في بداية الإسلام، استخدم العرب المسلمون عملة بيزنطية ذهبية ونحاسية، وأبقوا على حروفها اللاتينية، وعلى صور ملوك بيزنطة المصورة، والرموز المسيحية. كما استخدموا عملة فضية ساسانية، عليها صور الملوك الساسانيين، ورمز النار (المقدسة عندهم)، وعبارات بلغتهم الفهلوية.
ثم بدأت تظهر عبارات إسلامية بحروف عربية على العملة المستخدمة لتعطيها طابعاً يتماشى مع الخلافة الجديدة. هنا مثال لعملة ساسانية، طبع في صدرها صورة الملك الساساني يزدجرد الثالث حفيد كسرى الثاني، وعبارة “بسم الله”.
إلا أن الأمويين في دمشق هم من بدأ سكّ عملة ذات صفات عربية إسلامية، في أيام عبد الملك بن مروان. استخدم الأمويون ما يسمى العملة شبه البيزنطية Pseudo – Byzantine، ولاحقاً عملة اتبعت تصويراً شبيهاً بصور أباطرة البيزنطة. ومن هنا نتعرف إلى تأثر الأمويين بالثقافة البيزنطية في سوريا، التي استعاروا منها رموزاً وأشكالاً في نقوش عملتهم.
دينار من ذهب، سكّ أيام الأمويين بين عامي 639 و705، نقش عليه عبارة: “لا إله إلا الله وحده” يليها “محمد رسول الله” و”بسم الله” (من مجموعة معهد باربر البريطاني للفنون). وكما يبدو جلياً من تصوير الرجال الثلاثة على وجه العملة، فإن الأمويين استلهموا هذه الأشكال من العملة البيزنطية، التي كانت متداولة في سوريا في بدايات الحكم الأموي فيها.
عملة تصور الإمبراطور البيزنطي قسطنطين الثاني الذي حكم بين عامي 641 و668 م، مع أخيه هرقلوناس الذي حكم إمبراطوراً بضعة أشهر عام 641، ووالده هيرقل (أو فلافيسو أغسطس هرقل)، الذي حكم الإمبراطورية البيزنطية بين عامي 610 و641 م، ولقب نفسه “ملك الملوك”. تبدو هذه العملة كأنها الأساس الذي نقشت على منواله العملة الإسلامية.
وفي أيام عبد الملك بن مروان، خامس الخلفاء الأمويين، وثاني المروانيين، تمت تعديلات إدارية مهمة، أصبحت خلالها اللغة العربية، اللغة الرسمية في إدارة الخلافة، وهي الفترة التي تعرف بـ”فترة التعريب”. وظهرت عملة سُمّيت “الخليفة الواقف”، صكها من الذهب والفضة والنحاس. وفيها يقف الخليفة (عبد الملك)، وفي يده سيف، وتحيط صورتَه نقوشّ إسلامية (إما “محمد رسول الله” أو “لا إله إلا الله وحده” أو “لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين”). وعلى ظهر العملة نقشت الشهادة وفي بعض الأحيان، مكان نقش العملة.
كتب على وجه العملة: “لا إله إلا الله وحده محمد رسول الله”، وصورة للخليفة عبد الملك بن مروان في الوسط.
بعد عدة أشكال، يمكن وصفها بفترة تجريبية، كان الخليفة يحاول فيها إعطاء عملته طابعاً خاصاً بالخلافة، تخلت العملة عن التصوير في عام 79 هجري، واستعاضت عنه كما في هذه العملة الفضية بنقش “لا إله إلا الله وحده لا شريك له” في الوسط، يحيط به نقش “بسم الله”. وعلى وسط الجهة الأخرى، نقشت آيات سورة الإخلاص، يحيط بها نقش “محمد رسول الله أرسله بالهدى والدين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون”. نُقش هذا الدرهم في رام هرمز سنة 79، وهي العملة التي بدأت معها ملامح جديدة للخلافة.