ظهرت في الأوساط التربوية نظرتان حول تنظيم المنهج واختيار المواد والخبرات المناسبة وهاتان النظرتان ترجعان إلى نفس الأصول والقواعد التي تأخذ بمبدأ المادة الدراسية كأساس لبناء المجتمع أو التي تعتبر الطفل محور العملية التربوية وتدور فعاليات المنهج حول نشاطه,وقد ذهب كل فريق في أرائه في اتجاه يختلف عن الأخر حتى بدا وكأنهما يرميان إلى تحقيق أهداف متباينة أو متضاربة في اغلب الأحوال,وقد ترتب على هذا الانقسام بناء مناهج حديثة وفق أسس نفسية تراعي نمو المتعلم وتستثمر نشاطه الذاتي ومناهج تسير وفق النمط المنطقي التقليدي الذي يعتبر المادة الدراسية أساس بناء المنهج .
التنظيم المنطقي للمنهج.
يؤكد أنصار الاتجاه المنطقي في بناء المنهج على ضرورة ترتيب المنهج منطقيا ,لكون هذا الترتيب يهتم بوضع المعارف والحقائق بحيث يبني بعضها مع البعض الأخر بصورة استنباطية,أي إن أساس جعل الموضوعات مقدمات في موضوع لنتائج تستنبط منها ,وهذا يقوم على الاتساق الداخلي للأفكار والوحدة الداخلية للمادة الدراسية,ويشير بود(Bode)إلى إن التنظيم المنطقي هو ميزة العقل العلمي ووسيلة التقدم في العلوم واتساعها,فمثلاً في الجغرافية ندرس كروية الأرض ثم دورانها حول نفسها ثم حول الشمس ثم تكون الليل والنهار ثم الفصول الأربعة وهكذا…. .
التنظيم السايكولوجي للمنهج.
يؤكد أنصار هذا الاتجاه على ضرورة ربط المادة الدراسية باهتمامات وميول المتعلمين وخبراتهم ,فالتنظيم السايكولوجي وليد التربية الحديثة ,و لا يتقيد بأساس واحد بل يختلف باختلاف المتعلمين والبيئة,ويختلف التنظيم السايكولوجي عن المنطقي بأنه فيه صفات الموضوعية والمعرفة البحتة والعلم لذاته بل إن المركز يدور حول المتعلم, ففي نفس المثالً السابق يجب إن لا تكون البداية بدراسة كروية الأرض ,بل البدا بالبيئة المحلية للمتعلم ,وبذلك يكون التعلم حسيا,وفي التاريخ نتبع نظام معكوسا أي البد بدراسة مواقف الحياة الحاضرة ثم ربطها بالإحداث التاريخية الماضية.
التوفيق بين التنظيم المنطقي و السايكولوجي.
بالنظر لأهمية كل من التنظيمين المنطقي والسايكولوجي فقد دعا الكثير من المربين إلى أهمية الربط بينهما عند إعداد المناهج الدراسية ,ومهما كان ترتيب المحتوى فمن المهم ألا تتعرض الأفكار الأساسية وأنماط العلاقات الموجودة فيها للغموض كما لا يمكن ان نغفل تطويع المحتوى ليسهل على المتعلم تعلمه.
ويشير جون ديوي(John Dewy)إلى إن كلا من التنظيم المنطقي والسايكولوجي للمادة الدراسية يسيران جنبا إلى جنب ,حيث إنهما يتحققان بعلاقة إنمائية ,فهما مرتبطان على أساس أن احدهما البداية والأخر النهاية.ومن ذلك نجد أن العملية السايكولوجية هي الوسيلة التي تصل بالمتعلم إلى فهم المادة الدراسية بشكلها المنطقي.
ومن هنا جاء الاهتمام بضرورة محافظة المنهج على منطقية المادة الدراسية وتتابعها, وكذلك التتابع السايكولوجي للخبرات التعليمية ,أي عدم الفصل بين منطقية المادة الدراسية و سايكولوجيتها ,ففي التاريخ مثلاً يتبع التنظيم الزمني في عرض المادة الدراسية أو تنظيم الأحداث التاريخية ومن ثم ربط هذه الأحداث بحياة المتعلم وواقعه قدر الإمكان.
Source: blog rss