خاطئة هيَ المقولة التي تزعُم أنَّ البشر أجناس، فتارةً يقولون الجنس الساميّ، أو الجنس الأصفر، أو الجنس الآري، والحقّ هوَ أنَّ الشر هُم من ذكرٍ وأنثى وهُم آدم وحوّاء، ثمَّ أصبحت هذهِ الذريّة شعوباً وقبائل فتعارفت فيما بينها، وبإختلاف البلاد تأثّرت هذهِ الذريّة كلّ حسب موطنهِ وجماعته التي بنى فيها مدينته واستقرّ بها، فكانت الألسنة واللغات، وكانَ فيهم الأبيض والأحمر والأصفر والأسمر، ومِن القبائل التي كانت لها الحضور التاريخيّ البارز هُم قبائل المغول الذين سنتحدّث عنهُم وعن التتار أيضاً. من هُم المغول والتتار من الأخطاء التاريخيّة الجسيمة التي وقَع بها كِبار المؤرخّين والذين اعتنوا بعلم البشر هوَ قولهُم بأنَّ المغول والتتار أو التتر هُم شيءٌ واحد، فيقولون أحياناً هجمة التتار على العالم الإسلاميّ أو امبراطورية التتار، ولكن الصواب أنَّ المغول هُم الأصل، وللتوضيح فإننا نستطيع القول أنَّ التتار مغول وليس المغول تتاراً، فالمغول هُم الأصل والتتار فرعٌ منهم، وقد كانَ للتتار دولةٌ قائمة ذات سيادة حتّى سيطرَ عليها وحطّم كيانها الإمبراطور المغوليّ جنكيز خان. والمغول الذين منهُم التتار هُم من سكنوا منطقة منغوليا شمال الصين، وهُم من البدو، وهُم تجمّع قبلي كانوا مشتتين في نزاعات بينهم وصراعات حتّى اجتمع شملهم على يد القائد المغوليّ الذي لم يرى التاريخ المغوليّ أصلب منه وهوَ جنكيز خان. وقد أصبحت للمغول امبراطورية ضخمة وقوّة ضاربة في العالم آنذاك بسبب شجاعة قائدها جنكيز خان، الذي أقام دولة وجعَل لها القوانين، وأصدر كتاباً ليكون دستوراً للدولة وهو كتاب (الياسا) الذي وضعَ فيه الحدود وعلاقات الحاكم بالمحكوم والعقوبات الصارمة، حيث كانَ من يزني يُقتل ومن يكذب يقتل، ومن أطعم أسيراً قُتل، وكانت سياسته صارمةً لا هوادةَ فيها. وقد كانَ المغول من أصلب المقاتلين وأكثرهم شراسة، وقد ساعدهم في ذلك الظروف الصعبة التي نشأوا فيها وأيضاً وعورة أراضيهم، فقد سكنوا الجبل والبراري المقفرة، وسكنوا مواطن الثلوج والأماكن المتجمّدة، وكانوا يأكلون كلّ شيء من الميتة والحيوانات ما هبّ ودبّ، وكانوا يلبسون جلود الحيوانات، ويُقاتلونَ بها نشراً للرعب في صُفوف أعدائهم. وتُعرف أساليب المغول في القتال بأساليب إحداث الصدمة النفسية وإتّباع سياسة الأرض المحروقة، ويتّضح ذلك في دخولهم بغداد وإسقاطهم للخلافة العباسيّة حاضرة الدولة الإسلاميّة، ونشرهم القتل والذبح والتدمير في المدينة، حيث من عادتهم أن يستبيحوا المُدُن التي يقتحموها فلا يدعونَ امرأةً ولا طفلاُ، وقد أحرقوا في بغداد الكتب، وسالت أوديةٌ بقدرها من الدماء ممزوجة بحبر مكتبات الرشيد والمأمون وعِلم الحضارات والأمم، فلا يرعى المغول إلاّ ولا ذمّة فهُم وحوش لا تعرف الرحمة ولا الشفقة، وقد انكسرت شوكتهم على يدِ المماليك الأفذاذ في معركة عين جالوت حينَ انهزم جيشهم وانكسرت شوكة هولاكو وقوّاده المغول وانقلبوا خاسرين.