محاضرة الحلقة النقاشية ” دور الجامعة في النهوض والارتقاء بالمجتمع ” / للأستاذ الدكتور : حيدر صبري الخيقاني

محاضرة الحلقة النقاشية التي ألقيت في قاعة سيد الشهداء يوم الثلاثاء 13 اذار 2018

التي تحمل عنوان :

“دور الجامعة في النهوض والارتقاء بالمجتمع”

أ. د. حيدر صبري شاكر الخيقاني

كلية التربية للعلوم الانسانية- قسم التاريخ

 

تعد الجامعة من المؤسسات العلمية المهمة في المجتمع ومن اهم واجباتها التعليم ومنح الخريجين شهادات اكاديمية في اختصاصات مختلفة تؤهلهم للعمل في مؤسسات الدولة بعد اجتيازهم الاختبارات التي تحددها، اضافة الى ذلك فان الجامعة تتولى في مراكزها البحثية القيام بالأبحاث العلمية التي تسخر لخدمة الدولة والمجتمع بشكل عام، وقد اصبح من مهام الجامعات منذ أواخر القرن الماضي مهمة المساهمة في تقديم الخدمة المجتمعية بشكل مباشر. وعلى الرغم من ان الاماكن المخصصة للتعليم قد ذكرت للمرة الاولى في الكتابات التي تعود للحضارة اليونانية، والسومرية، والمصرية، الا ان المؤسسات التعليمية الاكثر تطورا نسبيا ظهرت للمرة الاولى في البلاد العربية منذ القرن التاسع الميلادي ولعل من أقدمها جامع القرويين في المغرب الذي أسس عام (859) ميلادية وجامع الازهر في مصر(970) ميلادية، اما الجامعات بمفهومها الحالي فقد ظهرت في اوربا منذ أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، وتعد جامعة بولونيا في ايطاليا التي تأسست عام (1088) ميلادية اقدم الجامعات في اوربا، وتأسست بعدها جامعات عدة في الدول الاوربية الاخرى.

ونظرا للأهمية الكبيرة التي يمكن ان تقوم بها الجامعة من اجل المساهمة في النهوض والارتقاء بالمجتمع فقد خصصت هذه المحاضرة لهذا الغرض من اجل توضيح الدور الذي ينبغي ان تقوم به جامعاتنا من اجل تغيير واقع المجتمع نحو الافضل عن طريق ايجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها افراده، وتعزيز الجوانب الايجابية الموجودة بداخله، والتصدي للتحديات الداخلية والخارجية التي تواجه افراده، والارتقاء بمؤسساته كافة. وعلى الرغم من الدور الكبير الذي يقع على عاتق اساتذة الجامعات في تولي تلك المهمة الا ان هذه المهمة لا تقع على عاتقهم فقط بل يتحملها ايضا الموظفين والطلبة في تلك الجامعات كونهم يمثلون شريحة مهمة من مكونات النظام التعليمي الجامعي.

هناك مجموعة من الاجراءات يمكن للجامعة اتخاذها للمساهمة في النهوض والارتقاء بالمجتمع ومنها:

  • مساهمة الجامعة في حل مشاكل المجتمع عن طريق قيام الباحثين بتحديد تلك المشاكل ووضع حلول علمية مناسبة لها من خلال العمل الميداني المباشر داخل المجتمع، وكذلك عن طريق الدراسات الاكاديمية الرصينة التي يمكن ان تطبق على ارض الواقع، وحث السلطات التنفيذية والتشريعية على ضرورة اصدار قوانين وتشريعات تلزم المؤسسات الحكومية بالرجوع الى نتائج تلك الدراسات والاستفادة منها في حل تلك المشاكل، وعلى سبيل المثال هناك مشاكل عدة يعاني منها المجتمع ومنها:

أ– مشاكل اجتماعية مثل:(( مشاكل الشباب، ومشاكل كبار السن، ومشاكل المرأة، ومشاكل الاطفال والمراهقين، ومشاكل الايتام والارامل، ومشاكل تصحيح بعض العادات والتقاليد الاجتماعية غير الصحيحة …. الخ)).

ب- مشاكل اقتصادية مثل:( الفقر، البطالة، التعيينات للخريجين، دور القطاع الخاص في الاقتصاد، الترهل في القطاع العام…الخ)).

ج- مشاكل سياسية ومنها:(( أهمية مشاركة المواطن في العملية السياسية، وتوعية افراد المجتمع وتعريفهم بحقوقهم السياسية، وتنمية الشعور الوطني لديهم بما يخدم مصلحة البلاد، ….. الخ)).

2- من واجبات الجامعة توعية افراد المجتمع وحثهم على اتباع الوسائل والطرق العلمية والقانونية في حل المشاكل التي تواجههم وعدم اللجوء الى الخرافات والسحر والشعوذة، والعنف، في ايجاد حل لها.

3- التأكيد على أهمية قيام الجامعة بحث ابناء المجتمع على الالتزام بالسلوك الحضاري والابتعاد عن السلوك غير الحضاري الموجود لدى بعض الافراد، والتأكيد على ( الالتزام بآداب السلوك، والاهتمام بالنظافة، والمحافظة على القيم الاجتماعية النبيلة).

4-  أهمية قيام الجامعة بنشر الافكار الديمقراطية بين ابناء المجتمع وحثهم على احترام الرأي الاخر، والتقبل بالنقد البناء، والاعتراض بشكل سليم على الآراء التي تخالف آرائهم، والتعامل بشكل ايجابي مع اصحاب القوميات والاديان الاخرى وتفهم طبيعة التكوين الديموغرافي لسكان البلاد.

5- من واجبات الجامعة تنمية الروح الانسانية لدى افراد المجتمع، وخير حكمة يمكن ان نذكرها هنا هي مقولة لاحد الحكماء مفادها(( ان كنت تشعر بالألم فأنت حي، أما ان كنت تشعر بألم الاخرين فأنت أنسان))، لان الشعور الانساني يعزز من قوة المجتمع والارتقاء به.

6- ضرورة المساهمة الفعالة للجامعة في تقدم المجتمع عن طريق تقديم النصح والمشورة  للمؤسسات الحكومية والاهلية وتنظيم وتنفيذ البرامج التدريبية والتأهيلية للعاملين في القطاع العام والخاص على السواء. لان من الواجبات المهمة للجامعة تزويد المجتمع بالكوادر العاملة المدربة بما يتناسب مع طبيعة الحياة العامة في البلاد من اجل خدمة المجتمع.

7- من الضروري ان يكون للأستاذ الجامعي دورا كبيرا خارج الجامعة بالإضافة الى دوره داخل الجامعة، لأنه ليس جميع افراد المجتمع هم طلاب جامعات، ويمكنه تحقيق ذلك من خلال مشاركته في الخدمة المجتمعية، وهناك مجالات عدة يمكن من خلالها القيام بذلك ومنها المشاركة في منظمات المجتمع المدني التي تسعى للنهوض بالمجتمع، والمشاركة في البرامج التلفزيونية الهادفة، ومساهمته في كتابة المقالات ونشرها في المجلات والصحف وعلى المواقع المهمة في شبكة المعلومات العالمية(الانترنيت)، ورعايته للنشاطات المجتمعية التي يقوم بها بعض الافراد وتقديمه المشورة والنصح لهم من اجل تحقيق غاياتها التي تصب في صالح المجتمع، لان رسالة التعليم لا تنحصر فقط داخل الجامعة.

8- من الواجبات المهمة للجامعة ترسيخ الروح الوطنية لدى افراد المجتمع عن طريق توعية المواطنين بالقيم الوطنية النبيلة وتذكيرهم بتاريخهم العريق وانجازات اسلافهم وحثهم على التصدي لكل المحاولات يمكن ان تسيء الى سمعة البلاد.

9- أهمية ان تقوم الجامعة بتوعية افراد المجتمع بضرورة الالتزام بالقوانين والتشريعات الحكومية التي تصب في  خدمتهم، وعدم نقدها بشكل غير صحيح بما يسيء الى سمعة البلاد.

10- ضرورة قيام الجامعة بتقديم برامج تثقيفية للطلبة من خلال اقامة المؤتمرات والندوات والمحاضرات التوجيهية وحثهم فيها على نشر الوعي الثقافي داخل المجتمع، لان الطلبة يمثلون شريحة مهمة قادرة على التأثير في المجتمع كونهم من فئة الشباب وحاصلين على تعليم اكاديمي جيد اضافة الى اعدادهم الكبيرة.

11- ضرورة ان تقوم الجامعة بغرس روح الامل والتفاؤل بين افراد المجتمع وحثهم على التفاعل الايجابي مع بعضهم وعلى القيام بدورهم من أجل تغيير الواقع نحو الافضل وعدم الاستسلام الى اليأس او ترك البلاد والهجرة الى خارجها، لان أفضل طريقة لتغيير واقع المجتمع نحو الافضل هي مواجهة المشاكل التي تعيق عجلة تقدمة وحلها.