تعدّ السرقة الأدبية نوعاً من أنواع الجنايات التي لا تقل أهمية عن سرقة الأموال، فالأول يسرق الأفكار والثاني يسرق الأرزاق. فنجد في المجتمعات الغربية أنّ السرقة الأدبية تعتبر سرقة s,سواء أكانت للفكرة أو للنص. وتعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. وقد تطال مشكلة السرقة الأدبية الناشر وحقوق المؤلف أيضاً. وحتى تصوير الكتب يعتبر في الدول المتحضرة سرقة. نجد في معجم الوسيط أن السرق هو (الأخذ من كلام الغير، وهو أخذ بعض المعنى أو بعض اللفظ سواءً أكان أخذ اللفظ بأسره والمعنى بأسره). وأجد نوعاً من السرقات الغريبة في عالمنا هذا حيث يعمد أصحاب المال والمناصب لدفع مبالغ مالية لبعض الطلاب الناشئين أو الكتّاب المغمورين لتأليف الكتب والأبحاث ونسبها لهم، وغالباً يكون صاحب المال غير عارفٍ أو عالمٍ بما يحوي بين دفتي الكتاب هذا مدفوع الثمن. وقد قسم النّقاد السرقات من حيث اللفظ والمعنى إلى ثلاثةِ أقسام هي : 1- سرقة الألفاظ. 2- سرقة المعاني. 3- سرقة الألفاظ والمعاني. إنّ للسرقة الأدبية تاريخ قديم، فقد كان عند الشعراء العرب من يغربل كلامهم ويتعقبهم لرد المعاني لأصحابها السبّاقين السابقين في المعنى والفكرة. فيرى (الأعشى) أنّ السرقة هي عارٌ يصيب الشاعر حيث يقول: فكيف أنا وانتحالي القوافي………… بعد المشيب كفى ذاك عارا وأيضاً نجد السرقة الأدبية قديمة عند الرومان واليونان، حيث يعترف (هوراس) بتقليده لـ(اركيلوكس) و(اليكوس)، وأيضاً أشار إليها (أرسطو) باستخدام الشعراء النقل عن الأقدمين. نجد بعض الكتاب من يميلون لتبرير السرقة ونفيها إلى تسميتها توارد الخواطر، مستشهدين بحادثة (إبراهيم عبد القادر المازني) حيث ترجم رواية عن الروسية إلى اللغة العربية وأسماها (ابن الطبيعة) عام 1920، ليفاجأ هو نفسه عندما قام بطبع قصته (إبراهيم الكاتب) عام 1930 بتضمينها أربع أو خمس صفحات من الرواية الروسية ابن الطبيعة بالحرف والفاصلة والنقطة ذاتها، ليقول مذهولاً مما حصل بدون إرادة منه: “لعمق الأثر الذي تركته هذه الرواية في نفسي، فجرى بها القلم وأنا أحسبها لي”. كثيراً ما نسمع عن سرقات أدبية واضحة اللفظ والمعنى والفكرة أيضاً، ولكن أغلب السرقات هي غير واضحة المعالم، أي بمعنى أدق يحمّل السارق عمله إبداعه الشخصي فقط في إعادة صياغة العبارات ونسبها إليه. ونظراً لوجود الانترنيت والمواقع الإلكترونية في العصر الحالي نجد السرقة أصبحت مشاعة بعيدة كل البعد عن حماية الملكية الفكرية وحق المؤلّف، وببعض عبارات تتردد هنا وهناك: “السارق على الفيس بوك كالوارث من أبيه”. مهما اختلف شكل أو لون السرقة، تظلّ سرقة وكذباً، ولو برّر لها قبلاً أرسطو باعتبارها استعارة وعلى حدّ قوله: “الاستعارة هو من علامات العبقرية”.
المصادر: 1- المعجم الوسيط. 2- مشكلة السرقات في النقد الأدبي – مصطفى هدارة- دار الانجلو المصرية – 1958م. 3- كتاب السرقات الأدبية – دوي طبانه – مكتبة نهضة مصر بالفجاله – 1376. 4- إبراهيم عبد القادر المازني – السرقات الأدبية – مجلّة الرسالة 2 أغسطس 1937.