تتعرض محافظات جنوبي العراق إلى أزمة مياه هي الأكثر سوءا منذ سنوات، وباتت تهدد بتوقف مشاريع المياه الصالحة للشرب، بعد أن أثرت بشكل كبير على جميع الأنشطة الزراعية في المحافظات التي تعتمد على مياه نهري دجلة والفرات.
وتعد محافظة ذي قار (جنوب) أكثر المحافظات تضررا من تدني المنسوب، باعتبارها تقع قبل المحطة الأخيرة التي تستفيد من مياه النهرين قبل وصولها للخليج.
وقالت عضو مجلس محافظة ذي قار أشواق طالب إن أزمة تدني منسوب المياه في النهرين رغم أنها مشكلة عامة تعاني منها أغلب محافظات الجنوب خاصة في ملف الزراعة، فإن ذي قار تعاني بالدرجة الأساس منها في ملف مياه الشرب.
وأضافت أشواق أن الأزمة تهدد بتوقف جميع مشاريع المياه الصالحة للشرب، إضافة إلى محطة الطاقة الكهرومائية التي تأثر إنتاجها من الطاقة بانخفاض منسوب المياه.
توصيات الحكومة
وأوضحت أن مجلس المحافظة عقد اجتماعات قبل أيام بحضور المحافظ ضمن خلية الأزمة المشكلة في المحافظات، ورفع توصيات إلى الحكومة، تتلخص في إلزام المحافظات الواقعة على نهري دجلة والفرات بالالتزام بالحصص المائية المقررة.
ويعتمد العراق في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات وروافدهما، التي تنبع جميعها منتركيا وإيران، وتلتقي قرب مدينة البصرة (جنوب) لتشكل شط العرب، الذي يصب في الخليج العربي.
بدورها، قالت محافظة ميسان (جنوبي العراق) إن أزمة شح مياه نهر دجلة الذي يمر بالمحافظة، ستوثر بشكل مباشر على زراعة نحو مليون ونصف المليون دونم (الدونم ألف متر) من الأراضي الزراعية خلال الموسم الزراعي المقبل.
وقال عضو مجلس محافظة ميسان راهي البزوني لوكالة أنباء الأناضول إن المحافظة تعاني من نقص شديد في الإيرادات المائية من نهر دجلة، والذي يتم الاعتماد عليه بشكل أساسي من مشاريع المياه الصالحة للشرب، وكذلك إرواء الأراضي الزراعية التي تقدر بنحو مليون ونصف مليون دونم.
وأوضح البزوني، أن هناك عدم التزام بالحصص المائية المقررة من قبل وزارة الموارد المائية لعدد من المحافظات، ومنها واسط وذي قار، وأضاف أن القضاء هو الفيصل في تجاوز المحافظات للحصص المائية.
آثار سلبية
ولم تخف وزارة الموارد المائية مخاوفها من أزمة المياه التي تضرب محافظات الوسط والجنوب، لكنها توقعت أن تبرز الآثار السلبية للأزمة في الموسم الزراعي الصيف القادم.
من جانبه، قال وزير الموارد المائية حسن الجنابي إن القلق يتمحور حول الموسم الصيفي القادم، وسيعتمد على نجاح الاتفاق المقترح من قبل تركيا حول سد أليسو، وأضاف أنهم لم يفقدوا الأمل خاصة إذا تم التعاون وتطبيق القانون بين المحافظات في الالتزام بالحصص المائية المقررة.
واتفق العراق وتركيا في مارس/آذار 2017 على تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بينهما في 2014، والتي تضمنت 12 فقرة، أبرزها التعاون في مجال إدارة الموارد المائية لنهري دجلة والفرات، وتحديد الحصة المائية لكل دولة في مياه النهرين، بالإضافة إلى أهمية تقييم الموارد المائية وزيادة استخدام المياه في المجالات الزراعية والصناعية وما يتعلق بمياه الشرب.
وفاقم أزمة شح مياه نهري دجلة والفرات مشكلة التلوث بأغلب المحافظات الجنوبية، حيث تصل ذروتها في محافظة البصرة ومناطق الأهوار الجنوبية، التي أصبحت مقرا للملوثات الصناعية، وذلك نتيجة رداءة المياه التي تصل بعد أن تمر بعدد كبير من المناطق، فضلا عن قلة الإطلاقات المائية التي تصل إلى الأهوار.
وتعد الأنهار في العراق المصدر الرئيسي للمياه، وتليها بدرجة أقل مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتقدر كمية مياه الأنهار في العراق بنحو 77 مليار متر مكعب سنويا، في المواسم الجيدة، ونحو 44 مليار متر مكعب سنويا في مواسم الجفاف، في حين يقدر إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في العراق بنحو 53 مليار متر مكعب سنويا، مما يعني حدوث عجز في السنين الجافة التي تشهد تناقص مياه الأنهار.