لاشك في أن كل فرد في المجتمع يسعى للنجاح في حياته، فهذه الكلمة السحرية جعلت من الكثيرين يبذلون قصارى جهدهم للحصول عليها، لكن نادراً ما نرى أشخاصاً مثابرين في كل حياتهم، فالمثابرة والجد والاجتهاد هي صفات يتميز بها قلة من الناس.. على أنها ليست صفة غير قابلة للاكتساب بل هي صفة سهلة وسلسة وطيعة، بحيث أن بإمكان أي شخص يقبض عليها ويجعلها من صفاته المميزة.
وبالطبع فإن النجاح عادة يرتبط في أذهاننا بالدراسة، فهي الخطوة الأولى وبداية السلم كما يقال. ولذلك فإن الكثير من الكتاب وضعوا بحوثهم ودراساتهم لمعرفة الوسائل الصحيحة والطرق السليمة للنجاح سواء في الحياة العامة أو الحياة الدراسية.
وبين يدينا كتاب ثمين يحاول أن يضع الفرد في الطريق الصحيح نحو النجاح في كتاب (خطوات النجاح الدراسي والجامعي) لمؤلفه خالد العثمان، وهو كتاب يضم العديد من الخطوات التي ينبغي على الطالب الذي يسعى للنجاح في دراسته الجامعية أن يتبعها. وعلى الرغم من أن هذه الخطوات ليست قانوناً نهائياً إلا أنها من غير شك تساعد بشكل كبير في السيطرة على الحياة العملية للطالب الجامعي وتدفعه نحو اختيار الأسلوب الأمثل للنجاح، وهذه الخطوات بمثابة المفتاح الذي يدخل من خلاله إلى غرف الحياة الجامعية بطريقة سلسلة ومرنة، ومعلومات ضرورية للتعرف على بعض الأسرار الجامعية.
ويحاول الكتاب أن يفرق بين الطالب في مرحلة الثانوية وبين الطالب الجامعي، كون المرحلة الجامعية مفترق طرق، فبعد أن تعود الطالب على نظام معين في الدراسة والحصص والمذاكرة، فإنه يدخل إلى عالم آخر يختلف كثيراً عن العالم السابق.
و يتحدث الكاتب في مقدمته عن جوانب عدة يتعرض لها الطالب الجامعي في بداية تسجيله في الجامعة منها اختفاء الموجه الذي يساعد الطالب في اتخاذ قراراته الدراسية في هذه المرحلة. وكذلك اختلاف طريقة التعلم بين المرحلة الثانوية والجامعية.. هذه الجوانب لاتفرض نفسها – بحسب المؤلف- كل على حدة بل تتشابك ويتعلق بعضها بالبعض الآخر، وأي خلل يصيب أيا منها يؤثرعلى الجوانب الأخرى.
ويستعرض الكتاب في الفصل الأول العديد من النقاط الهامة تحت عنوان “الاستعداد للدراسة” ويضع تحتها ثماني نقاط يشرحها بأسلوب مبسط ليستطيع الطالب الجامعي السير معها خطوة بخطوة، وهي كالتالي:
1- الهدف من التعلم.
2- استثارة الحوافز.
3- الدرجات.
4- مكان الدراسة والتجهيزات الخاصة به.
5- ملف التحويل .
6- المطلوب معرفته عن المواد الدراسية.
7- التعامل مع المدرسين .
8- المهارات المطلوبة.
ويحاول الكاتب إيضاح هذه النقاط عبر أسلوب مشوق يعتمد على الحوار، وهو الأسلوب الذي اتبعه في كل الكتاب، من خلال شخصيتين الأولى شخصية الدكتور عبدالله الأستاذ الجامعي، والثانية شخصية الطالب المستجد أحمد الذي يستفسر عن كل شيء.
في نقطة ملف التحويل على سبيل المثال يسأل الأستاذ الطالب بقوله: كيف ستدون محاضراتك؟ فيجيب أحمد بقوله: كما كنت أدونها في المرحلة الثانوية في دفتر كبير.. وجزأته بفواصل ملونة بعدد المواد الدراسية، ولكني سأضطر بلا شك إلى إزالة بعض الأوراق منه أو لصق أوراق أخرى مطبوعة عليه، وعلى مايبدو سيصبح شكله رثاً بعد شهر أو اثنين؟!
ويجيب عنه الأستاذ بكل حنو ولباقة بخطأ هذا المنهج ويشرح له الطريقة الصحيحة في التعامل مع الدرس الجامعي.
وعلى هذا النحو يمضي المؤلف في حواراته المفترضة بين الأستاذ والطالب بحيث يقوم الأستاذ بشرح الغوامض عليه. وينتقل من نقطة إلى أخرى، وبخصوص التعامل مع المدرسين يشرح له كيف يتعامل الأستاذ بطريقة عادية وشفافة مع الطالب بحيث يشعره كأنه مثله، كان يوماً طالباً ولذلك فهو يفهم شعوره وأحاسيسه.
الفصل الثاني جاء بعنوان (الطالب والوقت)، تحدث فيه المؤلف عن العديد من الأمور منها أهمية الوقت وصفاته وتنظيم الوقت ومنه قسم الوقت حسب أنظمة مجدولة بجدول مناسب للطالب ووضع جدول آخر مرن لكي يستطيع التصرف في الحالات الطارئة وكذلك وضع وقت للمذاكرة وغيرها مركزاً على أهمية الالتزام بالجدول لكي يستطيع الطالب المحافظة على وقته وإنهاء برامجه في فترة يسيطرعليها.
أما الفصل الثالث فجاء بعنوان (الطالب والذاكرة) ركز فيه المؤلف على أهمية الذاكرة وصنفها إلى عدة أصناف منها الذاكرة المؤقتة ومنها الدائمة ووضع طرقاً لتحسين مستوى الذاكرة أهمها الانتباه بحيث يركز الطالب على طريقة الشرح والمذاكرة بأسلوب يجعله يعيش في جو الدرس ويستوعبه ولا يفوته أي شيء منه، ومن ثم ينتقل إلى خاصية أخرى وهو الاختيار والترتيب وكذلك المراجعة ومن ثم التطبيق.
ويعتقد المؤلف أن هذه الوسائل ناجحة في مساعدة الطالب على الحفظ السليم وجعل ذاكرته قوية ومستوعبة للموضوع.
ويختتم المؤلف هذا الفصل بقوله: لقد وجد الطالب الذي ينام مباشرة بعد مذاكرته اليومية سواء كانت تحضيراً لدرس أو إعداداً لاختبار ولمدة كافية فإنه في اليوم التالي يستطيع أن يتذكر كل أو معظم ماذاكره في ليلته الماضية ومقدار النسيان إن وجد فسيكون قليلا يستطيع أن يتغلب عليه بالمراجعة السريعة.
الفصل الرابع جاء بعنوان (مراحل القراءة الصحيحة) وفيه ناقش المؤلف ستة مواضيع جاءت كالتالي:
1- النظرة العامة على الكتاب.
2- إثارة الأسئلة .
3- القراءة .
4- وضع الخطوط والملاحظات الهامشية.
5- التذكر.
6- المراجعة.
وشرح المؤلف كل هذه الطرق بأسلوب مبسط كعادته يستطيع الطالب من خلاله التعرف على خطوات القراءة أولاً بأول، ففي باب إثارة الأسئلة يضع المؤلف بعض العلامات والأسئلة المهمة التي عادة تتعرض لها المواضيع المختلف في الدروس الجامعية من قبيل ما النقطة الأساسية التي يريد أن يقولها المؤلف؟ ولماذا هامة؟ وهل لهذه المعلومة علاقة مباشرة بموضوع الدرس؟
ومن خلال هذه الأسئلة يستطيع الطالب الحصول على إجابات تجعله يتابع الدرس بطريقة ناجحة.
الفصل الخامس بعنوان (التعامل مع الفقرات) يتحدث فيه المؤلف عن العديد من المواضيع الخاصة بهذا الفصل مثل أجزاء الفقرات وأنواع المعلومات المساعدة وسؤال أين الفكرة الأساسية؟ والأدلة على الفكرة الأساسية والمعلومات المساعدة وكذلك العلاقة بين الفقرات والاستدلال.
ويضع المؤلف في هذا الفصل تساؤلاً تحت عنوان فرعي “أين الفكرة الأساسية؟” ويجيب بأن لهذا السؤال أهمية كبيرة، حيث إن معرفة الطالب بالفكرة الأساسية لموضوع ما يهيؤه لتوقع الكلمات والعبارات والمعلومات التي تدور في فلك هذا الموضوع. ويستنتج من ذلك قوله لذلك كان التعرف على مكان الفكرة الأساسية من الفقرة سبب في تسهيل استيعابها وتذكرها.
الفصل السادس بعنوان (فن الاستماع) تحدث فيه عن أهمية الاستماع والأسس الصحيحة للاستماع ومنها تحضير الدرس والتركيز والتأقلم مع المتحدث وكذلك أهمية السؤال بغير التساؤلات قد يكون هناك بعض الأفكار التي تحتاج إلى مناقشة وإذا دفنها في مخيلته فإن كثيراً من الأمور قد تتعلق أهميتها على هذا التساؤل.
الفصل السابع (كتابة المحاضرات) وفيه طرح العديد من النقاط منها أهمية كتابة المحاضرات وفن كتابة المحاضرات ومنها التحضير للدرس وكتابة الأمور المهمة وتجنب الأشياء التافهة تحت قاعدة لا تكتب كل مايقال. وقاعدة أخرى تقول أترك فراغ أو هامش بين السطور. وغيرها من القواعد الهامة.
الفصل الثامن (استعمال المكتبة) وفيه يرى المؤلف أهمية استعمال المكتبة لكل طالب جامعي، فهو يقول: إن الجامعات والمؤسسات التعليمية الأخرى تحرص على وجود المكتبات الخاصة بها، وذلك للأهمية التي تتمتع بها المكتبة، حيث أن أحد أهداف التعليم عامة والتعليم الجامعي خاصة هو كيفية الوصول للمعلومات المناسبة بأقل جهد مكن، وبنك المعلومات والعنصر الهام في هذه العملية هو المكتبة.
وفي هذا الباب تتفرع عدة أمور في كيفية التعامل مع المكتبة منها عنوان خاص بطاقات الفهرسة بحيث يكون هناك بطاقة لكل كتاب يحوي المعلومات الهامة عنه و(بطاقات الإحالة) وهي طريقة يتعرف من خلالها الطالب على كيفية إحالة عنوان إلى عنوان آخر كأن يقول (انظر عبدالله بن أحمد بن قدامة المقدسي).
كما يتحدث المؤلف عن خدمات المكتبة الأخرى غير توفير الكتب والدوريات والنشرات الصحفية، ومنها الإعارة والتصوير ووجود الوسائل السمعية والبصرية ومعارض الكتب والمحاضرات.
الفصل التاسع بعنوان (كتابة البحوث) وفيه يتحدث عن اختيار موضوع البحث والبحث عن مصادر المعلومات ووضع الخطة الأولية وتدوين المعلومات ووضع الخطة النهائية وكتابة المسودة ومن ثم كتابة البحث كخطوة نهائية وكذلك توثيق المراجع.
أما الفصل العاشر والأخير فهو بعنوان (الاختبارات) وفيه يتحدث عن التحضير للاختبار وأنواع أسئلة الاختبارات ويفرعها إلى ثلاثة فروع:
1- أسئلة معرفة الإجابة الصحيحة.
2- أسئلة الشرح والتفصيل.
3- أسئلة المسألة والحل.
ومن ثم يتحدث عن مراجعة ورقة الاختبار. ويؤكد في خاتمة الفصل على أنه تجب العناية بأوراق الاختبارات بوضعها في ملف خاص ويفضل أن يكون كبيراً يمك إضافة أو إزالة أي ورقة منه بسهولة، وتفضل أوراق اختبارات المواد الدراسية المختلفة عن بعضها البعض بفواصل ورقية يكتب عليها اسم المادة وتاريخ الاختبار وأي ملاحظات أخرى.
وعلى أن هذا الكتاب مليء بالمعلومات والتفصيلات الصغيرة حول الكثير من الأمور التي تخص الطالب الجامعي، إلا أنها تحتوي أيضاً على أخلاقيات كثيرة في فن التعامل مع الأستاذ وكيفية الاستفادة من الوقت وكيفية التعرف على المناهج وغيرها من الأمور المهمة للطالب الجامعي، الذي يعيش الحياة الجامعية لأول مرة، فهي حياة مليئة بالأسرار والغموض بالنسبة لطالب الثانوية وما عليه سوى الصبر والتقيد بالأنظمة وحضور الذهن والتعرف على الجامعة بطريقة صحيحة واتباع الإرشادات الهامة في كل خطوة، وهذا الكتاب يقوده نحو النجاح إذا شمر عن ساعديه ودرس بجد ومشى بطريقة صحيحة في التعامل مع الجامعة.