كثيرًا ما نسمع عن علم النفس وعن الطب النفسي، ولكن كثيرًا منا يجهل الفرق بينهما، وقد يتداخل على الكثيرين هذين الفرعين، فيظنوا مُخطئين أن الفرعين هما شيء واحد! وعلى الرغم من أن كلًا من الطبيب النفسي والمرشد النفسي لهما دورًا كبيرًا في مساعدة الأشخاص في أن يعيشوا بشكل أفضل، لكن الفرق شاسع بينهما، لذلك دعونا نتعرف على كل منهم وما دورهما في مساعدة الأشخاص على الصعيد النفسي.
أولًا: الطب النفسي«Psychiatry»:
الطب النفسي هو فرع من فروع الطب التي تهتم بفهم وتقييم وتشخيص وعلاج الاضطرابات العقلية، ويمكن لهذه الاضطرابات أن تشمل المشاعر والسلوك والتصورات والإدراك وطريقة التفكير، وهو أحد التخصصات الأكثر تنوعًا، والمثيرة للاهتمام في مجال الطب، وتختلف نظرة الأطباء للمريض بنظرة فريدة من نوعها.
الذين يعملون بهذا المجال يسمون الأطباء النفسيين «Psychiatrists»، وهم أطباء بشريون «Medical Doctors-MDs»، يتخرجون من كلية الطب، إضافة إلى عام كامل من التدريب الطبي، ويقضون ثلاث إلى أربع سنوات كأطباء مقيمين في المستشفيات لتقييم وعلاج اضطرابات الصحة العقلية، وبعد ذلك، يعمل الأطباء النفسيين في عدد من الأماكن المختلفة بما في ذلك المستشفيات وبيوت الناس الخاصة والمراكز السكنية ودور المسنين وحتى في السجون.
ولأن الأطباء النفسيين يتم تدريبهم كأطباء أولًا قبل أن يتخصصوا في هذا المجال، فإنهم هم «الوحيدين» الذين لديهم الرخصة لكتابة وصفات طبية «روشتة طبية» لعلاج الاضطرابات النفسية مثل الفصام، الاكتئاب، والقلق، واضطراب ثنائي القطب «ADHD» وغيرها، والعديد منها يمكن علاجه بفعالية بأدوية محددة. لذلك إذا كنت تتعامل مع طبيب نفسي، فإن الكثير من العلاج يرتكز في الأساس على الأدوية الموصوفة.
ثانيًا علم النفس «Psychology»:
علم النفس هو الدراسة العلمية للعقل البشري والسلوك، مثل: كيف نفكر، ونشعر، ونتصرف ونتفاعل كأفراد وجماعات. يهتم علم النفس بجميع جوانب السلوك والأفكار والمشاعر والدوافع الكامنة وراء هذا السلوك، والذين يعملون بهذا المجال يسمّون «علماء النفس أو الأخصائيون النفسيون-Psychologist»، وهم من المفترض أن لديهم درجة الدكتوراه في مجال علم النفس ودراسة العقل والسلوك البشري، ويمكن أن يكونوا حاصلين أيضًا على درجة الدكتوراه في الفلسفة أو في علم النفس الإكلينيكي أو المشورة أو الإرشاد، لكنهم ليسوا أطباءً.
علماء النفس مؤهلون للقيام بالإرشاد والعلاج النفسي، أداء الاختبارات النفسية، وتوفير العلاج للاضطرابات العقلية، على الرغم من ذلك ليسوا أطباءً، وهذا يعني أنه باستثناء عدد قليل من الحالات فإن الأخصائيين النفسيين غير مُصرح لهم بكتابة الوصفات الطبية أو تنفيذ الإجراءات الطبية. في كثير من الأحيان يعمل الأخصائي النفسي بالتعاون مع الطبيب النفسي أو الطبيب الآخر الذي يقدم العلاج الطبي للأمراض العقلية، في حين يوفر الأخصائي النفسي العلاج النفسي.
يستخدم الأخصائي النفسي طرق عديدة للعلاج منها العلاج المعرفي والسلوكي «Cognitive and Behavioral Therapy»، والاختبار التحليلي «Analytical Testing»، وتقنيات حل المشكلات «Problem-solving Techniques»، ويختلف علماء النفس على حسب أماكن عملهم، فهناك أخصائي نفسي تعليمي ومكانه في المدارس، وأخصائي نفسي عصبي ووظيفته تأهيل المرضى العقليين ومساعدتهم على التكييف مع مرضهم.
عادة ما يتم تدريب كلًا من الأطباء النفسيين وعلماء النفس لممارسة العلاج النفسي عن طريق الحديث مع مرضاهم عن مشاكلهم، ولكن الاختلافات في الأسلوب والتدريب يُترجم إلى مناهج مختلفة في حل مشاكلك الصحية العقلية.
المريض قد يتابع بانتظام مع الطبيب النفسي الذي يقوم بتشخيص المرض النفسي ووصف ومراقبة الأدوية، بالإضافة إلى أنه من الممكن للمريض أن يتابع على التوازي مع الأخصائي النفسي لمعالجة أنماط سلوكية معينة، وهكذا على التوازي يعمل الطب النفسي وعلم النفس جنبًا إلى جنب لعلاج أعراض المريض سواء من الناحية السلوكية والإكلنيكية ويشتركان في هدفٍ واحد وهو مساعدة الناس في أن يعيشوا بشكل أفضل
لكن بالطبع الأنواع الخطيرة من مشاكل الصحة العقلية، مثل الاكتئاب الشديد، واضطراب ثنائي القطب، أو انفصام الشخصية، حيث قد تكون أعراض جسدية شديدة، وقد يكون من الصعب أن تهتم بأمورك بنفسك، فإنه يجب اللجوء للأطباء النفسيين عمومًا؛ حيث أنه لديهم المزيد من خيارات التدريب والعلاجات الرسمية المتاحة.
المثال التالي:
علماء النفس ينظرون عن كثب في سلوكك، فإذا كنت تعاني من الاكتئاب، ولا يمكنك الخروج من السرير، إذن فإنه يوجد تفعيل سلوكي، ودور الأخصائي النفسي هو أن يقوم بتتبع أنماط النوم، وأنماط الأكل، والأفكار السلبية التي يمكن أن تسبب أو تساهم في هذه المشكلة.
أما الأطباء النفسيون فلديهم اهتمام أقوى بيبولوجيا الجسم والكيمياء العصبية، فإن تشخيصهم سيكون مبني أولاً على استثناء الأمراض العضوية الأخرى، فعلى سبيل المثال، قبل أن يتم تشخيص مريض ما بأنه مصاب بالاكتئاب، لابد أن نتأكد من أنها ليست نتيجة لنقص بعض الفيتامينات أو مشاكل الغدة الدرقية، بمجرد أن يصلوا إلى أن التشخيص مرتبط بالصحة العقلية، فإنهم يبدأون عادة بوصف الأدوية المناسبة المضادة للاكتئاب.