تحديد و اختيار موضوع البحث العلمي بدقة من أهم الأمور إذا لم يكن أهم موضوع في البحث العلمي، ذلك أن تحديد موضوع البحث العلمي بدقة منذ البداية يضمن بداية صحيحة و فعّالة للباحث في رحلة البحث العلمي.
و يمكن للباحث بعد تحديد موضوع البحث العلمي بدقة التركيز مباشرة في العمل و القيام بكافة الخطوات التي تساعده في الإستمرار في الدراسة أو البحث العلمي.
في المقابل، عدم تحديد موضوع البحث العلمي بدقة غالباً ما يعني أن الباحث سيقضي الكثير من وقته في البحث و قراءة المصادر هنا و هناك على أمل أن تتضح الصورة له و يعرف فيم يركز في البحث العلمي، و هذا قد يضيّع الكثير من الوقت، الجهد، و الحماس الذي قد يكون لدى الباحث.
فجوة البحث العلمي (Research Gap)
فجوة البحث العلمي (Research Gap) هي مشكلة لم يوجد لها حل بعد أو منطقة لم يتم بعد استكشافها و دراستها في مجال البحث العلمي. تجاوز بعض مراحل الدراسات العليا (كالدكتوراة مثلاً) يستلزم قيام الباحث بشئ غير مكرر و الخروج بنتائج جديدة لم يُسبق الوصول إليها.
و للوصول لنتائج جديدة غير مسبوقة، لابد من تحديد الفجوة في مجال البحث العلمي و التي سيقوم الباحث باستهدافها و محاولة تقليل هذه الفجوة أو سدّها بالكامل و ذلك من خلال إيجاد حل للمشكلة (إذا كانت مشكلة قائمة) أو إقتراح شئ جديد، بحيث يساهم عمل الباحث هذا أخيراً في إثراء مجال البحث العلمي بشئ غير مسبوق.
اختيار موضوع البحث
لتتمكن من تحديد موضوع البحث بدقة بإذن الله، هنالك خطوات عملية ننصحك باتباعها لتسهيل المهمة عليك. نعرضها لكم بدايةً في فيديوهات مختصرة و نفصلها لكم أدناه.
١. حدّد مجال البحث
قم أولاً بتحديد مجال البحث العلمي بشكل عام. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في عمل بحث علمي عن الجودة في الجامعات، يمكننا القول بأن مجال البحث العلمي هنا هو الجودة في الجامعات.
٢. حدّد أفضل قواعد البيانات و المجلات العلمية
استخدم الانترنت في البحث عن و حصر قواعد البيانات و المجلات العلمية التي تُنشر فيها الدراسات العلمية في مجال البحث الذي قمت بتحديده.
٣. حدّد الدراسات الأساسية في مجال البحث العلمي
في كل العلوم هنالك في الغالب أوراق علمية أو مصادر علمية كثيراً ما يُشار لها أو يتم الاقتباس منها (Citation) و استخدامها في الكثير من الأبحاث، مثل هذه المصادر في بعض الحالات يُطلق عليها (Seminal Work)، و تعني دراسات و مصادر علمية كان لها أثر كبير في مجال البحث العلمي، و بالتالي، يعتمد عليها الكثير من الباحثين و يشيروا إليها.
في بحثك عن المصادر في مجال البحث العلمي الذي حددته، تعرّف على هذه المصادر المهمة و التي تعتبر أساسية في المجال و تفحّص قائمة المراجع فيها. استفد من قوائم المراجع هذه و ذلك بالتعرف على المصادر الموجودة في مثل هذه القوائم و قراءتها إذا ما كانت لها علاقة بمجال البحث الذي تريد البحث فيه.
٤. حدّد الكلمات المفتاحية المستخدمة للبحث عن الدراسات
في غالبية قواعد البيانات و المجلات العلمية الحديثة المؤرشفة على الإنترنت، يتم وضع كلمات مفتاحية أو كلمات دلالية للورقة العلمية بحيث يمكن البحث عنها بشكل أسهل. قم بحصر الكلمات المفتاحية التي تجدها في كاقة الأوراق العلمية ذات العلاقة بمجال البحث العلمي الخاص بك.
٥. إبدأ القراءة و لكن لا تقرأ إلا ما تحتاج له فقط
لا تقم بقراءة كل شئ، فمن المفترض أن تقوم بقراءة المختصر/النبذة (Abstract) أولاً لمعرفة ما إذا كانت مناسبة لك و ذات علاقة بما تريد القيام به في مجالك أم لا. إذا وجدت أنه من المحتمل أن يكون لها علاقة، قم بقراءة الخاتمة (Conclusion). إذا اتضح لك بعد ذلك أن هذا المصدر العلمي سيفيدك قم بقراءة بقية الورقة العلمية/الكتاب/المصدر.
٦. قم بحصر المواضيع المقترحة و المشاكل في مجال البحث العلمي
أثناء قراءتك للمصادر المختلفة، قم بحصر مجالات البحث المستقبلية (Future Work/Suggested Work) التي اقترح الباحثون في المجال النظر إليها و البحث فيها مستقبلاً. أيضاً، قم بحصر المشاكل المختلفة المذكورة في مجال البحث.
أثناء قراءتك للمصادر المختلفة، يفضّل أن تقوم بحصر المواضيع المقترحة للبحث و المشاكل في مجال البحث في مستند نصي مخصص. لكل منهما وضّح التالي:
- عنوان المشكلة أو الموضوع المقترح.
- مختصر مفيد يوضّح المشكلة و سبب حدوثها أو الموضوع المقترح و لماذا تم إقتراح البحث فيه (مالفجوة هنا؟).
- المصادر العلمية التي تحدّثت عن المشكلة/الموضوع المقترح و أي من الباحثين ذكر المشكلة/الموضوع المقترح و من غيره أشار لها أو أيّده في ماذكره.
- الدراسات العلمية المختلفة التي حاول من خلالها الباحثين التركيز على هذه المشكلة لحلها أو التركيز على الموضوع المقترح للإسهام في تغطيته.
- إبحث عن الحلول لكل مشكلة من المشاكل و وضّح التالي:
- الحلول التي قامت بحل المشكلة أو الإجابة عليها بشكل فعّال (الحل فعّال).
- الحلول التي قامت بحل المشكلة أو الإجابة عليها لكنها تسببت في ظهور مشاكل إضافية أو سلبيات أخرى (الحل فعّال بشكل جزئي أو غير فعّال).
- الحلول التي حاولت أن تحلّ المشكلة و لكنها لم تتمكن من حلها (المشكلة مازالت تحتاج لحلّ).
- عدم وجود أي حلول من الأساس لمشكلة ما (المشكلة موجودة لكن لم يحاول أحد حلها من قبل).
٧. حدد مشاكل البحث العلمي و المواضيع المقترحة التي مازالت قائمة
بعد القيام بكل الخطوات السابقة من المفترض أن تكون لديك قائمة بالمشاكل و المواضيع التي من المقترح فيها. من خلال هذه القائمة من المفترض أنك ستستطيع إزالة المشاكل التي تم حلها بشكل فعّال و المواضيع المقترحة التي سبقك في البحث فيها و دراستها الآخرين.
في الغالب، إذا ما اتبعت الخطوات السابقة بشكل سليم و دقيق، سيتبقى لديك عدد من المشاكل التي لازالت لم تُحلّ كلياً و ربما عدد من المواضيع المقترحة و التي يمكن البحث فيها لأنها تحاول إثبات شئ جديد، الإجابة على سؤال، أو الوصول لمعلومة ما.