د. حسين أحمد السرحان
Hussain.ahmed@uokerbala.edu.iq
جامعة كربلاء/مركز الدراسات الاستراتيجية/قسم الدراسات الدولية
تموز/يوليو 2016
صوت البريطانيون على إنهاء عضوية بلادهم في الاتحاد الاوروبي بعد 43 عاما، بعملية أطلق عليها (Brexit)، أي “خروج بريطانيا”، وذلك يوم 23 حزيران 2016، بعدد أصوات بلغت (17,410,742)، أي ما نسبته (51,9 %)، مقابل (16,141,241) صوت رافض لإنهاء العضوية في الاتحاد، أي ما نسبته (48,1%).
أما الأسباب، فأغلبها اقتصادية ترتبط بما أطلق عليه القادة الاوروبيون (الحريات الأربع الأساسية)، وهي (حرية انتقال الأشخاص، حرية انتقال البضائع، حرية انتقال الخدمات، حرية انتقال رؤوس الأموال)، فضلا عن أسباب تتعلق باللاجئين والهجرة والقضايا الأمنية.
وبذلك فازت حملة مغادرة الاتحاد الاوروبي بالاستفتاء، وهذا يعني أن المملكة المتحدة باتت اليوم ملتزمة بالانسحاب من الاتحاد الذي يضم (28) دولة. وأعلنت الحكومة ذلك في استجابتها لرغبة الشعب، كما أعلن ذلك رئيس الوزراء ديفيد كاميرون (David Cameron) داعيا – في خطابه الذي ألقاه عقب إعلان نتائج الاستفتاء – إلى اختيار رئيس وزراء جديد في تشرين الأول القادم، يتولى المهام الإجرائية والمفاوضات لإتمام عملية الانسحاب، معلنا دعمه الكامل لتحقيق إرادة الشعب. وبذلك فأن المفاوضات التي خاضها رئيس الوزراء البريطاني كاميرون في شباط 2016 مع الاتحاد الاوروبي من أجل إعطاء بريطانيا وضعا خاصاً في الاتحاد الاوروبي قد انهارت.
وهذا يعني أيضا أن بريطانيا فازت في ضمان أنها لن تعاني من التمييز لكونها أصبحت خارج منطقة اليورو. وجاء الانسحاب للحفاظ على سلطة لندن كأكبر مركز مالي في أوروبا. وفي المقابل، تعهدت بريطانيا بعدم عرقلة التكامل في منطقة اليورو بشكل أعمق. وإذا نجحت بريطانيا في استمرار التفاوض للوصول إلى السوق الاوروبية الموحدة بشروط تفضيلية، فمن غير المرجح أن تشمل الصفقة ضمانات عدم التمييز.
وفيما يخص التفاوض، فقد أعلن كاميرون استقالته ودعا لاختيار رئيس حكومة جديد في تشرين الأول القادم يتولى التفاوض مع الاتحاد الاوروبي حول إجراءات الانسحاب استنادا إلى المادة 50 من معاهدة لشبونة التي أقرها قادة الاتحاد الاوروبي في تشرين الأول 2007.
حددت المادة 50 – والتي لم تُستخدم من قبلأبدا – مهلة زمنية أمدها سنتين لإتمام التوصل إلى اتفاق وإجراء الانسحاب، وهي مهلة يعدها البعض قصيرة نوعا ما، إلا أنه يمكن تمديدها إذا وافقت جميع الدول الأعضاء الـ(28) على ذلك. كما إن هذه العملية تتطلب إعادة النظر بما يقارب الـ (80,000) صفحة من القوانين التي تربط بريطانيا بالاتحاد الاوروبي. وبعض القوانين ستبقى على حالها؛ لأن بعض الموضوعات في سياسة الاتحاد مشتركة مع دول من خارج الاتحاد مثل النرويج وسويسرا.
إن الآثار المترتبة على الانسحاب – في معظمها – هي آثار اقتصادية، وهذا يدعونا إلى بحث ومناقشة فيها، وكالآتي:
علاقة تجارية جديدة
معلوم أن الاقتصاد البريطاني ثاني أكبر اقتصاد على مستوى الاتحاد بعد ألمانيا وخامس اقتصاد على مستوى العالم، وهذا – في حذ ذاته – يدعو الطرفان (الاتحاد الاوروبي وبريطانيا) إلى وضع الترتيبات التجارية المناسبة الضامنة لمصالحهما. وطبيعي أن الحديث عن وضع ترتيبات تجارية جديدة بين الاتحاد الاوروبي وبريطانيا قد يبدأ خلال مدة السنتين الخاصة بالتفاوض حول إجراءات الانسحاب، لكن ليس بالضرورة. وإذا انتظر الاتحاد الاوروبي الانسحاب الرسمي، فإن المفاوضات ستتأخر لخمس سنوات أخرى أو أكثر. وخلال هذه المدة ستخضع تجارة الاتحاد الاوروبي مع بريطانيا إلى قواعد منظمة التجارة العالمية World Trade Organization (WTO) .
وهذا قد يعني أن مُصدّري بريطانيا سيدفعون تعرفة جمركية على صادراتهم إلى الاتحاد الاوروبي ومواجهة حواجز غير كمركية، أي بذات الطريقة التي تتعامل فيها الصين والولايات المتحدة مثلا مع الاتحاد الاوروبي تجاريا. وقد يفقد قطاع الخدمات في بريطانيا – الذي يمثل 80% من الاقتصاد البريطاني – سوقه المفضلة، وهي السوق الاوروبية الموحدة.
أما اتفاقات التجارة الحرة التي يفاوض حولها الاتحاد الاوروبي مع (53) دولة حول العالم من ضمنها كندا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وغيرها، سوف لن تشمل بريطانيا. وإذا أرادت الأخيرة الاستفادة من تلك الاتفاقات، فعليها إعادة التفاوض مع تلك الدول بشكل منفرد.
ويؤكد مناصرو البقاء ضمن الاتحاد الاوروبي على أهمية التجارة مع الاتحاد الاوروبي، وإن الوصول الكامل إلى السوق الاوربية الموحدة – أكبر منطقة تجارة حرة في العالم تشتمل على 500 مليون مستهلك – هي مسألة حاسمة لبريطانيا. ولكن هذا الوصول مشروط بحرية حركة العاملين، والمدفوعات أو المساهمات في موازنة الاتحاد الاوروبي، والقبول بقواعد الاتحاد الاوروبي (EU rulebook)، وهذا هو جوهر الاعتراض لدى مناصري الخروج من الاتحاد.
ومن غير المرجح أن ينثني الاتحاد الاوروبي عن هذه الشروط؛ لأنه لا يريد لأعضاء آخرين الانسحاب من الاتحاد. وربما المملكة المتحدة تُوقّع وتقبل بتلك الشروط إلا أنها لن تكون مؤثرة في المستقبل على قواعد الاتحاد (EU rules)؛ لأنها أصبحت خارج التصويت على قراراته. ويؤكد الكثير أن المؤيدين لخروج بريطانيا (The Brexit Camp) اذا أصبح موقع بلادهم من الاتحاد كما هو حال النرويج، فإن ذلك غير مقبول. وهذا يؤشر رغبة البريطانيين بالتواصل اقتصاديا مع دول الاتحاد.
وبلا شك، هناك تخوف من آثار مباشرة على حركة التجارة بين بلدان الاتحاد وبريطانيا، وهذا التخوف أول ما أثير في ألمانيا، إذ طالبت الكثير من الشركات والمؤسسات التجارية بسرعة إتمام إجراءات الخروج لتلافي خسائر اقتصادية أكبر، ودعا خبراء اقتصاد ألمان إلى إجراء مفاوضات عاجلة للحد من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن قرار انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأعرب رجال الصناعة الألمانيين عن أسفهم لهذا القرار، مطالبين بعدم عرقلة حركة البضائع مع بريطانيا.
وتتوقع الصناعة الألمانية “وقوع تراجع حاد وشيك” في التجارة مع بريطانيا بسبب تأييد البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقال ماركوس كيربر (المدير التنفيذي لاتحاد الصناعة الألماني): “نتوقع تراجع التبادل التجاري مع بريطانيا بشكل ملموس خلال الشهور المقبلة، ومن المستبعد بشكل كبير توجيه استثمارات مباشرة جديدة من ألمانيا إلى بريطانيا”.
كما طالب اتحاد صناعة السيارات في ألمانيا (VDA) بفعل كل شيء من أجل مواصلة تبادل السلع والخدمات في المستقبل بنفس الشكل السلس الذي كانت عليه حتى الآن. وقال ماتياس فيسمان (رئيس اتحاد صناعة السيارات في ألمانيا): “بعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، يجب ألّا تكون لدى أي شخص مصلحة في زيادة كلفة الحركة الدولية للبضائع بين بريطانيا وأوروبا عبر الحواجز الجمركية.”
وأعربفولكمار دنر (رئيس شركة “بوش“الألمانية، أكبر مورد لقطع غيار السيارات في العالم) عن أسفه لخروج بريطانيا من أكبر سوق داخلي في العالم، “ليس من الناحية الاقتصادية فقط”. وتعد بريطانيا هي ثاني أكبر الأسواق الأوروبية لشركة بوش بعد ألمانيا، حيث يوجد للشركة في بريطانيا سبع مناطق إنتاج مستقلة يعمل بها 5300 شخص.
وقال كلينمس فويست (رئيس معهد إيفو للدراسات الاقتصادية): “يتعين أن يتكاتف السياسيون للحد من الأضرار الاقتصادية، ومن المهم إجراء المفاوضات (بشأن استمرار بقاء بريطانيا جزءًا من السوق الأوروبي الموحد) بشكل عاجل للحد من مرحلة القلق بشأن الأوضاع الاقتصادية”.وتوجت هذه المواقف في موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عقب انتهاء القمة الاوروبية يوم الأربعاء 29 / حزيران في بروكسل التي حثت الاتحاد الأوروبي على البدء بأقصى سرعة ممكنة في مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد، مؤكدة ضرورة قبول لندن بـ “الحريات الأربع الأساسية” إذا أرادت الوصول للأسواق الداخلية في الاتحاد.
وأكدت المستشارة الألمانية ميركل “أنه على الرغم من أن على بريطانيا أولا الإفصاح رسميا عن نية الخروج من الاتحاد، إلا أنها تتمنى أن يحدث ذلك بأسرع وقت ممكن“.
أما فرصة وصول بريطانيا إلى الأسواق الداخلية في الاتحاد عقب انسحابها من الاتحاد الاوروبي، فهي مشروطة بقبول “الحريات الأربع الأساسية “، كما أعلن ذلك زعماء الاتحاد الاوروبي بعد قمة 29/ حزيران وهي (حرية انتقال الأشخاص، والبضائع، والخدمات، ورأس المال). وهو الأمر الذي أكده (رئيس المجلس الأوروبي) دونالد توسك، حيث قال: “دخول (بريطانيا) السوق الموحدة يتطلب القبول بالحريات الأربع (الأساسية للاتحاد الأوروبي) بما فيها حرية التنقل. ولن تكون هناك سوق موحدة على المقاس”.
قيمة العملة البريطانية (الجنية الاسترليني)
بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، ولأن بريطانيا تشكل عنصرا مهما في التجارة البينية في الاتحاد الاوروبي كسوق وكمنتج؛ فقد تأثرت قيمة العملة البريطانية – إذ بقيت ترفض بريطانيا اتفاقية العملة الموحدة (اليورو) وبقيت معتمدة عملتها – سلبا؛ لأن المخاوف من مغادرة الاتحاد أثرت في قيمة الجنية الاسترليني ودفعته إلى مزيد من الانخفاض. كما إن التخوف من التباطؤ الاقتصادي ربما يقلص الطلب على الطاقة والنفط الخام الذي يشهد انخفاضا في أسعاره في الأسواق العالمية. وفي محاولة لطمأنة المستثمرين البريطانيين وغير البريطانيين، قال (وزير المالية البريطاني، وزير الخزانة) جورج أوزبورن: “اقتصادنا قوي ويمكنه مواجهة التحدي الذي يواجهه بلدنا الآن”.
ولكن هذا لا يمنع من أن يشهد الاقتصاد البريطاني مخاطر بدأت تلوح إشاراته في الأفق، إذ أكدت لجنة السياسة المالية في بنك انكلترا “أن هناك دليلا على أن بعض المخاطر بدأت تظهر” بعد نتائج الاستفتاء؛ لذا قرر البنك تخفيف القيود على المصارف التجارية بهدف حثها على الإقراض من أجل دعم الاقتصاد البريطاني. ويفترض أن يتيح الإجراء الذي اتخذه البنك المركزي قدرة إقراض إضافية بقيمة 150 مليار جنيه استرليني (178,9مليار يورو) للأفراد والشركات.
ومن جانب آخر، تعتزم بريطانيا خفض الضرائب على الشركات، وأكد (وزير المالية البريطاني) جورج أوزبورن لصحيفة “فايننشال تايمز” أنه “يرغب في إرساء اقتصاد يتمتع بقدرة تنافسية فائقة، مع خفض الضريبة على الشركات – والبالغة حاليا 20 % – أكثر من 5 نقاط، ما سيجعل بريطانيا تملك الضريبة الأقل في القوى الكبرى”.
وقال أوزبورن: “يجب أن نبقى مركّزين على الأفق، وعلى الطريق أمامنا، من أجل الإفادة من الوضع القائم”. وهذا الإجراء سيشكل عاملَ جذب كبير للشركات في الوقت الذي تبدي فيه تلك الشركات مخاوفها بعد نتيجة الاستفتاء وتفكر في مغادرة بريطانيا بسبب الشكوك القائمة بشأن العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الاوروبي.
مساهمة بريطانيا في موازنة الاتحاد الاوروبي
معلوم أن الاقتصاد البريطاني اقتصاد فاعل ومؤثر في الاتحاد الاوروبي، لذا فهو يساهم مساهمات كبيرة في موازنة الاتحاد، وهذا كان دافعا لمؤيدي الانسحاب بأن الأولى أن يتم إنفاق تلك المساهمات على الخدمات الصحية وغيرها.
عملياً، ستتوقف بريطانيا عن دفع تلك المساهمات بعد انسحابها رسميا من الاتحاد. لذا فالمساهمة الصافية لبريطانيا في موازنة الاتحاد تصل إلى ما يقارب (8,5 مليار جنيه استرليني، ما يعادل 11 مليار يورو او 12,5 مليار دولار سنويا) لن تُدفع وبالإمكان إنفاقها على الخدمات الصحية أو تُستخدم لإلغاء ضريبة القيمة المضافة على الوقود. ولكن مزارعي بريطانيا سوف لن يحصلوا على مدفوعات مباشرة من الاتحاد الاوروبي والتي كانت تبلغ قيمتها نحو ( 2,4) مليار جنيه استرليني عام 2015. ومن غير الواضح مقدارها، ولكن إن وجدت فستستمر الحكومة البريطانية بدفعها. كما أنه ليس واضحا كم ستزداد المناطق الفقيرة في بريطانيا في المستقبل، ولاسيما أنها لم تعد مؤهلة للحصول على التمويل الإقليمي من الاتحاد الأوروبي. الجدول الآتي يوضح مساهمة بريطانيا في موازنة الاتحاد الاوربي.
جدول (1) مساهمة بريطانيا في موازنة الاتحاد الاوروبي
مليون جنيه استرليني /سنويا | مليون جنيه استرليني /أسبوعيا | مليون جنيه استرليني /يوميا | |
المساهمة الإجمالية | 18.777 | 361 | 51 |
طرح الخصم | 14.361 | 276 | 39 |
طرح مستلمات القطاع العام | 9.785 | 188 | 27 |
طرح مستلمات القطاع الخاص | 8.385 | 161 | 23 |
المصدر: HM Treasury 2014
ومن الشكل أدناه يتوضح لنا مساهمة بريطانيا في موازنة الاتحاد الاوروبي.
مساهمة بريطانيا في موازنة الاتحاد الاوروبي 1987- 2014
مليون جنيه استرليني
ـــــــالمساهمة الإجمالية ــــــــ الخصم ـــــــ المساهمة الإجمالية ــــــــ إجمالي الخصم
المصدر: ONS(Office for National Statistics) https://www.ons.gov.uk/
ويُبين هذا المخطط التغيرات التي حدثت على أرقام مساهمة بريطانيا في موازنة الاتحاد الاوروبي منذ عام 1987. وكلا الجانبان (أنصار الاستقلال وأنصار البقاء في الاتحاد الاوروبي) استخدموا أرقام 2014 ، على الرغم من وضع الرقم المقدر لعام 2015 الذي بلغ 17,8 مليار جنيه استرليني ، وإذا طرح الخصم يكون 12,9 مليار جنيه استرليني، وتصبح 8,5 مليار جنيه استرليني إذا تم خصم إيرادات القطاع العام.
كما أن هناك تقديرات لما ستساهم به بريطانيا في موازنة الاتحاد الاوروبي لغاية الأعوام 2020 – 2021 وضعها مكتب مسؤولية الموازنة (Office for Budget Responsibility) كما في الشكل أدناه:
images/pic/slide3/11-7-2016-4.jpg
مساهمة بريطانيا المتوقعة في موازنة الاتحاد الاوروبي
المساهمة الإجمالية ناقص الخصم (مليون جنيه استرليني)
المصدر: (OBR)Office for Budget Responsibility
وضع الهجرة والمهاجرين
أما قضية الهجرة والتي – كما أسلفنا – تعد أيضا من الأسباب الهامة لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، وهي ذات بُعد اقتصادي أيضا. فبعد إتمام الانسحاب ستحاول بريطانيا الحد من دخول المهاجرين إليها من الاتحاد، وربما تعتمد النظام القائم على أساس النقاط كما هو الحال في استراليا، وهو ما يعني إعطاء الأولوية للعمال الذين يتمتعون بمهارات عالية ومنع دخول أولئك المنخفضة مهاراتهم. وهذا قد يدفع بريطانيا إلى إبلاغ الكثير من الباحثين عن عمل القادمين من دول الاتحاد إلى مغادرة البلاد.
ولكن في البداية، على بريطانيا توضيح وضع ما يقرب من (2,2 مليون) عامل من دول الاتحاد يعشون فيها. وقد تكون قواعد لمّ شمل الأسرة (The rules for family reunions) أكثر صرامة. ومن غير المرجح إيقاف حرية الحركة، على الأقل، خلال السنتين القادمتين بينما تتفاوض بريطانيا مع دول الاتحاد بشأن الانسحاب. وقد تتوقف الحركة خلال مدة التفاوض.
على الجانب الآخر، يوجد ما يقارب من (2) مليون بريطاني يعيشون خارج بريطانيا في دول الاتحاد، لذلك فإن أي تدابير تتخذها بريطانيا اتجاه العاملين فيها من الاتحاد الاوروبي قد تُعرّض مواطنيها في دول الاتحاد إلى إجراءات انتقامية. ويؤكد مختصون أن ما يمكن لبريطانيا أن تفعله في الوقت الحاضر، هو تشديد إجراءات حصول المهاجرين على إعانات.
في النهاية، عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الاوربي (Brexit) ستعزز من رصيد الأحزاب المناهضة للهجرة (الأحزاب اليمينية) في بعض بلدان الاتحاد الأخرى. كما إن هذه العملية قد تلهم المتشككين في بلدان اوروبية أخرى، لتنظيم استفتاءات خاصة بها حول عضويتها في الاتحاد. وترى بعض البلدان مثل بلجيكا أن “تأثير الدومينو” يشكل كابوسا للمشروع الاوروبي.
وعليه، فإن هذا الكابوس يقلق الدول الكبيرة التي ساهمت كثيرا في تأسيس الاتحاد وكان لها دور في وصول المشروع الاوروبي إلى هذا الشكل منذ عام 1947.
ما ذكر في أعلاه، يشكل معطيات ومؤشرات مهمة لأي جهة سياسية اوروبية في دول الاتحاد، سواء أكانت في الحكم أم في المعارضة، لابد من أخذها بنظر الاهتمام والتفكير مليا بمعطيات التجربة البريطانية في هذا الإطار قبل السير باتجاه الانسحاب من الاتحاد.
لمزيد من المعلومات حول الموضوع يرجى مراجعة الرابط التالي :