة ، السراي ، الاصطبلات )
  3. النصب التذكارية والرمزية
  4. الأسواق والقيصريات .
  5. الدور أو المحلات السكنية القديمة .
  6. المقابر .
  7. الحمامات والخانات .
  8. أسوار المدن القديمة .

هناك توجهين في دراسة التراث العمراني في المدن هما

  1. التوجه الأول : والذي يعتقد أصحابة بأن التراث العمراني هو مجرد بقايا من الماضي وليس من الواجب علينا لإبقاء علية وتقديسه في ظل حركة الحداثة العمرانية ومشاهد التكوين الحضري الجديد وأحيانا ما تشكل هذه المناطق عائقا كبيرا أمام تطوير مراكز المدن وتحديث تخطيطها وبالتالي تضطر المخططون على عكس اتجاه الخطط وتغير نوعيتها وهو بحد ذاته إدارة عجلة الزمن الى الوراء .
  2. التوجه الثاني : وينظر أصحاب هذا التوجه بأن التراث العمراني يشكل ثروة إنسانية لا يمكن التفريط بها بأي حال من الأحوال كونه يمثل الرصيد القيمي والحضاري للمجتمع ولا يمكن التعامل معه على أساس أبعاد عاطفية أو رمزية بل بات ملزما على الجميع للنظر للإبقاء على التراث بعين الواجب في أمكانية استدامة هذه المناطق والحفاظ عليها من الضياع .

سبل الحفاظ على المؤروث العمراني

لقد توصلت الكثير من دول العالم إلى مستوى معين من القناعات والتي يمكن أن تجعل من المناطق التراثية مناطق مستدامة وحيوية وبالإمكان الإبقاء عليها وإخضاعها إلى مبادئ التخطيط العمراني الحديث ، لذا فقد ابتكرت العديد من الطرق في التعامل مع الموروث العمراني في المدن أنذكر أبرزها :

الطريقة الأولى : أجراء مسح شامل لجميع المناطق التراثية وتوثيقها .

الطريقة الثانية : أجراء تصنيف تاريخي لجميع هذه المناطق والوقوف على الأبعاد الزمنية التي تعود أليها هذه الأماكن .

الطريقة الثالثة : الاحتفاظ ببعض المناطق التراثية وإزالة المتهري والتهالك منها . كما هو الحال في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية فأزالت العمران القديم وحلت محلة الأبراج وناطحات السحاب .

الطريقة الرابعة  : أجراء بعض التعديلات وأعمال الصيانة عليها دون المساس بشخصيتها العمرانية وعناصرها المعمارية كما هو الحال في بيروت .

الطريقة الخامسة : اعتماد مبدأ التجديد الحضري للمؤروث والذي يقوم مبدأ أعادة التأهيل للمباني التي تعاني من تهالك ورفعها الى مستوى القبول الحضري من جانب ، ورفع كفاءة المتبقي منها إلى درجة العمران الحديث بعد أجراء إعمال الصيانة والترميم بمواد وهندسة تناغي واقعها العمراني دون المساس والتغيير في هيئتها العامة .كما هو الحال في روما وفينا , وألان دعونا نتأمل سوية ماذا تشكل هذه المناطق التراثية في نسيج مدننا العمراني وهل هي تمثل عائقا حضريا ام أنها ثروة إنسانية واقتصادية مهمة ؟

عندما ننظر إلى أية بناية قديمة ونحن مارون ما هو الشعور النفسي الذي يتولد لدينا وقبل الإجابة على هذا السؤال ما مقدار الإحساس النفسي عندما تمر بشارع أو بسوق شعبي أو محلة سكنية قديمة والإجابة على هذه الأسئلة يحتاج منا وضع بعض المعايير المكانية والعمرانية والجمالية والوظيفية لهذا المناطق التي تكثر في مدننا وفي جميع مناطقها فليس كل ما ورثنه من الماضي هو يستحق الاحترام وإنما هناك الكثير من المعايير الواجب مراعاتها في مثل هذه المناطق ابرز هذه المعايير :

  1. الأصالة : وتعني القيم المجتمعية المتوارثة .
  2. الابتكار : العناصر المعمارية الفريدة التي سبقت زمنها
  3. الفن والجمالية : ( فلسفة العمران )
  4. العمارة الوظيفية : الوظيفة التي يؤديها المبنى سابقا .
  5. عامل الزمن : الفترة الزمنية البعيدة التي يمثلها المبنى .

وبالتالي فأن هذه المعايير إذا ما توفرت في مبنى يجب أن تعتمد على الأقل في تصنيفه على انه مؤروث أنساني يجب أن يحترم ويجب أن يدخل ضمن قائمة التراث .