القلق إنّ القلق أمرٌ طبيعيٌّ ومفيدٌ يؤدّي وظيفةً مهمّةً؛ إذ إنّه يُعدّ بمثابة إشارة إنذارٍ لحالة خطرٍ فعليّةٍ حتى يستطيع الإنسان الاستعداد لمجابهة كل ما يمكن أن يُهدّد بقاءه ووجوده؛ فالقلق إذن ضروريّ إذ يعدّ إشارةَ إنذارٍ بأنّ هناك أمر عليه الانتباه له أو الحذر منه، ولكنّه يُصبح مشكلةً إذا تعدّى الحدّ الطبيعيّ.
[١] تعريف القلق القلق هو خبرةٌ انفعاليّةٌ غير سارّةٍ يعاني منها الفرد عندما يشعر بخوفٍ أو تهديدٍ من شيء لا يستطيع تحديده تحديداً دقيقاً، كما يُعرّف القلق على أنّه حالةٌ نفسيّةٌ تظهر على شكل توتّرٍ بشكلٍ مستمرٍّ نتيجة شعور الفرد بوجود خطرٍ يهدّده، وهذا الخطر قد يكون موجوداً فعلاً أو يكون مُتخيّلاً لا وجود له في الواقع.
[٢] سمات المريض بالقلق يُستثار الشعور بالخوف لدى القلقين بسهولةٍ وهم يبدون وكأنّهم يَبحثون عن أشياء تثير اضطراباتهم، كما أنّهم فريسةٌ سهلةٌ للمرض والتكدّر، ومن سمات الذين يعانون من قلقٍ مرتفعٍ:
[٣] التشتت وصعوبة التركيز. التعرّق الشديد أو تعرّق اليدين والتنفّس السريع. مُشكلات في العلاقات مع الآخرين. مشكلات في النوم. الإرهاق والتعب. الضعف والخمول. مشكلات في الجهاز الهضمي. أسباب القلق العامّة وعند الأطفال خاصةً فقدان الشعور بالأمن: يُمثّل عدم الشعور الداخليّ بالأمن سبباً رئيسياً للقلق؛ فالقلق المُزمن هو نتيجة لانعدام الشعور بالأمن والشكوك حول الذات، وفقدان الشعور الداخليّ بالأمن هو نتاج مجموعة من العوامل وهي:
[٤] عدم الثبات: إذ إنّ تقلّب الآباء والمُدرّسين في التعامل مع الطفل يؤدّي إلى حالة من التشوّش والقلق لدى الطفل فتصبح الحياة بالنسبة له سلسلة من الحوادث المخيفة التي لا يمكن التنبؤ بها. الكمال الزائد: إنّ توقع الراشدين للكمال يؤدّي إلى ظهور استجابات للقلق لدى الكثير من الأطفال مع أنّ بعض الأطفال مُرتفعي التحصيل أو اللامبالين يُمكن أن يتجنّبوا حالة القلق الناضجة من عدم الوصول إلى مستوى توقّعات الكبار؛ حيث نجد أنّ بعضهم الآخر يُطوّر حالة من الاضطراب والتوتّر نتيجة عدم الوصول إلى مستوى التوقّعات. الإهمال: يؤدّي غياب الحدود الواضحة وإهمال الأطفال إلى شعورهم بعدم الأمن وكأنّهم مهجورون ضائعون. النقد: النقد الزائد يؤدّي إلى حالة من الاضطراب والتوتّر لدى الطفل؛ إذ يشعر بالشك في ذاته ويتوقّع أن يكون موضع نقد، وفي هذه الحالة فإنّ أيّ مواجهة أو كشف للذات يمكن أن يؤدّي إلى شعور شديد بالقلق وخاصّةً عندما يعرف الأطفال أنّهم سوف يكونون موضع تقييم أو حكم بطريقة ما
.[٣] الثقة الزائدة من قبل الراشدين: إنّ قيام الراشدين بائتمان الأطفال على أسرارهم مفترضين أنّهم يمتلكون نضح الكبار وتحميل الأطفال أعباء كهذه قبل الأوان يولّد لديهم القلق
الشعور بالذنب: قد يتطوّر الشعور بالقلق لدى الأطفال نتيجة اعتقادهم بأنّهم قد تصرّفوا على نحو سيئ، وتتعقّد المشكلة عندما يتبلور لدى الطفل إحساس عام بأنّه لا يتصرف بالطريقة الصحيحة وبالتالي يشعر بالذنب بسبب انخفاض فاعليته.
تقليد الوالدين: غالباً ما يَكون للآباء القلقين أبناء قلقين؛ حيث يتعلّم الأطفال القلق، ويرون الخطر في كلّ ما يحيط بهم.
الإحباط المستمرّ: حيث يؤدّي ذلك إلى مشاعر القلق والغضب.
الأذى أو الضرر الجسديّ: بعض الأشخاص في مواقف مُعيّنة تسيطر عليهم فكرة الإصابة ببعض الأمراض. الاستعداد النفسيّ (الضعف النفسيّ العام).
مواقف الحياة الضاغطة: حيث إنّ الضغوط الحضاريّة والثقافيّة الناجمة عن التغيّرات المتسارعة في عصر العولمة تسبّب الضغط النفسي. مشكلات الطفولة والمراهقة والشيخوخة. عدم التطابق بين الذات الواقعية، والذات المثالية، وعدم تحقيق الذات.النماذج مع الآخرين: ملاحظة سلوكيات النماذج وما يترتب علي هذه السلوكيّات من نتائج عقابيّة أو تعزيزية تؤثّر في واقعية الأفراد في تعلّم هذه السلوكيّات وتقليدها أو عدمه، ويُشكّل الوالدان في المراحل العمريّة المبكّرة نماذج جاذبة للبناء؛ حيث يتعلّم الأبناء منهم العديد من الأنماط السلوكية، والمهارات، والقيم، والاتجاهات، والانفعالات. مستويات القلق يقسم القلق إلى ثلاثة مستوياتٍ رئيسيّةٍ هي: المستويات المنخفضة للقلق: حيث تحدث حالةٌ من التنبّه العام واليقظة، ويزداد الانتباه والحساسية للأحداث الخارجيّة، وتزداد القدرة على مقاومة المخاطر، ويصبح الفرد في حالةٍ من الترقّب لمواجهة خطرٍ محيطٍ حيث يكون القلق هنا إنذاراً لخطرٍ على وشك الحصول. المستويات المتوسطة للقلق: هنا تحدث حالةٌ من الجمود وعدم التلقائيّة على السلوك، ويصبح كلّ شيءٍ جديد نوعاً من التهديد، وتنخفض القدرة على الابتكار، ويبذل الفرد جهداً للقيام بالسلوك المناسب لمواقف الحياة المختلفة. المستويات العليا للقلق: يحدث انهيار للتنظيم السلوكيّ للفرد ويلجأ إلى أساليبَ أكثر بدائيّةً، فلا يتصرف بالسلوك المناسب للموقف، أو يبالغ في سلوكيّاته ويظهر خللاً فيها. الفرق بين القلق الموضوعيّ والقلق المرضيّ يُمكن تحديد طبيعة القلق على أساس شدّته ومسبّباته واستمراريّته؛ حيث إنّ التمييز بين القلق الموضوعيّ (الصحيّ) وبين القلق غير السويّ المرضيّ أو العصابيّ هو كالآتي : القلق الموضوعيّ: هو قلقٌ أساسيٌّ مصدره خارجيٌ، وهو بالأدق شعورٌ بالخوف سبّبه عاملٌ خارجيٌّ حقيقيٌّ وليس من داخل الفرد أو ناجمٌ عن أفكاره، وهو مطلوبٌ في حياة الفرد والذي من المفترض أن يتزوّد به الفرد وهو عادةً ما تكون الحياة طبيعيّةً ومتوازنةً به، وإذا اختفى من حياة الفرد أصبح إنساناً مريضاً متبلّد الوجدان وهو مرتبطٌ بإبداع الإنسان. القلق المرضيُّ “عصاب القلق”: هو القلق المَرضي أو القلق العصابيّ ذو المستويات المرتفعة من القلق، ومنبعه داخليٌّ من ضغطٍ وكبتٍ، ويؤدّي ارتفاع مستوي القلق لدى الفرد إلى تعطيل طاقاته وجعله عرضةً للضيق والتوتّر وبالتالي إحساس الفرد بالعجز والفشل.